الايديولوجية القومية هي التي فازت في اسرائيل‎

الايديولوجية القومية هي التي فازت في اسرائيل‎
الأيديولوجية  القومية  هي التي فازت في إسرائيل

بقلم: د. علي الأعور*

حتى منتصف الليلة الماضية وصباح اليوم الثلاثاء كانت نتائج العينات التلفزيونية  الإسرائيلية قد أعلنت  فوز ساحق لحزب الليكود بشكل خاص وأحزاب اليمين الإسرائيلي بشكل عام  وفي المقابل فوز القائمة العربية المشتركة واقترابها من خمسة عشر مقعدا في الكنيست القادمة 23 والتي جرى انتخابها يوم امس الاثنين .

ومهما كانت النتائج النهائية التي يعول عليها غانتس زعيم الأزرق والأبيض او ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا فإنها لن تبتعد كثيرا عن نتائج العينات التلفزيونية بمقعد واحد على الأقل سواء لصالح حزب الليكود او لصالح ليبرمان او غانتس  ولن تؤثر بشكل عام في الهوية الأيديولوجية  والمدرسة الفكرية لكل الأحزاب التي شاركت في الانتخابات باستثناء انها سوف تؤثر بشكل كبير  في قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة يمينية ضيقة وهو ما ستسفر عنه النتائج النهائية خلال اليوم.

وبتحليل  عام لاهم ملامح  نتائج الانتخابات وتفوق حزب الليكود واليمين خلافا لنتائج الانتخابات السابقة فقد ركز نتنياهو في حملته الانتخابية  في انتخابات مارس 2020 " النزعة القومية في خطابه الى الجمهور الإسرائيلي  وتمحور في عدة نقاط:

*أيديولوجية  واضحة جدا تقوم على تبني فكر الضم والتوسع والاستيطان  والاعلان صراحة بانه سيقوم بضم منطقة الاغوار وشمال البحر الميت  وضم المستوطنات الى السيادة الإسرائيلية .

*البدء برسم حدود  دولة إسرائيل وفقا للفكر الصهيوني  في بناء دولة يهودية  خالصة تتبنى فكر عودة اليهود من الشتات الى الدولة اليهودية.

*تأييد صفقة القرن  والعمل على تنفيذها بعد الانتخابات الإسرائيلية مباشرة.

* إعلانه قبل الانتخابات بيومين إقامة عشرة الاف وحدة استيطانية  في منطقة جبل أبو غنيم  وتوسيع مستوطنة غفعات حمتوس  بألاف الوحدات السكنية الاستيطانية الجديدة التي سوف تفصل شرقي القدس عن الضفة الغربية وتحويل الضفة الغربية الى كنتونات ومنع قيام دولة فلسطينية .بالإضافة الى إقامة مستوطنة جديدة على أراضي مطار قلنديا شمال القدس

* إعلانه صراحة لا يهمه ردة فعل الرئيس أبو مازن والسلطة الفلسطينية على قرارات الضم والتوسع وتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات بمعنى فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات.

*تبني صراحة فكر الصهيونية الدينية  واظهر نفسه انه رجل قومي يريد بناء إسرائيل يهودية جديدة وليس رجل براجماتي  وكان واضحا جدا لناخبيه.

*تعيين امير اوحانا وزيرا للعدل  وتعيين دان الداد نائبا للمدعي العام في إسرائيل وكلاهما أصحاب توجهات يمينية وفكر يميني  من شانه تمرير قرارات يمينة في المؤسسة القضائية  وفتح ملفات الفساد ضد غانتس بالإضافة الى تصريحات مستشار غانتس " يسرائيل  بخار " الدي اعلن ان غانتس يشكل خطر على دولة إسرائيل  وبدلك يكون التقى مع الفكر اليميني لدى نتنياهو.

اما الإجراءات التي اتخذها من اجل ايقاظ الليكوديين النائميين  فقد وصل اليهم في بيوتهم وفي ملعب كرة القدم  وفي الأسواق  واخد يهتف امن إسرائيل أولا وبناء إسرائيل جديدة قوية في الشرق الأوسط بتحالفات مع عدد من الدول العربية لمواجهة العدو الأكبر حسب مفهومه  وتعبيره وهو العدو الإيراني.

بهذه الحملة الانتخابية تمكن نتنياهو من الفوز في الانتخابات والتفوق على قائمة الأزرق والأبيض ولكن صوته وخطابه وفلسفته كانت واضحة جدا تتمحور حول فكر جابوتنسكي  الصهيوني وفكر الضم والتوسع والاستيطان وهو ما عبر عنه الناخب الإسرائيلي  وبقوة وبرز الان الفكر القومي والنزعة القومية هي التي تقود إسرائيل نحو المجهول.

اما في الجانب الاخر ،  القائمة العربية المشتركة  فقد برزت فيها وفي حملتها الانتخابية " النزعة القومية العربية الفلسطينية  التي تسعى نحو برنامج قومي  فلسطيني واضح يقوم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية الى جانب نسف وتدمير قانون القومية  اليهودي وتثبيت الفكر العربي واللغة العربية والموروث الثقافي  والاجتماعي والوطني الفلسطيني في الأرض الفلسطينية لدى الجماهير العربية في الداخل  وأعلنت  صراحة انها ضد فكر نتنياهو التوسعي الاستيطاني وانها ضد صفقة القرن  وضد سياسة الترحيل والترانسفير في إشارة الى صفقة القرن التي اكدت على تبادل أراضي المثلث بمعنى ترحيل سكان المثلث وهو ما رفضته الجماهير العربية جملة وتفصيلا وأعلنت ان جدورها عميقة في هدة الأرض ولن ترحل عنها.

والنقطة الثانية  التي نجحت من خلالها القائمة المشتركة وهي القضاء بشكل كامل على العائلية والحمولة والعشائرية  وأعلنت وجود أحزاب عربية فلسطينية تتبنى كل المكونات السياسية في الجماهير العربية وباب الحوار والنقاش مفتوح في كل المسائل الداخلية والقومية  و منعت  الرموز العشائرية من التحالف في الأحزاب الصهيونية  ونسجت  قائمة وطنية مشتركة عنوانها القومية الفلسطينية والهوية العربية للجماهير العربية في الداخل.

وهكدا نجد ان هناك قوميتين  نجحتا في الانتخابات الحالية للكنيست 23 ، القومية الصهيونية  الدينية اليهودية  والقومية العربية الفلسطينية  قانون القومية اليهودي  مقابل المساواة العربية في الحقوق السياسية  وإبراز الجانب الفلسطيني في الهوية  العربية ، سياسة الضم والتوسع والاستيطان  مقابل سلام عادل يقوم على حل الدولتين ...تلك ملامح المرحلة القادمة في إسرائيل  لدى الجمهور الإسرائيلي والجماهير العربية في الداخل وهدا ما سنراه في داخل الكنيست القادمة من صراعات فكرية ونقاشات أيديولوجية ربما تقود نحو  المساواة والعدالة الاجتماعية والحقوق السياسية للجماهير العربية.

*باحث وخبير في الشؤون الاسرائيلية.

التعليقات