جريمة النصيرات تستوجب استقالة المجلس البلدي

جريمة النصيرات تستوجب استقالة المجلس البلدي
جريمة النصيرات تستوجب استقالة المجلس البلدي
محمد عوض – صحفي

منذ الحادثة، انطلقتُ وطاقم التصوير لتغطيةِ ما خلَّفه حريق النصيرات، الناس تركض في الشارع لا تدري ما يحدث، معدات بناء كبيرة تهرع كأنها سيارات إطفاء، سيدة تصرخ بمنتصف الشارع أين ابني أين ابني؟، والمصور المرافق لي، ينصدم من هولة الحادث، لا يدري أن يركِّز عدسته، وهذا ليس ضعفاً فيه؛ ولكن من شدة وروعة الموقف وصدمتنا من الحادثة التي أمامنا.

ملثمون يغلقون الشوارع، ورجل مرور اعتاد على تنظيم السير ظهر كل خميس أمام مداخل السوق والناس عائدة مبتسمة بعد أن تسوّقت وعادت بحاجياتها من السوق تمهيداً لاستقبال عطلة الأسبوع؛ لكن المشهد هنا مختلف تماماً، كأنني أمام مشهد (هلوكست النصيرات)، كأنني أمام لحظة يقول فيها المخرج انتهى تصوير المشهد .. التالي ..

بدأت المحاولات تجرى بكل قوة، من رجال الأطفال الذين لم يتوقفوا للحظة على إخماد الحريق ومحاولة السيطرة عليه، وآخرون ينادون عبر اللاسلكي يستدعون سيارات إطفاء من أماكن بعيدة عن النصيرات نظراً لهول الحريق الذي بدأ يمتد ويكبر أكثر وأكثر، ورجال الهلال الأحمر الذين اعتدنا أن نراهم على حدود غزة ينصبون خيمة المستشفى الميداني كل جمعة إبان مسيرات العودة وكسر الحصار التي توقفت، وجميعهم عادوا ينقلون الإصابات والضحايا من الحريق، ورئيس فريقهم يتوسطهم ينشر الطواقم في كل مكان، يحاولون تقديم المساعدات الطبية، والتدخلات العاجلة للمتضررين والمصابين في كل مكان.

بعدها انطلقنا إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع، وكانت الصدمة، سيدة أخذت أطفالها وذهبت لكسوتهم في السوق فانفجر الصهريج ونقلت شهيدة هي وطفلتها البريئتين (ليان ومنال وأمهم إيمان، وابن عمهم زياد) جميعهم شهداء في برد ثلاجات الموتى بعد حريق جسدهم بسبب الحريق في المكان الذين كانوا فيه، هذه المشاهد دفعتني بأن أتوجه لبيت الشهداء، فكانت الفاجعة والصدمة قد وزعت على المخيم، وحل الحزن والحداد على كل فلسطين، والجميع يراقب الحدث، عدد الشهداء يرتفع يوماً بعد يوم.

بعد هذه الواقعة بساعات، كنت قد نشرت جملة من الأسئلة، وبعض التفاصيل عن الحادث والتي لاقت ترحيب من المتابعين للحادثة، والبعض غضب، حينها أطلقت هشتاق عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ويحمل (#إقالة_رئيس_البلدية) وهذا كان مطلب شعبي وجماهيري، احتراما لدماء الشهداء التي نزفت ومازالت تنزف بسبب هذه الكارثة الذي يشارك فيها الكثير من الجهات 

وهذا ما نشرته:

حسب شهود العيان كما تحدث لي: 

في تمام الواحدة ظهراً، تسرب الغاز من صهريج وضع خلف المخبز، في الجهة الجنوبية للمخبز، حيث غطت الغازات المنطقة، وبعد حوالي ١٥ دقيقة من التسريب (دون انتباه أحد) وصلت الغازات الى أحد المحلات التي يبيع المشروبات الساخنة في الجهة الشرقية للصهريج، والمطلة على شارع السوق، وحين أشعل صاحب المحل الغاز لغلي القهوة، حدث انفجار ضخم جداً لا يقل قوة عن الذي ظهر في فيديو خانيونس، لكن بسبب قوة الانفجار الضخم، وقع عدد كبير من الإصابات، وللأسف يتناقل البعض أن هناك تأخر في وصول الدفاع المدني - ومدير الجهاز يقول استغرق وصول السيارات (٣ دقائق فقط) وهذا غير منطقي ..

