جائحة (كورونا) العالمية: اختبار حقيقي لاستراتيجيات التعليم وقت الطوارئ بالمنطقة العربية

رام الله - دنيا الوطن
عرف العالم خلال الأشهر الأخيرة انتشاراً متسارعاً لفيروس كورونا  ( (COVID-19، ارتقى حسب تصنيف المنظمة العالمية للصحة إلى مستوى الجائحة بوقت قياسي قصير لم تشهده مثيلاتها من الأزمات الصحية العالمية، مما أثر على أكثر من (1.52) مليار متعلم في العالم، بالإضافة لفرض إغلاق المدارس والجامعات في  165 دولة، حيث أدى هذا الإغلاق لتضرر 87% من إجمالي عدد الطلاب في العالم، وهذه الإحصائيات في تزايد مستمر كل لحظة [1].

وكغيرها من مناطق العالم، لم تكن البلدان العربية حالة استثنائية بعيده عن هذه الأزمة العالمية المستجدة، حيث شملها خطر هذه الجائحة، وتأثرت بسبب ذلك جميع مظاهر الحياة لشعوب المنطقة، مما أدى إلى توقف العملية التعليمية بالكامل، وحرمان ملايين الطلبة والمعلمين من الوصول لمدارسهم ومؤسساتهم التعليمة.

وبالرغم من تعرض المنطقة العربية خلال العقد الأخير لكثير من الأزمات والصراعات، والتي أدت إلى تدمير الكثير من المكتسبات التنموية لشعوب ودول المنطقة، وبروز حاجات إنسانية كبيرة في صفوف ملايين الناس خاصة النازحين الذي بلغت نسبتهم في المنطقة ما يوازي ربع النازحين قسراً في العالم، إلا أن جائحة (كورونا) خلقت تحدياُ خطيراً من نوع جديد ومختلف عن باقي الأزمات التي شهدها العالم العربي، وخاصة لقطاع التعليم والعاملين فيه. فوفق التقديرات الأولية، أثرت هذه الأزمة الحالية على سير العملية التعليمية لنحو (50) مليون طالب في المنطقة العربية وهذا العدد مرجح للزيادة في كل لحظة.

وتري الحملة أنه بالرغم من حالة الإرباك والخوف والخطر التي فرضتها هذه الأزمة، إلا أنها تحمل في ثناياها فرصاً " لاختبار أنظمة تعليم جديدة، بالإضافة لفتح المجال للتفكير بجدية وبعمق في مستقبل التعليم، ووضع التكنولوجيا في خدمة التعلم والتعليم، خصوصاُ في حالات الطوارئ " وهذا ما تحاول الحملة العربية للتعليم للجميع المساهمة فيه من خلال فتح الحوار في كل الاتجاهات ومع كافة الأطراف لإعادة التفكير مجدداُ بقضايا التعليم تحت وطأة أزمة جائحة (كورونا) العالمية وما سينتج عنها من تجارب ونتائج وخبرات.

إن الحملة العربية للتعليم للجميع – آكيا، باعتبارها حركة تربوية - تنويرية متجذرة في بعدها الوطني والإقليمي، ومنفتحة على محيطها الإنساني، إذ تثمن الجهود المبذولة في هذه الظروف الاستثنائية، فإنها تدعو  كافة الأطراف إلى :

1)      إعادة النظر بعمق في تعريف مفهوم ومصطلح " التعليم وقت الطوارئ و الأزمات "، والذي كان لوقت قصير ، وقبل هذه الأزمة يقتصر عموماً على البلدان والمناطق التي هي تحت الهيمنة الاستعمارية أو التي تشهد حروب أهلية أو نزاعات مسلحة.

2)      مراجعة المقاربات حول "المدرسة" وطرح الأسئلة الحقيقية التي تعالج الأدوار التي يمكن أن تلعبها مستقبلا من خلال إجراء مراجعات شاملة لبرامجها لتكون مخرجاتها الاجتماعية أداة للتضامن الوطني والدولي.

3)      اعتبار "المتعلم" الحلقة الأضعف في المنظومة التعليمية، وبالتالي العمل على حمايته، وضمان حقوقه، والبحث عن إمكانيات الوصول إلى الفئات الضعيفة من أجل ضمان تحقيق الركائز الثلاث للتعليم، وهي (الوصول والنفاذ للجميع، جودة التعليم، تعزيز النظام التعليمي).

4)      اعتماد المقاربة التشاركية في وضع الاستراتيجيات المرتبطة بالتعليم وقت الطوارئ، وذلك بإشراك كافة الفاعلين التربويين دون إقصاء.

5)      مراجعة الأولويات، وذلك بجعل التعليم مسألة رأي عام تستحق العناية من الحكومات وكافة الأطراف، وبالتالي تخصيص التمويلات الضرورية، وزيادة ميزانيات التربية والتعليم في مختلف البلدان العربية.

6)       الاهتمام بالبنية الأساسية حتى تكون قادرة على مجابهة الأزمات وتوفير التجهيزات الرقمية الضرورية التي تضمن للمتعلم التواصل عن بعد ودعم مكتسباته وتحصيله المعرفي، بما في ذلك الاعتراف بشبكات الاتصال الإلكترونية والعمل على بعد، وإزالة الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية المتعلقة بالاتصالات وتوفير شبكة الانترنت للجميع.

7)      الإقرار بأهمية المنصات الرقمية المعتمدة للتعليم عن بعد، مع الأخذ بعين الاعتبار محدوديتها في تقييم المكتسبات وضربها لمبدأ أساسي من مبادئ الهدف الرابع  للتنمية المستدامة المتمثل في تكافؤ الفرص.

التعليقات