جامعة الآغا خان: المجتمع يهمل احتياجات الأشخاص المصابين بأمراض نادرة

رام الله - دنيا الوطن
قال خبراء خلال مؤتمر بمناسبة يوم الأمراض النادرة 2020 في جامعة الآغا خان، أنه يجب على صانعي السياسات والجهات المعنية إيلاء اهتمام أكبر للتحديات التي تطرحها الأمراض النادرة في باكستان ومناطق أخرى من العالم النامي.
ووفقاً لبيان صحفي صدر عن جامعة الآغا خان في كراتشي يوجد في جميع أنحاء العالم أكثر من 6000 مرض يصنف على أنه "نادر" لأنه يصيب أقل من واحد من بين 2000 شخص. أما في باكستان، لاتعد هذه الأمراض نادرة إلى حد كبير نظراً لوجود عامل خطر رئيسي منتشر ويتعلق بالزيجات بين العائلة الواحدة التي تزيد بشكل كبير من خطر تعرض أطفالهم للعيوب والاضطرابات الوراثية.
وتحدثت الدكتورة بشرى أفروز، وهي أستاذة مشاركة في جامعة الآغا خان وأخصائية علم الوراثة في المستشفى التعليمي بالجامعة، عن قصة ساديا منصور(اسم مستعار للحفاظ على هوية وخصوصية المريضة الحقيقية)، وهي فتاة من بلدة صغيرة في السند، لتوضح كيف أن أوجه القصور في نظام الرعاية الصحية يؤثر على أولئك الذين يعانون من أمراض نادرة.
كانت ساديا في الثامنة من عمرها عندما بدأت تظهر عليها أعراض غير اعتيادية، إذ بدأت تفقد شعرها، وتسقط أثناء المشي، وتغيب عن الصف وتواجه صعوبات في الكتابة. ونظراً لأن مشاكلها كانت تبدو ذات منشأ عصبي، فقد تم عرضها على طبيب مختص في طب الأعصاب، وتم تشخيص حالتها بالخطأً كاضطراب غير قابل للعلاج، مما يمنعها من تلقي العلاج في الوقت المناسب. بعد ذلك، عندما بدأت تعاني من أعراض إضافية مثل النسيان والميل إلى تكرار نفس الكلمات، بدأ الناس يعتقدون بأنها أصبحت "مجنونة" – الأمر الذي أدى لمزيد من الضيق والضغط عليها وعلى عائلتها.
لحسن الحظ، استمر والداها في الشعور بأن هناك خطأ ما وواصلا البحث عن المساعدة. وتم إحالتها أخيراً إلى واحد من الأخصائيين القلائل في علم الوراثة في البلاد في كراتشي، الذي توصل بعد الفحص إلى أن ابنتهم تعاني من خلل في إعادة تحويل فيتامين ب 12، وهو اضطراب أيضي خطير. تم وصف دواء خاص وفريد لمعالجة حالة ساديا اليتيمة - وهو دواء يتم وصفه لحالة نادرة جداً لدرجة أنه ليس من الممكن إنتاجه بكميات كبيرة – وهو بالتأكيد غالي الثمن. وفي الوقت الذي يجب أن يتم فيه استيراد مثل هذه الأدوية، غالباً ما تكون في الواقع غير متوفرة، مما يمثل بدوره حالة طارئة تنطوي على عواقب وخيمة على أسرة ساديا. بنهاية المطاف، يجب أن تحصل ساديا على الدواء يومياً وتتطلب حالتها مراقبة مستمرة وإدارة خاصة. ويركز والديها بشدة على مساعدتها على العيش حياة طبيعية قدر الإمكان، مما حول ساديا إلى طفلة سعيدة لتلتحق بمدرستها وتستمتع بطفولتها.
