الشهرة والخداع

الشهرة والخداع
الشهرة والخداع
 د. يسر الغريسي حجازي


""عظمة الشخص لا تأتي أبدًا مع والهم. و الشهرة هي ثمرة الجهود الطويلة، لكنها اذا كانت بدون أداء فهي مجرد دلو فارغ يمكنه عزلنا وجعلنا ضحايا للسخرية الجماعية".  

من هم الناس المهووسين بالشهرة؟ ما هي دوافعهم؟ هل هم نرجسيون أم أنهم يحاولون ملء الفراغ؟ هل ستكون الشهرة وصفة للسعادة؟ من السهل أن نرى أن الكثير من الناس ينهالون على اليوتيوب والشبكات الاجتماعية الأخرى، على أمل الحصول علي نجومية و هذا كل شيء. يريدون أن يصبحوا مشهرون لدرجة أن يصبحوا مهووسين! كيف يمكن أن نفسر هذه الحاجة للشهرة بهذا الشكل المفرط؟ ما يجب أن تعرفه، أن الأنا بكبر هذا الحجم هو تمثيل لمفهوم النرجسية ولخيال الشخص النرجسي الذي يعتقد أنه قادر على تحقيق المعجزات. إنها طريقة لدفع نفسه للوصول إلى الذات المثالية بالنسبة له.

يندرج مصطلح "الخيال" من اليونان القديمة ويعني "الشبح ، والهلوسة البصرية". تم شرح الخيال علي انه الإحساس بالوهم في القرن السادس عشر، ثم أصبح مصطلحًا طبيًا بمعنى "الخيال الهلوسي". اقتصر استخدامه على شعور "إنتاج الوهم" الذي يسمح للأنا العليا الهروب من الواقع (قاموس التاريخ الفرنسي، 1995).

في علم النفس التحليلي، تشير كلمة الخيال إلى عمليات نفسية داخلية بتصور الموضوع في الخيال قبل أن يعلن عليه الشخص نفسه. إنه بمثابة دافع نفسي ينشأ من الطبيعة النرجسية.

 بالنسبة لفرويد ، يتطور عقل الإنسان على قمع الأفكار أثناء الطفولة، وأن الأحلام اللاحقة تدرك رغبات خفية غير واعية. كما ان تحليل فرويد يقوي الذات الواعي في وجه اللاشعور السلبي و الخالص (كرابي ، 2018). بالنسبة إلى الطبيب والمحلل النفسي كارل يونج، إن اللاوعي شاسع ويدمج مصادر اللاوعي ي العمق الجماعي. بالنسبة له، الحلم هو ظاهرة طبيعية تساعد على تحقيق التوازن بين سيكلوجية الانسان وحقائق الحياة.

 كما هناك دور أساسيا لعقدة أوديب في علم النفس الفرويدي، يساهم في  قمع الغرائز الطفولية. وبالتالي ان الحلم، هو تحقيق هذه الدوافع العنيفة وغير الواعية في الموضوع. في الواقع ، ان عقدة أوديب هي أساس الأمراض النفسية فيما يتعلق بالقيم الأخلاقية، وجميع أشكال الحظر والقوالب النمطية. كما يعتبر الحلم علي انه مباح، لتطوير النظام العقلي وتوجيهه، ولكن التخيل سيكون نتاج نشاط نفسي خلاق يأتي من محتويات غير واعية. عندما تتحول الأنا إلى الأنا الفائقة، يصبح الخيال نشطًا ويشارك الموضوع في حجته لتحقيق هدفه (المراجعة الفلسفية الفرنسية، 1968)

إنه مخطط لرعاية تحقيق الرغبة، لإرضاء تقدير الشخص لذاته والذي يمكن أن يكون الخيال اللاواعي. وبالتالي ان الخيال، هو المعارضة بين الخيال والإدراك الحقيقي  ويعني مفهوم التحليل النفسي "النزوة" و "عدم الانتظام" و "غياب الجدية"."

لذلك، قدم فرويد مفهوم النرجسية وكذلك مفهوم "الأنا العليا" والأنا المثالية في عام 1914. ان الأنا المثالية تحدد العالم الخاص لكل واحد منا، وفقًا لخيالنا أو رغبتنا في الوصول إلى الشهرة. لكن من خلال المبالغة، يمكن أن يصبح الشخص مصابًا بجنون العظمة ليدخل في ذهان مزمن غير طبيعي، مثل المبالغة في تقدير الذات، والشعور بالتفوق مقارنة مع المحيطين به مما يسبب له في الهذيان. إنه يعزوا قدراته الاستثنائية في تحقيق الرغبة والوصول الي المجد. ليس من المستغرب أن نرى على الشبكات الاجتماعية على سبيل المثال البث المباشر من الأشخاص الذين يحاضرون الآخرين، أو يحاولون بفخر شديد جمع الجوائز ، أو شهادات التقدير ، والدكتوراه الفخرية وسفراء السلام ، للحصول علي التهاني والاعجابات والتقدير من قبل الآخرين لدرجة أن هذا الطموح يصبح معديا ويتنقل مثل المرض المزمن ال فئة النرجاسيين علما بان هذه التمييزات لا تتعدي صفحات التواصل الاجتماعي. أصبحت الميول الاستهلالية لعبة نرجسية، وذلك لسد الفجوات النفسية الداخلية والتي تم تخزينها أثناء الطفولة. ستكون فكرة الاستثمار الغريزي البحتي مرضية، ولا قيمة لها على الإطلاق للشخص ، الذي يحتاج دائمًا إلى الترويج له بطريقة مفرطة إلا انه يقع في فراغ أفكاره في نهاية المطاف، ليعود مرة اخري بافكار اخري لا قيمة لها واغبي من السابقة.  إن الوقوع في موضوعية رغبات المرء يعني، الخلط بين الصورة الذاتية وكائن نتبناه لأنفسنا  يمكن أن يسبب لنا الخدع، ويجعلنا النجوم المحتالين غير السعداء بل سخفاء الصفحات الاجتماعية.

التعليقات