احذروا من هذا الرجل

احذروا من هذا الرجل
بقلم: عبد الله عيسى
رئيس التحرير

في حكومة نتنياهو الأولى، والتي شهدت اضطرابات شديدة وكثيرة مع الفلسطينيين وبعض الدول العربية، ولاسيما عندما أعطي الأوامر باغتيال خالد مشعل في عمان، واضطرابات أشد مع الجانب الأمريكي في عهد الرئيس كلينتون، عندما أساء نتنياهو استعمال اللوبي الصهيوني بأمريكا، وظن مخطئاً أن اللوبي الصهيوني، سوف يوفر له حصانة في وجه الإدارة الأمريكية فتطاول على الرئيس كلينتون، وأهان الرئيس الأمريكي، عندما قال: سوف أشعل النار في البيت الابيض، فخرجت فضيحة عشيقة الرئيس الامريكي.

وفي مؤتمر (واي ريفر) بأمريكا، تحدث نتنياهو مباشرة للرئيس كلينتون بأسلوب مهين، مما أثار حفيظة نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، وقال له وحسب الروايات: إن ديك تشيني كان يتحدث لنتنياهو، ويشير بأصبعه إلى نتنياهو، وكاد أصبعه أن يخترق عين نتنياهو، وهو يقول: تذكر أنك عندما تُخاطب الرئيس كلينتون، فإنك تخاطب رئيس أكبر دولة بالعالم، فرد عليه نتنياهو، وأنا رئيس دولة إسرائيل، واستمرت المناكفات على أشدها بين الرئيس كلينتون ونتنياهو، حتى جاءت محاولة اغتيال مشعل في عمان، والتي أصر عليها نتنياهو شخصياً عندما طالب من قادة الأجهزة الأمنية بإسرائيل: الموساد والشاباك والاستخبارات العسكرية التحضير لعملية كبري لأحد قادة حماس، وقال لهم بالحرف الواحد في الاجتماع، أريد عملية اغتيال كبرى من قادة حماس، حتى أحسن وضعي الانتخابي، فردوا عليه جميعاً نحن آسفون لسنا جاهزين لتنفيذ هكذا عملية، وتحت ضغط من نتنياهو، اقترح أحد الأجهزة الأمنية، اسم خالد مشعل، فوضع نتنياهو أصبعه على اسم خالد مشعل، وقال نعم هذا ضالتي.

وفشلت محاولة اغتيال خالد مشعل، بفضل يقظة أجهزة الأمن الأردنية، وصلابة موقف الملك الراحل الحسين بن طلال، الذي أصر على معاقبة نتنياهو، بعد أن اعترف رجال الموساد المعتقلين بالأردن، والذين هددتهم المخابرات الأردنية، أنها سوف تذيع أسماءهم، وتنشر صورهم بكل وسائل الإعلام، وقال لهم الضابط الأردني: إذ لم تعترفوا سوف نحولكم لباعة متجولين، وبعد نشر صوركم، ستكونون ورقة محروقة لدى الموساد، وسوف تطردون من الخدمة، فاعترفوا بتسجيل فيديو، وحمل الأمير حسن بن طلال، نائب الملك اعترافات رجال الموساد، وسافر إلى أمريكا، وفتح الفيديو للرئيس كلينتون، وقدم الأردن طلبات لإسرائيل كي يغلق هذا الملف، بأن يتم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، وأمام الضغط الأردني الشديد بمؤازرة ضغط شديد من الرئيس كلينتون، قامت إسرائيل بالأفراج عن الشيخ أحمد ياسين، وخمسين أسيراً فلسطينياً، واتخذ الأردن قراراً بمنع نتنياهو من زيارة الأردن.

وأمام هذا التوتر الشديد، اتخذ القرار بواشنطن، بالقيام بانقلاب ديمقراطي على نتنياهو، وتم تحريض أعضاء كنسيت عرب وإسرائيليين من الأحزاب السياسية؛ لإجراء انتخابات مبكرة.

وطلبت أمريكا من ثلاث جهات عربية، بإسقاط نتنياهو بأي شكل، ليأتي من يأتي، المهم آلا يبقى نتنياهو بالحكم، وهذه الجهات الثلاث هي: السلطة الفلسطينية، ومصر، والأردن، وتم تنفيذ الخطة، حتى أسقط نتنياهو بالانتخابات، وفاز باراك وقتها، وبعد سقوط نتنياهو فتح له ملف فساد ولزوجته سارة، وجرى التحقيق معهما بمركز الشرطة الإسرائيلية، واشتكى نتنياهو بأنه يتم التعامل معه في مركز الشرطة الإسرائيلية بشكل مهين.

وفى تلك الفترة، اهتممت بقراءة كتاب نتنياهو بعنوان: (مكان تحت الشمس)، وهو كتاب قيم بلا شك، يقع في 500 صفحة، وكنت أقرأ بوضوح، تطرف نتنياهو، وهو يتحدث عن آرائه في مختلف القضايا الإسرائيلية والفلسطينية والعربية والدولية، وتحدثت آنذاك مع مسؤول فلسطيني كبير، وقلت له: هل قرأت كتاب (مكان تحت الشمس) فقال لي: سمعت بالكتاب لكن لم أقرؤه، فقلت له: أنصحك بقراءته، وأنصح السلطة الفلسطينية، بأن تحذر من هذا الرجل، فقال لي نحذر لماذا، فقد انتهي هذا الرجل نتنياهو، فقلت له: أنت مخطئ لم ينتهِ نتنياهو إنك تتعامل مع شخصية شابة عمرها أربعين عاماً، وبعد سنوات سيظهر إلى السطح السياسي، فالسياسة بإسرائيل متغيرة ومتقلبة، ويجب أن تستعد السلطة الفلسطينية، لجولة قادمة مع نتنياهو، وسوف تكون أشد من الأولى، وكنت أتمنى أن تُكذّب الأحداثُ توقعاتي، ولكن ما حدث هو أسوأ بكثير مما توقعت، نظراً لوصول ترامب للحكم، ولعب دور مستوطن إسرائيلي وبدل أن يلتزم بسياسة أمريكية محايدة بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب، إلا أنه أعطى المجال لنتنياهو؛ كي يطلق العنان لتطرفه.

وعودة إلى حكومة نتنياهو الأولى، وأذكر له زيارة لأمريكا بعد سقوطه من الحكم في إسرائيل، حيث خرج بتصريح صحفي، بعد انتهاء زيارته لأمريكا، وقال فيه: اجتمعت مع المسؤولين الأمريكيين، وقمت بتسوية كل الخلافات بيني وبين الجانب الأمريكي، إلا أن مجيء ترامب، أطلق تطرف نتنياهو إلى أقصى حد، وفى تلك الفترة خرج والد نتنياهو بتصريح صحفي قال فيه: أنا أعرف آراء ابني جيداً، هو يرفض أن يقدم أي تنازلات للفلسطينيين والعرب، والأيام سوف تثبت هذا.

والحقيقة، أن الظروف خدمت نتنياهو من كل النواحي، فمن ناحية: فوز ترامب، وأخرى: تصيهن أعضاء من الإدارة الأمريكية، وثالثة: ضعف عربي غير مسبوق، ثم هرولة عربية للتطبيع مع إسرائيل بأي شكل، وتجاهل للقضية الفلسطينية، والتطبيل والتزمير لـ (صفقة القرن).

التعليقات