وأوضحت الدكتورة بشرى أفروز أن توفير رعاية جيدة للأطفال مثل ساديا يتطلب تغييرات عالية الجودة على مستوى النظام الصحي بحيث يشمل ذلك معالجة عدة قيود مثل: قلة الوعي؛ نقص المرافق والخبرات والمؤسسات وكذلك عدم المساواة الجغرافية والاقتصادية التي يواجهها الأشخاص المصابون بأمراض نادرة. وأشارت إلى توفير الخدمات الصحية دون ضمان الحد الأدنى من الجودة هو أمر غير فعال ويشكل هدراً للموارد وغير أخلاقي.
يوجد حالياً مجموعة من الثغرات في الاجراءات المتخذة لتوفير رعاية جيدة للمرضى الذين يعانون من أمراض نادرة. سيتطلب تضييق هذه الثغرات التعاون بين الجهات المعنية عبر مجالات البحث والرعاية الصحية والأوساط الأكاديمية والحكومة. وتقول الدكتورة بشرى أفروز: "الجودة ليست هبة. إن ضمان جودة العلاج للأمراض النادرة يحتاج إلى الرؤية والتخطيط والاستثمار والرحمة والتنفيذ الصحيح والمراقبة الدقيقة، من المستوى الوطني إلى أصغر وأبعد عيادة."
كخطوة أولى، أكد الخبراء في المؤتمر على أهمية فحص الأطفال حديثي الولادة للتأكد من خلوهم من الأمراض النادرة. إن إجراء اختبار بسيط للدم - إلزامي في الصين وكندا والولايات المتحدة، وكذلك العديد من البلدان في آسيا وأوروبا - يمكن أن يمكّن من اكتشاف هذه الحالات وعلاجها على الفور.
من جهتها أوضحت البروفيسور عائشة حبيب، رئيسة جامعة الآغا خان، رئيسة المؤتمر، أن الاختبارات التي يمكن أن تفحص أكثر من 50 مرضاً نادراً شائعة في العالم النامي منذ أكثر من 50 عاماً. في باكستان، يجري حاليا فحص أقل من واحد في المائة من الأطفال حديثي الولادة لتحديد امكانية وجود هذه الأمراض، حيث إن عدداً قليلاً فقط من المستشفيات الخاصة التي تقدم هذه الخدمات، ولمجموعة ضيقة تتألف من خمسة أمراض نادرة فقط. وأضافت أن المزيد من المستشفيات بحاجة إلى تقديم فحص للأمراض النادرة ودعت الحكومة إلى النظر في كيفية زيادة هذه الخدمات من خلال تدابير التأمين الصحي العام الذي يجري إدخاله في إطار برنامج "إحساس" الحكومي.
كما تحدث المشاركون في المؤتمر عن دور الباحثين في هذا المجال. في الوقت الحالي، لا توجد أبحاث أو دراسات استقصائية على المستوى الوطني حول انتشار الأمراض النادرة. في حين أن هنالك عدد صغير من المرضى المسجلين الذين يعانون من أمراض معينة ونادرة، ويتم وضعهم ضمن غرف خاصة داخل المستشفيات. إن مشاركة البيانات بين المستشفيات لن تؤدي فقط إلى تحسين دقة المعلومات (حيث أن بعض المرضى يسافرون ويخضعون لفحوصات خاصة عند أكثر من طبيب مما يعني تسجيل الحالة أكثر من مرة)، بل ستساعد أيضاً في تكوين قائمة بالمرضى من شأنها أن تتيح استكشاف خيارات العلاج من خلال التجارب السريرية. وأضاف المتحدثون أن هناك حاجة لجهود وزارة الصحة لدعم وتبسيط السجلات.
يذكر أنه من بين المتحدثين الآخرين المشاركين في هذا المؤتمر مل من البروفيسور شهيد محمود بيغ، رئيس علم الوراثة الجزيئية البشرية في المعهد الوطني للتقنية الحيوية والهندسة الوراثية والأستاذ جيانكارلو لا ماركا، رئيس الجمعية الإيطالية للكشف عن الأمراض عند حديثي الولادة والأمراض الأيضية.
