مركز فِكر يشارك في افتتاح معرض انطلياس للكتاب

رام الله - دنيا الوطن
افتتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير التربية والتعليم العالي الدكتور طارق المجذوب المهرجان اللبناني للكتاب للسنة 39 "دورة مئوية دولة لبنان الكبير"، الذي تنظمه الحركة الثقافية - أنطلياس في دير مار الياس - انطلياس، بحضور المطران أنطوان عوكر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، العقيد حسن صالح ممثلا قائد الجيش العماد جوزاف عون، العقيد فرنسوا رشوان ممثلا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الرائد أنطونيوس القزي ممثلا المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم، وفد من المركز الدولي للملكية الفكرية فِكر ضم رئيسه أ. شادي خليل أبو عيسى والأمين العام أ. يوسف عبد علي وشخصيات رسمية وسياسية وروحية وفكرية.

بعد النشيد الوطني وتقديم لعريف الحفل الياس كساب، ألقى أمين المعرض نعوم خليفة كلمة قال فيها: "إنها مغامرة، هكذا يبدو للبعض أو للكثيرين، ولنا نحن أيضا. حقا، إنها مغامرة أن نقيم هذا المهرجان، والوطن يتراقص على حافة الهاوية، ولا نعلم متى ينزلق فيها، لكن إيماننا كبير، وأملنا أيضا، إيماننا بالله وبثقة الناس وأملنا بالغد المشرق الذي سيطل مهما طال انتظاره ومهما سعت جيوش الشر الى طمسه وإلغائه".

أضاف: "إنها السنة ال39 التي نخوض فيها غمار هذه المغامرة، وكلنا إيمان وثقة بنجاحها، وذلك بتعاون المخلصين والمؤمنين بمستقبل هذا الوطن مهما تلبدت حوله غيوم الازمات واكفهرت الأجواء المحدقة به. إيماننا كبير وراسخ ومعنا من يشاركنا في هذا المهرجان في تحدي كل الصعاب والأزمات، من الأصدقاء أصحاب الدور والمكتبات المشاركين غير عابئين بالحواجز والعقبات المادية والاجتماعية والنقدية عاملين على تجاوزها وقهرها، إيمانا منا ومنهم بأن من "بتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر".

وتابع: "إن المهرجان اللبناني للكتاب، ليس فقط معرضا للكتب، إنما على أهمية ذلك، هو مساحة للتلاقي والتلاقح الفكري والثقافي، إنه لفتة الى اهل العلم والفكر والفن والثقافة من خلال تكريم نخبة من الاعلام في المجالات المختلفة، هذا التكريم هو حق على الحركة الثقافية تجاه هؤلاء الاعلام الذين رفدوا بعلمهم وفكرهم النير والثري ثقافتنا الوطنية، ووضعوا أسس إرثنا العلمي والثقافي، وعملوا على إعلاء صرح ثقافتنا الوطنية التي ستبقى منيعة وعاصية على كل محاولات طمسها والهدم".

وأردف: "ليس ما يعمل على تحصين أخلاق شبيبتنا ورفدهم بالقيم العلمية والثقافية وإعدادهم لبناء وطن يحقق احلامهم والآمال سوى النهل من معين الفكر والانفتاح على المعارف، ولا سبيل الى ذلك إلا بالاطلاع على ابداعات العقل، وهذا ما نحاول ان نقوم به من خلال هذا المهرجان الذي يطلعنا على كل جديد من الكتب في المجالات المختلفة".

من جهته، قال رئيس دير مار الياس - أنطلياس رئيس الحركة الثقافية الأباتي الدكتور أنطوان راجح: "نحن فخورون بمواصلة تحلق خيرة من مثقفي بلادنا وناشطيها حول حركتنا الثقافية - انطلياس، فهي باقية مركز ثقل ثقافيا اجتماعيا وتنمويا. وبذلك، تؤكدون حفاظها على الحظوة التي استحقتها منذ انطلاقتها في أواخر سبعينيات القرن الفائت وطوال مسيرتها المثابرة، وإن بأنشطة ومشاهد متكررة من حيث الشكل صارعت وجاهدت في المثابرة عليها هذا العام خصوصا، بل وفي الإبقاء عليها، رغم ذعر الوباء المستجد".

أضاف: "نحن فخورون بأن تتلاقى الإرادات الصالحة والعقول المنفتحة وكل باحث ومؤمن بالثقافة تحت قبة مار الياس، فتسطع الشهادة على قوة السخاء، والخدمة العامة، وجمال النقاء، والمثابرة، والسعي الى العدالة والخير العام، وترسيخ الصداقة المجتمعية".

