ورشة حول القانون الجنائي والحريات الفردية
رام الله - دنيا الوطن
نظم المكتب التنفيذي لمنتدى الحداثة والديمقراطية مؤخرا بمدينة الناظور ورشتين استفاد منهما حوالي أربعين شابا وشابة من اقليم الناظور ومن مدن أخرى، تمحورت الأولى حول "التطور التاريخي للقانون الجنائي بالمغرب"، بينما خصصت الورشة الثانية لموقع "الحريات الفردية داخل منظومة القانون الجنائي".
استهلت أشغال اللقاء بكلمة افتتاحية قدمها الأستاذ هشام أزماني، عضو المكتب التنفيذي للمنتدى، أكد فيها على راهنية تنظيم هذا اللقاء تزامنا مع فتح ورش اصلاح القانون الجنائي، ومناقشة مجموعة من التعديلات أمام البرلمان، وأهمية تعميق النقاش المجتمعي حوله باعتباره من بين أهم القوانين التي تمس حقوق وحريات المواطنين.
موضحا أن اختيار مدينة الناظور كمحطة أولية، ضمن إطار برنامج العمل السنوي يضم عدة دورات جهوية أخرى حول نفس الموضوع، هدفه الانفتاح على كافة الطاقات الجهوية والمحلية وتحقيق الاشعاع والتلاقح الفكري والثقافي بين مختلف الشرائح المجتمعية في جميع الجهات، إضافة إلى اعطاء فرصة للفاعلين المحليين لأن يطوروا قدراتهم ورصيدهم المعرفي.
أشغال الورشة الأولى قام بتأطيرها الأستاذ سعد حميحم الباحث في العلوم الجنائية، والتي تطرق من خلالها إلى "تاريخ وتطور القانون الجنائي المغربي".
وقف فيها على مراحل تاريخية ثلاثة عرفها هذا القانون، أهمها مرحلة ما قبل الحماية حيث كان الاحتكام يتم للشريعة الإسلامية والأعراف بالإضافة الى بعض القوانين الأجنبية المطبقة على المحميين، ثم مرحلة الحماية التي خضع فيها المغاربة الى قوانين جنائية متعددة، بكل من المنطقة الدولية بطنجة، والمنطقة الاسبانية، والمنطقة الفرنسية، مركزا الحديث على القوانين التي سنتها سلطات الحماية الفرنسية باعتبارها المصدر التاريخي للقانون الجنائي المغربي الحالي، وأهمها ظهير 12 غشت 1913 الذي طبق على الفرنسين ثم ظهير 4 غشت 1918 الذي أرسى محاكم الباشوات والقواد ثم ظهير 24 أكتوبر 1953 الذي جاء بقانون جنائي ومسطرة جنائية بهدف تطبيقهما على جميع المغاربة الخاضعين لها، قبل أن يتوقف عند فترة الاستقلال والتي صدر فيها قانون 1962.
وأشار الأستاذ سعد حميحم إلى أنه "من أهم الأسئلة التي تطرح وطنيا، تلك المتعلقة بمرجعية القانون الجنائي المغربي الحالي، ويتواجد رأيان يرى الأول أن مرجعية القانون الجنائي المغربي دينية نظرا لكون الدستور المغربي ينص على إسلامية الدولة، كما أن المنظومة الجنائية الوطنية تتضمن عدة جرائم ذات أصل شرعي من قبيل المعاقبة على الإفطار في رمضان وجريمة الفساد والخيانة الزوجية ومنع بيع الخمور للمغاربة المسلمين، ورأي ثان يرى أن النص على إسلامية البد لا يعني بأي شكل من الاشكال أن الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع حيت تحفل القوانين المدنية والتجارية والعقارية بالمقتضيات الوضعية كما القانون الجنائي وان كان نص على جرائم مستمدة من الشرع الإسلامي فهي نسبة قليلة جدا او مهملة بالمقارنة مع المقتضيات المستمدة من التشريع الفرنسي، كما ان المشرع الجنائي تأثر بمدارس وضعية للسياسة الجنائية كالمدرسة النيوكلاسيكية والمدرسة الوضعية وبالتالي فالقانون الجنائي قانون وضعي مدني، أثر الدين فيه يكاد يكون منعدما.
وتواصلت أشغال اللقاء بورشة ثانية قام بتأطيرها الدكتور أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب، تمحورت حول "موقع الحريات الفردية داخل القانون الجنائي"، استعرض من خلالها عدة نصوص جنائية، تتعلق بالحريات الفردية والاشكاليات التي تثيرها على مستوى التطبيق ومدى انسجامها مع مبادئ الشرعية والتناسب والضرورة؛
فمن جهة أولى تطرق الدكتور أنس سعدون للنصوص المتعلقة بحرية المعتقد، وأكد أن القانون الجنائي المغربي يحمي حرية المعتقد حيث يعاقب على استعمال العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، كما يعاقب كل من عطل عمدا مباشرة إحدى العبادات، أو الحفلات الدينية، أو تسبب عمدا في إحداث اضطراب من شأنه الإخلال بهدوئها ووقارها، ويعاقب أيضا الإتلاف أو التخريب أو التلويث العمدي لبنايات أو آثار أو أي شيء مما يستخدم في عبادة ما، مؤكدا أن حماية القانون الجنائي لحرية المعتقد في هذا الشق يتم دون تمييز بين الأديان وهو ما يبدو من خلال الصيغة العامة التي استعملها المشرع.