قال خبراء خلال مؤتمر بمناسبة يوم الأمراض النادرة 2020 في جامعة الآغا خان، أنه يجب على صانعي السياسات والجهات المعنية إيلاء اهتمام أكبر للتحديات التي تطرحها الأمراض النادرة في باكستان ومناطق أخرى من العالم النامي.
ووفقاً لبيان صحفي صدر عن جامعة الآغا خان في كراتشي يوجد في جميع أنحاء العالم أكثر من 6000 مرض يصنف على أنه "نادر" لأنه يصيب أقل من واحد من بين 2000 شخص. أما في باكستان، لاتعد هذه الأمراض نادرة إلى حد كبير نظراً لوجود عامل خطر رئيسي منتشر ويتعلق بالزيجات بين العائلة الواحدة التي تزيد بشكل كبير من خطر تعرض أطفالهم للعيوب والاضطرابات الوراثية.
وتحدثت الدكتورة بشرى أفروز، وهي أستاذة مشاركة في جامعة الآغا خان وأخصائية علم الوراثة في المستشفى التعليمي بالجامعة، عن قصة ساديا منصور(اسم مستعار للحفاظ على هوية وخصوصية المريضة الحقيقية)، وهي فتاة من بلدة صغيرة في السند، لتوضح كيف أن أوجه القصور في نظام الرعاية الصحية يؤثر على أولئك الذين يعانون من أمراض نادرة.
كانت ساديا في الثامنة من عمرها عندما بدأت تظهر عليها أعراض غير اعتيادية، إذ بدأت تفقد شعرها، وتسقط أثناء المشي، وتغيب عن الصف وتواجه صعوبات في الكتابة. ونظراً لأن مشاكلها كانت تبدو ذات منشأ عصبي، فقد تم عرضها على طبيب مختص في طب الأعصاب، وتم تشخيص حالتها بالخطأً كاضطراب غير قابل للعلاج، مما يمنعها من تلقي العلاج في الوقت المناسب. بعد ذلك، عندما بدأت تعاني من أعراض إضافية مثل النسيان والميل إلى تكرار نفس الكلمات، بدأ الناس يعتقدون بأنها أصبحت "مجنونة" – الأمر الذي أدى لمزيد من الضيق والضغط عليها وعلى عائلتها.
لحسن الحظ، استمر والداها في الشعور بأن هناك خطأ ما وواصلا البحث عن المساعدة. وتم إحالتها أخيراً إلى واحد من الأخصائيين القلائل في علم الوراثة في البلاد في كراتشي، الذي توصل بعد الفحص إلى أن ابنتهم تعاني من خلل في إعادة تحويل فيتامين ب 12، وهو اضطراب أيضي خطير. تم وصف دواء خاص وفريد لمعالجة حالة ساديا اليتيمة - وهو دواء يتم وصفه لحالة نادرة جداً لدرجة أنه ليس من الممكن إنتاجه بكميات كبيرة – وهو بالتأكيد غالي الثمن. وفي الوقت الذي يجب أن يتم فيه استيراد مثل هذه الأدوية، غالباً ما تكون في الواقع غير متوفرة، مما يمثل بدوره حالة طارئة تنطوي على عواقب وخيمة على أسرة ساديا. بنهاية المطاف، يجب أن تحصل ساديا على الدواء يومياً وتتطلب حالتها مراقبة مستمرة وإدارة خاصة. ويركز والديها بشدة على مساعدتها على العيش حياة طبيعية قدر الإمكان، مما حول ساديا إلى طفلة سعيدة لتلتحق بمدرستها وتستمتع بطفولتها.