- ما لا يمكن تجاهله، صاحب المخبز الذي وضع الصهريج في خلف المخبز، بجوار مخزن للأخشاب وجمعية تأهيل ذوي الاحتياجات، كان الصهريج على سطح الأرض، ولكن في حاوية تحت الأرض، وكان الصهريج موضوع على عرباية بعجلات، وهذا يدل على أنه وضع في مكان مؤقت ويتحرك ويتم إفراغه وتعبئته؛ 

- صور الالتفاف الجماهيري الكبير، سواء من المواطنين أو من الفصائل، يدل على أن النصيرات عضت على الجراح، وتكافلت بشكل غير مسبوق؛ لكن ثمة خلل كبير ونقاط مفقودة في الحريق أبرزها: 

١- كيف حصل صاحب هذا المخبز على هذا الصهريج الذي يصل الى 3 طن؟!

٢- كيف يقوم بتعبئته وتفريغه دون أن يكون هناك رقابة سواء ( البلدية - الدفاع المدني - المواطنين والجيران - اصحاب الاختصاص )؟!

٣- مَن المحطة التي تقوم بتعبئة هذا الصهريج، ومن يتحمل مسؤولية نقل الغاز؟!.

- للأسف، الصراع التجاري الذي يحدث في مخيم النصيرات بلغ ذروته؛ حيث يتنافس التجار على صراع (الكنغ) يحتلون الأرصفة، يغلقون الشوارع، لا يلتزمون بمعايير السلامة الأمنية

- بلدية النصيرات والمجلس البلدي عليه كامل المسؤولية بعد محاسبة صاحب صهريج الوقود، وعلى اللجنة المتخصصة بالتحقيق، إعادة النظر في دور مسؤول التفتيش والمتابعة، وتغيير كامل وجذري للإدارات الحساسة في البلدية ..

- بخصوص تعويض أهالي الضحايا ولا 2 مليون دولار

ستعيد ضحكة منال وليان وأمهم إيمان وابن عمهم زياد - لا بد ذكر أصحاب شركات الباطون، وسيارات المياه التجارية - وكل واحد قدم خير في هذا الحدث الجلل ..

لمن يسأل لماذا تطالب رئيس البلدية بالاستقالة، رغم عتبي على كثير من نشطاء المحافظة الوسطى الذين لم يتجرأوا على الكتابة حتى الأن:

• ادخلوا منزل عائلة حسين في مخيم البريج ستعرفون السبب

• سلو الجريح خالد كيف يعاني انهيار جلده من الحريق ستعرفون ذلك

• اطرقوا باب عائلة الشهيد فراس عوض ابن الـ 12 عام ستجدون إجابة

• اسألوا أصغر طفل في مخيم النصيرات، لأكبر شنب من المسؤول بوجهة نظرهم، ومن خلال متابعتهم للحدث وبعض التفاصيل الدقيقة التي تتعلق بالحادث ستجدون الإجابة

• قيّموا خسائر المواطنين، عدو السيارات، احصوا كم عدد المحلات التجارية التي دمرت بفعل الحريق

• لأن رئيس البلدية والمجلس البلدي لن يستطيعوا إعادة حياة الشهيدة سلوى عبدالوهاب محمد حمدان البالغة من العمر 47 عاماً , والشهيدة ريتال أحمد محفوظ عيد البالغة من العمر 3 سنوات , والشهيدة سالي أحمد محفوظ عيد البالغة من العمر 16 عاماً

• لأن هناك عشرات المصابين يبكي القمر على جراحهم، تصرخ الحجارة بصراخهم وبألمهم الذي لا يتوقف ولا ينتهي 

• من أجل كل صباح تنعي فيه وزارة الصحة شهيد جديد، حتى وصل العدد الى 16 شهيد كان أخرهم الشاب الوسيم حسن الزريعي ومحمد الشاعر

• كل هذا ومن حقنا المطالبة بالإستقالة .. 

التعليقات