دراما سياسية في إسرائيل

دراما  سياسية في  إسرائيل
دراما  سياسية في  إسرائيل...

غانتس تحالف مع نتنياهو على حساب لبيد

بقلم : د. علي الأعور*

عاش اليسار ووسط اليسار الإسرائيلي ليلة عصيبة وحزينة ومؤلمة امس الخميس حين اعلن بيني غانتس رئيس حزب " مناعة لإسرائيل " عن ترشيح نفسه رئيسا للكنيست " من اجل الاستمرار في مفاوضات مع حزب الليكود لتشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة طواريء او حتى حكومة يمينية وليس المهم في تسمية الحكومة ، بل المهم هو تخلى بيني غانتس عن شركائه وحلفائه في قائمة ازرق ابيض  وهم حزب " يوجد مستقبل " بزعامة يائير  لبيد وحزب تليم بزعامة موشيه يعالون وتم تفكيك قائمة ازرق ابيض وأصبحت في ذمة التاريخ . وتخلى غانتس عن كل ما تعهد به لشركائه وناخبيه بانه لن يشارك في حكومة برئاسة " متهم بثلاث ملفات فساد في إشارة الى نتنياهو"

والسؤال المركزي الان:  لماذا  اتخذ غانتس هذا القرار ؟ وفي هذا التوقيت بالذات؟

لو نظرنا الى الخلفية العسكرية والسياسية  التي جاء منها غانتس نجد انها متطابقة جدا مع برامج حزب الليكود السياسية والأيديولوجية اليمينية حيث رحب غانتس بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس وذهب الى واشنطن وبارك ما يسمى بصفقة القرن  وضم الاغوار وشمال البحر الميت الى السيادة الإسرائيلية واكد انه سوف يعرضها على الكنيست فورا للمصادقة عليها اما الخلفية العسكرية فلن اتحدث عن المناصب العسكرية التي تقلدها بيني غانتس ويكفي انه في احدى مهرجاناته الانتخابية صرح" بانه قتل 1370 فلسطيني من قطاع غزة وانه يفتخر انه أعاد غزة الى العصر الحجري" 

بهذه الكلمات والتي صرح بها غانتس للصحافة والاعلام فهو ينتمي الى اليمين الإسرائيلي وينتمي الى مدرسة وفلسفة نتنياهو في الضم والتوسع والاستيطان وعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

رفع غانتس شعار " إسرائيل أولا " ولكن رد عليه لبيد زعيم حزب يوجد مستقبل " هذا شعار فارغ" ورد عليه لبيد " لقد سرقت أصوات الناخبين  وقدمتهم هدية الى نتنياهو " ولكن غانتس أراد من خلال مشاركة حزب الليكود في حكومة وحدة وطنية  توجيه ضربة قوية لليسار ووسط اليسار الإسرائيلي وحصل غانتس على منصب رئيس الكنيست وربما في اتفاق تشكيل الحكومة يحصل على وزير الخارجية . غانتس يعلم جيدا اذا لم يتحالف مع نتنياهو في تشكيل حكومة  سوف يسيطر اليسار وليبرمان على الكنيست وسن قوانين وتشريعات مهمة جدا لا تتفق وايديولوجيته اليمينية والاجندة اليمينية التي يؤمن بها غانتس ـ كما انه اصبح يعلم جيدا انه لا يستطيع تشكيل حكومة  ولن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة  ولم يكن الامر سهلا على غانتس حيث كان يحلم بمنصب سياسي  والان اصبح وزيرا للخارجية مع العلم ان عمره السياسي لا يزيد عن سنة ونصف  اما حلم الجمهور الإسرائيلي بتغيير نتنياهو فقد تم تأجيله الى يوم الدين

ولكن الدراما السياسية في إسرائيل تمثلت في تخلي بيني غانتس عن قائمة ازرق ابيض واصبح رئيسا للكنيست بتصويت نتنياهو واليمين الإسرائيلي دعما له   وبذلك تخلى غانتس عن كل الوعود والعهود والمباديء التي تعهد بها لناخبيه بتغيير نتنياهو وعدم المشاركة في حكومة برئاسة نتنياهو وبدون أي حسابات سياسية تفككت قائمة ازرق ابيض واصبح غانتس يملك دعما سياسيا وبرلمانيا من نتنياهو وكتلة اليمين بينما اصبح لبيد في المعارضة مع موشيه يعالون .

اعتقد ان غانتس قد انهى مشواره السياسي وحياته السياسية بهذه الخطوة المفاجئة للجمهور الإسرائيلي لان حزبه " مناعة إسرائيل " قد يندمج في حزب الليكود مثل حزب " كلانو" برئاسة موشيه كحلون "  وربما يصبح بيني غانتس عضوا في حزب الليكود ويعود التنافس السياسي من جديد بين اليسار ووسط اليسار  من جهة وحزب الليكود من جهة أخرى ولكن بدون بيني غانتس  وربما في الانتخابات القادمة والقريبة لان هناك منعطفات سياسية وتشريعات قانونية قادمة في إسرائيل ربما تغير أوراق اللعبة السياسية داخل الكنيست الإسرائيلي وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الأوسط او تطبيق  ما يسمى بصفقة القرن و اتخاذ قرارات عسكرية تقودنا جميعا الى المجهول. 

*باحث وخبير في الشؤون الإسرائيلية 

التعليقات