وسأل راجح: "لماذا يشح اهتمام الشبيبة وحضورها ومشاركتها في مثل هذه الأنشطة التمدينية؟ لماذا لا تنتظر الشبيبة كثيرا من مثل هذه التظاهرات الثقافية، فلا تعتبرها مهمة لحياتهما، بل مضجرة ومزعجة، كأنها تطلب من الحركات والجمعيات الثقافية أن تدعها وشأنها؟".

وقال: "إن مرحلة الشباب هي حالة قلب، فلا تحجر في الماضي ولا كبح، ولا إذعان أعمى وانقياديا، ولا مجاراة بلا حوار ومساءلة جريئة، وربما قاسية لكل ما يقدمه الحاضر، فالشباب قوة من استطاع العودة الدائمة الى مصدره بانفتاح قوي على الجدة مهما تسارعت وتيرتها. لن نغفل طبعا وفرة المحاضرات والندوات المعروضة عليهم في الجامعات وعلى شاشات التلفزة، وفي الإذاعات، فضلا عن مشقة الطرق وقطع المسافات وندرة مواقف ركون السيارات".

أضاف: "إن تعريف الشباب يعني أن حركتنا الثقافية شابة في فكرها وعزيمتها، فلا المشقة ولا الخمول يقربانها، ولا الفساد ولا الخجل. لا يعرفها الكبرياء، ولا الانطواء والضمانات العابرة، بل تجديد النفس والانطلاق المتجدد نحو تحديات وانتصارات جديدة على الواقع".

وتابع: "كم كنا نتمنى أن يقفز تفكيرنا وهمنا إلى الكلام على حماية البيت المشترك، أي كوكب الارض، بمواجهة التراكم التسارعي الذي يأسر الوجود في دوامة السرعة التكنولوجية والرقمية، مغيرا المراجع من دون أن يغرق في دائرة الركود أو الكلام على أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار التي أقرتها الأمم المتحدة في 16 تشرين الاول 2019 بشبه اجماع، وجعل لبنان مركزا لها، الا أننا حشرنا في أزمة جيب وفي معضلة وطن، نعيد له السنة مئة عام على قيامه كبيرا، فماذا فعلوا به، ولماذا نعطل جمهورياته؟"

وأردف: "نمر اليوم في أوقات عصيبة ونعيش وضعا قلقا غير مسبوق بعد قيام لبنان الكبير، يزيده الخوف من توطين ودمج وأطماع وتركيع وتشابك معضلات، وتلوث المناخ الخطابي، فلا نجد ما نقنع به أحباءنا بالعزوف عن حزم حقائبهم، فهم يئنون من فقر وقهر يتمددان نحو معظم القطاعات والمهن، وسدت بوجه الشبيبة سبل العمل والحياة في بلدهم. ثقة الناس بالدولة مفقودة، وبالمستقبل هشة".

وأشار إلى أن "الأزمة الاقتصادية كسرت خاطر معظم اللبنانيين وأذلتهم، وصادرت رفاهيتهم، بل وودائعهم، وانقضت على نبل كرمهم، وهي تهدد أمنهم، في مقابل عدم استعداد أي أب عطوف، أو أي أم حنون أو أي صديق لمنح لبنان شيكات على بياض، الا أن موجة متكاتفة، مبروكة، استفاقت وانطلقت بزخم خارق ومدهش في البدايات، لتؤسس لتغيير جذري خلوق، ولواقع جديد، وهي لن تنكفىء بحسها العام المصيب، عن التنديد والتصويب، وإن منحت فرصة، ولا عن المحاسبة بحس عام شديد الصوابية، لا يمكن قمعه أو إخماده، طالما بقي الهم والغاية والوسيلة بناء الوطن لا تحطيمه. فكم يهمنا أن يرافق الحراك بالتوقف عن المناكفات السياسية والتراشق والتشفي والتشرذم، وأن يردف بمرتكزات فكرية موضوعية ورصينة، تحاكي الضمير الوجداني، وتؤطر الحس الشعبي الصائب، وسبل حراكه، وألا يكون في الميدان الا لبنان، بما يسترجع التكاتف الفاعل الذي ظهر في الأيام الأولى، فيعود لينتزع الإحترام والإكبار والدعم من الجميع، لمصلحة الجميع، من دون استثناء أو ارتهان".

وختم راجح: "لا نتوهم تبديلات وتغييرات سريعة في المشهد المترنح القائم، ولا حلولا سحرية للانكماش الاقتصادي وللمخاطر والأطماع، لكننا ننطلق بثبات ودينامية، من دون خوف، وسنظل نتطلع الى يومنا وغدنا برجاء كبير".

التعليقات