الإمكانات البشرية والحدس

الإمكانات البشرية والحدس
الإمكانات البشرية والحدس 
 د. يسر الغريسي حجازي


"الاستبصار هو بمثابة هبة من الله، و مكافأة على الحكم. والحدس القوي يأتي نتيجة المنطق الجيد، حتى لو جعلنا ذلك نتخذ قرارات مؤلمة." 

هل يساهم  الحدس في مساعدتنا على اتخاذ القرار الصحيح؟ من منا لا تراوده الشكوك في مسألة معينة، لمعرفة ما إذا كان الطريق الذي سلكناه هو الصحيح أم لا؟ دعنا نعلم أولاً أن شكوكنا دائما في محلها، وان قلوبنا تخبرنا دائما قبل اتخاذ القرار. انها ليست مصادفة، بل شعور ينذرنا و يحذرنا من الانخراط في مثل هذا القرار أو ذاك. ان التحذيرات المسبقة، هي بمثابة انذار يخبرنا عن حدث مستقبلي و يمكن أن يتجلى ذلك من خلال رؤية قصيرة أثناء النوم، ثم يقظة مفاجئة مع شعور بعدم الراحة و ان هناك حدث وشيك غير سعيد. يمكننا الشعور بذلك في الجسم، من خلال آلام في البطن و تشنجات مرتبطة بالقلق غير المبرر. تتجلى هذه الرؤية في شكل صور خارقة، وتكشف عن الرموز التي تشير إلى الفأل وإدراكه النهائي. يمكننا أيضًا سماع الأصوات ورؤية وجوه الأحباء المتوفين، وذلك للإعلان عن حدث سيقع لنا أو للكشف عن معلومات من حولنا، أو حول موقف معين. تخبرنا الأحلام قبل الأوان عادة عن حالة مرضية قريبة، او موت الأقارب أو الأصدقاء، والكوارث الطبيعية والحوادث المحتملة. هناك أيضًا رسائل مرسلة إلينا لتحذيرنا، أو لإنقاذنا من الخداع أو الاحتيال المحتمل. وفقا لفرويد, ان طريقة التحليل النفسي في تفسير الأحلام  حسب قوله، هي طريقة منافسة للتنويم المغناطيسي والارتباط الحر من اجل الوصول إلى العقل الباطني. واتي في اقتباس ان: "العقل الباطني هو حقيقة نفسية حقيقية، بطبيعته الحميمة،و هو غير معروف لنا مثل واقع العالم الخارجي". كما ان في النوم، نفقد تصورات الواقع لنتواصل مع تصورات العالم الخارجي. تأتي هذه الإجراءات من أفراد لديهم هويات مغناطيسية، و القدرة على التنبؤ بالظروف والأحداث المستقبلية. بالنسبة لبعض الباحثين، انها اتصالات تراود الخواطر الروحانية واستنتاجية العقل الباطني للانسان. غالبًا ما تحذر الهواجس من الأحداث المستقبلية، و التي يمكن أن تسبب لنا القلق بسبب التحذير من مشكلة صحية أو حادث أو وفاة مفاجئة. يمكن أن تتنبأ الهواجس أيضًا بالأحداث السعيدة، مثل الزواج المستقبلي أو الترقية في العمل، أو اجتياز الاختبار، أو المكسب المالي غير المتوقع. في الاستبصار، تنضم التصورات المسبقة والهواجس لتحذيرنا وإبلاغنا عن الأحداث التي لم تحدث بعد. من هم أصحاب قوة الاستبصار؟ الاستبصار هو شكل من أشكال الإدراك خارج الحواس للأشياء أو الأحداث، من خلال الإشارات أو الأصوات أو الصور التي يبدو أنها تخبرنا عن حالات معينة. هذه القدرة على الإدراك الحسي و الإضافي،  هي حالة فطرية في بعض الناس المستبصرين والذين لديهم طاقات ذبذابية عالية وحدس متقدم للغاية. هم عمومًا أشخاص لديهم حساسية متزايدة، لأنهم قادرون على الشعور بما يمكن أن يحدث، وذلك يحصل من خلال الشعور بالقلق أو الانزعاج. يمكننا تطوير حدسنا، من خلال العمل على التركيز والتحليل للأحداث التي تحيط بنا. في لحظات الراحة، علينا ان نتعرف على التجارب الحية وتمييز الأحاديث والعواقب التي ستنجم عن قرارات معينة. على سبيل المثال، يخبرنا صديق عن مشروع  ينوي تنفيذه، على الرغم من الوضع الاقتصادي المقلق في البلاد. من خلال الربط بين الاستثمارات في المشروع والأزمة الاقتصادية، ندرك أن قوة الشراء ضعيفة وأن قرار بتنفيذ المشروع مغامرة في الظروف الحالية. وبالتالي يرتبط الحدس بمنطق التحليل والتمييز بين المعطيات، لفهم ان خوض تجربة مع نتائج غير مؤكدة تعني ان المخاطر كبيرة و يمكن للخسارة ان تعترض طريقنا. هل الاستبصار مرتبط بتجربة الحياة؟ نعم، وكذلك للطاقة المركزة على التحليل وعلى مطابقة المؤشرات. من خلال عملية التركيز، يتم تطوير الحدس  بسبب ان هناك أدلة تساعدنا على معرفة ما إذا كان القرار هو الصحيح أم لا. كما ان الاستشارة بمن لديهم الخبرة و تبادل النقاشات مع الخبراء و الأصدقاء المقربين، يمنحنا مزيدًا من الضوء على الفهم والتحليل والتقدير ورفع الادراك بواقع الحقائق.

ان دماثة الخلق، والتواضع، والاستقامة والنية الحسنة هم عوامل لا يمكن إنكارها في عملية المنطق، والتي نتعهد بها بكل صدق. لذا فإن الحقائق هي الواقع المهم للاحداث، على عكس مظاهرها السطحية. كما يساعد تبادل الخبرات والآراء، على تعميق الفهم وكذلك الحدس للحقائق والواقع المشابه لتلك الاحداث التي مر بها بالفعل أقاربنا أو أصدقائنا. فلتكن دروسا معبرة للجميع. 

التعليقات