في المقابل لاحظ المتدخل وجود مقتضيات أخرى في القانون الجنائي كسر فيها المشرع هذه القاعدة حينما عاقب على استعمال وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم"، معت
نظم المكتب التنفيذي لمنتدى الحداثة والديمقراطية مؤخرا بمدينة الناظور ورشتين استفاد منهما حوالي أربعين شابا وشابة من اقليم الناظور ومن مدن أخرى، تمحورت الأولى حول "التطور التاريخي للقانون الجنائي بالمغرب"، بينما خصصت الورشة الثانية لموقع "الحريات الفردية داخل منظومة القانون الجنائي".
استهلت أشغال اللقاء بكلمة افتتاحية قدمها الأستاذ هشام أزماني، عضو المكتب التنفيذي للمنتدى، أكد فيها على راهنية تنظيم هذا اللقاء تزامنا مع فتح ورش اصلاح القانون الجنائي، ومناقشة مجموعة من التعديلات أمام البرلمان، وأهمية تعميق النقاش المجتمعي حوله باعتباره من بين أهم القوانين التي تمس حقوق وحريات المواطنين.
موضحا أن اختيار مدينة الناظور كمحطة أولية، ضمن إطار برنامج العمل السنوي يضم عدة دورات جهوية أخرى حول نفس الموضوع، هدفه الانفتاح على كافة الطاقات الجهوية والمحلية وتحقيق الاشعاع والتلاقح الفكري والثقافي بين مختلف الشرائح المجتمعية في جميع الجهات، إضافة إلى اعطاء فرصة للفاعلين المحليين لأن يطوروا قدراتهم ورصيدهم المعرفي.
أشغال الورشة الأولى قام بتأطيرها الأستاذ سعد حميحم الباحث في العلوم الجنائية، والتي تطرق من خلالها إلى "تاريخ وتطور القانون الجنائي المغربي".
وقف فيها على مراحل تاريخية ثلاثة عرفها هذا القانون، أهمها مرحلة ما قبل الحماية حيث كان الاحتكام يتم للشريعة الإسلامية والأعراف بالإضافة الى بعض القوانين الأجنبية المطبقة على المحميين، ثم مرحلة الحماية التي خضع فيها المغاربة الى قوانين جنائية متعددة، بكل من المنطقة الدولية بطنجة، والمنطقة الاسبانية، والمنطقة الفرنسية، مركزا الحديث على القوانين التي سنتها سلطات الحماية الفرنسية باعتبارها المصدر التاريخي للقانون الجنائي المغربي الحالي، وأهمها ظهير 12 غشت 1913 الذي طبق على الفرنسين ثم ظهير 4 غشت 1918 الذي أرسى محاكم الباشوات والقواد ثم ظهير 24 أكتوبر 1953 الذي جاء بقانون جنائي ومسطرة جنائية بهدف تطبيقهما على جميع المغاربة الخاضعين لها، قبل أن يتوقف عند فترة الاستقلال والتي صدر فيها قانون 1962.
وأشار الأستاذ سعد حميحم إلى أنه "من أهم الأسئلة التي تطرح وطنيا، تلك المتعلقة بمرجعية القانون الجنائي المغربي الحالي، ويتواجد رأيان يرى الأول أن مرجعية القانون الجنائي المغربي دينية نظرا لكون الدستور المغربي ينص على إسلامية الدولة، كما أن المنظومة الجنائية الوطنية تتضمن عدة جرائم ذات أصل شرعي من قبيل المعاقبة على الإفطار في رمضان وجريمة الفساد والخيانة الزوجية ومنع بيع الخمور للمغاربة المسلمين، ورأي ثان يرى أن النص على إسلامية البد لا يعني بأي شكل من الاشكال أن الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع حيت تحفل القوانين المدنية والتجارية والعقارية بالمقتضيات الوضعية كما القانون الجنائي وان كان نص على جرائم مستمدة من الشرع الإسلامي فهي نسبة قليلة جدا او مهملة بالمقارنة مع المقتضيات المستمدة من التشريع الفرنسي، كما ان المشرع الجنائي تأثر بمدارس وضعية للسياسة الجنائية كالمدرسة النيوكلاسيكية والمدرسة الوضعية وبالتالي فالقانون الجنائي قانون وضعي مدني، أثر الدين فيه يكاد يكون منعدما.
وتواصلت أشغال اللقاء بورشة ثانية قام بتأطيرها الدكتور أنس سعدون، عضو نادي قضاة المغرب، تمحورت حول "موقع الحريات الفردية داخل القانون الجنائي"، استعرض من خلالها عدة نصوص جنائية، تتعلق بالحريات الفردية والاشكاليات التي تثيرها على مستوى التطبيق ومدى انسجامها مع مبادئ الشرعية والتناسب والضرورة؛
فمن جهة أولى تطرق الدكتور أنس سعدون للنصوص المتعلقة بحرية المعتقد، وأكد أن القانون الجنائي المغربي يحمي حرية المعتقد حيث يعاقب على استعمال العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، كما يعاقب كل من عطل عمدا مباشرة إحدى العبادات، أو الحفلات الدينية، أو تسبب عمدا في إحداث اضطراب من شأنه الإخلال بهدوئها ووقارها، ويعاقب أيضا الإتلاف أو التخريب أو التلويث العمدي لبنايات أو آثار أو أي شيء مما يستخدم في عبادة ما، مؤكدا أن حماية القانون الجنائي لحرية المعتقد في هذا الشق يتم دون تمييز بين الأديان وهو ما يبدو من خلال الصيغة العامة التي استعملها المشرع.
في المقابل لاحظ المتدخل وجود مقتضيات أخرى في القانون الجنائي كسر فيها المشرع هذه القاعدة حينما عاقب على استعمال وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم"، معت