أشياء سقطت من السماء

أشياء سقطت من السماء

بقلم عبد الله عيسى- رئيس التحرير 
في ثمانينيات القرن الماضي، تم تصوير الفيلم الفرنسي (الآلهة سقطت من السماء) ويتحدث الفيلم عن طيار، يقود طائرة خاصة صغيرة فوق أدغال إفريقيا، وأثناء تحليق الطائرة، كان يشرب من زجاجة بها ماء، وعندما انتهى من شرب الماء، وانتهت الزجاجة أمسك بها الطيار وقذف بها إلى الهواء، وهي عبارة عن زجاجة كوكا كولا.

وسقطت فوق إحدى الغابات، حيث تعيش قبيلة إفريقية بدائية، وشاهد سكان القبيلة زجاجة الكوكا كولا الفارغة، وهى تهوي من السماء، ولم يستطع أي إفريقي أن يقترب من الزجاجة، بعد أن وقعت على الأرض، فتجمهر سكان القرية حول الزجاجة، وقذفوها بحجارة صغيرة عن بعد، حتى يروها تتحرك أم لا، فلم تتحرك، فجاء زعيم القبيلة، وحمل عصا طويلة، واقترب رويداً رويداً من الزجاجة، ودفع بعصاه ثم فرّ هارباً، هو وسكان القرية، وتدريجياً، بدأوا يتعودون على وجود الزجاجة، فتجمهروا ليلاً حول الزجاجة يشاهدونها عن بعد مثل التلفزيون، ثم جاء أحد سكان القرية وحمل الزجاجة، وقذف بها إلى الأعلى وقال: أيتها الآلهة خذي ما أرسلته لنا، فصعدت الزجاجة إلى الهواء ثم سقطت على أحد أفراد القبيلة، فقالوا هذه إنما أرسلته الآلهة لنا نذير شؤم.

وبدأت نساء القرية، تستعمل الزجاجة لرق الخبز، فنشبت خلافات وعراك بين سكان القبيلة بسببها، واضطر زعيم القبيلة إلى حسم الموقف، وأخذ الزجاجة ووضعها في حقيبة على ظهره مع طعام ومياه، وقال لسكان القبيلة، سأذهب إلى آخر الدنيا؛ حتى أرمي هذه الزجاجة؛ لأنهاء سببت المشاكل والخلافات بين سكان القبيلة.

ويريد الفيلم تصوير قرية إفريقية آمنة وبسيطة جداً بعيدة كل البعد عن متطلبات الحضارة، وعندما تدخل عليهم هذه الزجاجة، بمثابة الحضارة، تؤدي إلى خلافات ومشاكل، فحمل الزجاجة زعيم القبيلة، ومشي فوصل إلى جانب الطريق، ونام تحت شجرة، وأثناء نومه مر من الطريق الترابي، سيارة (لاندروفر) مسرعة جداً، فنهض زعيم القبيلة من نومه كالمصروع، ولم يرَ السيارة التي مرت بسرعة.

وقال: يبدو أن هذا حيوان سريع جداً، واستمر في سيره، حتى وصل إلى مدينة إفريقية، ودخل المدينة، فوجد عدداً من المسلحين، يطلقون النار على الناس، وفي أحد المشاهد المضحكة، يجلس خياط على باب دكانه، يخيط الملابس بماكينة، والرصاص ينطلق بالقرب من رأسه، وهو لا يتلفت، ولم ينتبه إلى إطلاق النار؛ لأنه كان أطرشاً لا يسمع، واستمر زعيم القبيلة في سيره، حتى وصل إلى جبل شاهق، وتسلق الجبل، ووقف على حافة هوة سحيقة، لايري منها إلا الضباب، فأمسك بالزجاجة، ورماها في الهوة، وقال: هذه هي آخر الدنيا، وعاد إلى قبيلته.

التعليقات