دار الشعر بمراكش تفتح ديوان "لكلام المرصع"

رام الله - دنيا الوطن
اختارت دار الشعر بمراكش أن تكون فقرة "الكلام المرصع"، وهي الفقرة الشعرية التي تحتفي بالقصيدة الزجلية، مخصصة هذه المرة لأجيال وتجارب للتجربة الشعرية الزجلية المغربية، في ليلة احتفاء خاصة يوم الاربعاء 26 الماضي، بمقر دار الشعر مراكش بالمركز الثقافي الداوديات. وشهدت فقرة الكلام المرصع مشاركة الشعراء عمر بوري، شيخ الملحون الروداني، والشاعرة فتيحة لمير، أحد رائدات الزجل المغربي الأصيل، والشاعر والمسرحي محمد نورالدين بن خديجة. وقدم الفنان الشاب اسماعيل سكوني بعضا من المقاطع الموسيقية لفن الملحون.

فقرة الكلام المرصع، نافذة دائمة على الزجل المغربي، وعلى مختلف تجاربه وحساسيته. هذا المنجز الشعري الذي أمسى اليوم، ضمن مكانه الطبيعي في المشهد الشعري بالمغرب. وتخصيص فقرة خاصة، الى جانب مشاركات الشعراء ضمن الفقرات الشعرية لبرامج الدار، محاولة ضافية لمزيد من الاقتراب من جماليات هذه النصوص التي تلامس وجدان المتلقي. وشارك، شيخ الملحون الروداني، عمر بن أحمد بوري، (المعروف بالحاج عمر بوري)، مواليد 1936 بتارودانت. أحد أعلام فن الملحون، إذ نالت قصائده حضورا قويا بين رواد هذا الفن في المغرب، وقدمها الكثير من "الشيوخ" الى جانب أسماء معروفة اليوم، المفتاحي واليحياوي والازرق ومرحتي..

الدكتور عباس الجراري، في حديثه عن تارودانت، يشير الى أن الآداب والفنون تكاد تكون أهم ما تميز به أهل هذه الحاضرة العريقة في الجنوب، "بدء من الشعر العربي الذي حازوا فيه قصب السبق، مع ما لهم من التعبير الأمازيغي من تألق وتأنق، الى الملحون الذي انقاد طائعا على لسان مبدعيه.. ولا أخفي كم شدني اهتمامي بهذا الفن الى أحد كبار أشياخ نظمه الرودانيين، الحاج عمر بوري". واختار الشاعر عمر بوري قصيدة عن الربيع والعمران، في وصف متفرد، تبحر في ثنايا الوصف للطبيعة وانتقال الى بعض الحرف التقليدية، في نظم سلسل لا يتوقف.

وشاركت الشاعرة فتيحة لمير، أحد الشاعرات اللواتي حافظن على ميزة خاصة لقصيدتها الزجلية بطابعها الأصيل، وتصبغ عليها طابع المنطقة، مستمدة الكثير من غنى القول، كي تعطي لقصيدتها لونا وطابعا خاصا. واختارت الشاعرة أن تقرأ نصوصا متفرقة في موضوعاتها، بين الحب والأرض والهوية. مستمدة قوة نصوصها من محافظة على سجيتها وطراوة كلماتها، واستلهام عميق للكثير من معين الكلام، حافرة في عمق الوجدان الشعبي. معجم قصائد الشاعرة فتيحة المير، نابع من هذه الطراوة والخصوصية، من حيث استلهامها للكثير من ثقافتنا الشعبية، وتراثنا المادي واللامادي.

واعتبرت فقرة الشاعر والمسرحي الفنان المراكشي، محمد نورالدين بن خديجة، هذا الصوت الشعري والفني والذي اغتنى من تجربته الفنية، مما أعطى لقصيدته خصوصية جعلتها قريبة من وجدان الناس. افتتح فقرته بموال غنائي، يستدعي موسيقى ناس الغيوان الخالدة، ليتنقل بين قصائده التي راكمها سنوات طويلة. موضوعات تقترب من الجانب البصري واليومي، لكنها مسكونة بلغة المسرح. في الكثير من اللحظات، انتقل الشاعر محمد نورالدين بن خديجة الى الشعر الممسرح، حيث يؤدي أكثر من القراءة، ويصبح الصوت الشعري، أقرب الى صوت الممثل على الخشبة.

وهكذا تواصل دار الشعر بمراكش تنويع فقرات برمجتها الشعرية، لتعمق من استراتيجية الدار، والتي أمست تعيد التأكيد على حاجتنا للشعر اليوم في منظومتنا المجتمعية. وستتواصل مستقبلا ، هذه البرمجة الغنية، التي تعمق من انفتاح الشعر وحواريته على مختلف أنماط الطرق الإبداعية، كما تزيد من الانفتاح على التجارب الشعرية والحساسيات المختلفة في القصيدة المغربية المعاصرة.