وأوضحت الدكتورة بشرى أفروز أن توفير رعاية جيدة للأطفال مثل ساديا يتطلب تغييرات عالية الجودة على مستوى النظام الصحي بحيث يشمل ذلك معالجة عدة قيود مثل: قلة الوعي؛ نقص المرافق والخبرات والمؤسسات وكذلك عدم المساواة الجغرافية والاقتصادية التي يواجهها الأشخاص المصابون بأمراض نادرة. وأشارت إلى توفير الخدمات الصحية دون ضمان الحد الأدنى من الجودة هو أمر غير فعال ويشكل هدراً للموارد وغير أخلاقي.
يوجد حالياً مجموعة من الثغرات في الاجراءات المتخذة لتوفير رعاية جيدة للمرضى الذين يعانون من أمراض نادرة. سيتطلب تضييق هذه الثغرات التعاون بين الجهات المعنية عبر مجالات البحث والرعاية الصحية والأوساط الأكاديمية والحكومة. وتقول الدكتورة بشرى أفروز: "الجودة ليست هبة. إن ضمان جودة العلاج للأمراض النادرة يحتاج إلى الرؤية والتخطيط والاستثمار والرحمة والتنفيذ الصحيح والمراقبة الدقيقة، من المستوى الوطني إلى أصغر وأبعد عيادة."
كخطوة أولى، أكد الخبراء في المؤتمر على أهمية فحص الأطفال حديثي الولادة للتأكد من خلوهم من الأمراض النادرة. إن إجراء اختبار بسيط للدم - إلزامي في الصين وكندا والولايات المتحدة، وكذلك العديد من البلدان في آسيا وأوروبا - يمكن أن يمكّن من اكتشاف هذه الحالات وعلاجها على الفور.
من جهتها أوضحت البروفيسور عائشة حبيب، رئيسة جامعة الآغا خان، رئيسة المؤتمر، أن الاختبارات التي يمكن أن تفحص أكثر من 50 مرضاً نادراً شائعة في العالم النامي منذ أكثر من 50 عاماً. في باكستان، يجري حاليا فحص أقل من واحد في المائة من الأطفال حديثي الولادة لتحديد امكانية وجود هذه الأمراض، حيث إن عدداً قليلاً فقط من المستشفيات الخاصة التي تقدم هذه الخدمات، ولمجموعة ضيقة تتألف من خمسة أمراض نادرة فقط. وأضافت أن المزيد من المستشفيات بحاجة إلى تقديم فحص للأمراض النادرة ودعت الحكومة إلى النظر في كيفية زيادة هذه الخدمات من خلال تدابير التأمين الصحي العام الذي يجري إدخاله في إطار برنامج "إحساس" الحكومي.
كما تحدث المشاركون في المؤتمر عن دور الباحثين في هذا المجال. في الوقت الحالي، لا توجد أبحاث أو دراسات استقصائية على المستوى الوطني حول انتشار الأمراض النادرة. في حين أن هنالك عدد صغير من المرضى المسجلين الذين يعانون من أمراض معينة ونادرة، ويتم وضعهم ضمن غرف خاصة داخل المستشفيات. إن مشاركة البيانات بين المستشفيات لن تؤدي فقط إلى تحسين دقة المعلومات (حيث أن بعض المرضى يسافرون ويخضعون لفحوصات خاصة عند أكثر من طبيب مما يعني تسجيل الحالة أكثر من مرة)، بل ستساعد أيضاً في تكوين قائمة بالمرضى من شأنها أن تتيح استكشاف خيارات العلاج من خلال التجارب السريرية. وأضاف المتحدثون أن هناك حاجة لجهود وزارة الصحة لدعم وتبسيط السجلات.
يذكر أنه من بين المتحدثين الآخرين المشاركين في هذا المؤتمر مل من البروفيسور شهيد محمود بيغ، رئيس علم الوراثة الجزيئية البشرية في المعهد الوطني للتقنية الحيوية والهندسة الوراثية والأستاذ جيانكارلو لا ماركا، رئيس الجمعية الإيطالية للكشف عن الأمراض عند حديثي الولادة والأمراض الأيضية.