من الأشلاء والدماء إلى حياة أخرى.. ماذا تلتقط عدسات المصورين المهاجرين من غزة؟

من الأشلاء والدماء إلى حياة أخرى.. ماذا تلتقط عدسات المصورين المهاجرين من غزة؟
شادي العصار
خاص دنيا الوطن - رفيف عزيز
دخان الطائرات المُحلقة في السماء، تُعطي منظراً جمالياً رائعاً، في غزة، هي طائرات حربية، تُرعب المدنيين، وتحصد أرواح الأبرياء، أما خارج غزة، فهي جزء من استعراض جوي حربي رائع، سنرغب في نقله للعالم ليرى هذا الجمال، هنا يكمن الفرق، الذي لن يلمسه سوى مصورين صحفيين، خرجوا من غزة إلى العالم.

 فعين المُصور الصحفي، تلتقط مالا تلتقطه الأعين الأخرى، فهو يرصد الجمال، الغرابة، الحياة، المشاعر، المآسي، ولكن في غزة، لم يكن المُصور يلتقط سوى "الموت".

فماذا تلتقط عدسات المصورين المهاجرين من غزة إلى العالم؟

مشاهير وفنانون

يقول المُصور شادي العصار، والذي غادر غزة إلى تركيا قبل عامين: "كان شغلي في غزة محصوراً بين التصوير الصحفي، والتصوير التوثيقي والقصص الإنسانية، وغزة مليئة بالمصورين لدرجة أنك حين تعمل تقريراً عن حالة معينة، تجد بعد أسبوع 40 قصة عن نفس الحالة، ويرجع ذلك لكثرة المصورين، وصغر مساحة غزة".

وأضاف شادي في حديثه لـ"دنيا الوطن": "في تركيا، أقل مشوار أقطعه لأصور، 50- 100 كيلو فقط داخل اسطنبول، أما إذا ذهبت خارجها لتقرير عن رحلة سياحية، لاتقل الطريق عن 200 كيلو، مما يعطيني مجال لأكتشف أماكن أكثر، وأشاهد ثقافات أكثر".

ليست هذه الفروق الوحيدة التي عايشها شادي، فقد أتاح له العمل بتركيا، استخدام كاميرات حديثة لم يسبق له العمل عليها في غزة، كما حقق شغفه بتصوير الحفلات الغنائية الكبيرة، من ضمنها حفل للفنان الفلسطيني محمد عساف.

يقول شادي: "صورت مؤتمرات وفعاليات وحفلات كبيرة، وعملت لفترة بتصوير الموديلز، كما صورت رحلات سياحية وجلسات تصوير احترافية بالطبيعة".

وأتاح خروج شادي من غزة له، الالتقاء بكثير من المشاهير والفنانين والإعلاميين، وفتح له علاقات وآفاقاً مع عدد كبير من الأشخاص، كان من المستحيل أن يلتقيهم أثناء وجوده في غزة.

دفن قدميه بغزة وخرج

أما المصور مؤمن الفايز، الذي فقد قدميه بصاروخ إسرائيلي عام 2008، لم يستطع الاحتلال اقتلاع جناحيه، فحلق خارج غزة إلى تركيا.

يقول لـ"دنيا الوطن": "يكمن الفرق بالأمان، فهنا التقطت صوراً للحياة الآمنة بدون احتلال، وهذا ما نفقده في غزة، التي فيها حرب وحصار وفقر".

ويتمنى مؤمن في كل صورة التقطها، أن يلتقط مثلها في غزة بعد زوال الظُلم عنها.

من الأشلاء والدماء إلى الجمال

يوافقة الرأي المُصور محمد زرندح، والذي وصف الفرق بـ "الشاسع" بين الإمارات حيث يقيم حالياً، وغزة.

وقال زرندح لـ"دنيا الوطن": "لا نصور فقط معاناة ومأساة، بالعكس، هنا حياة، ألوان، جمال، كانت الصورة الصحفية في غزة عبارة عن دم وأشلاء وقصف وموت، بينما هنا مفهوم الصورة الصحفية هي أحداث مُفرحة، مؤتمرات، فعاليات، أنشطة، إنجازات".

وأضاف: "رأينا العالم، الوضع بين غزة والخارج يختلف 180 درجة، خاصة أننا عايشنا فترات صعبة من الحروب والتصعيد، كانت 80% من الصور في غزة، تُظهر معاناة الشعب الغزي وأزماته المتتالية".

وتابع زرندح: "في الإمارات هنا، تختلف الأمور تماماً، هنا يوجد رفاهية، ويوجد جمال، روح الحياة والإنسانية، نشعر هنا بأن للإنسان حق الأولوية في كل شيء، عكس غزة، فقط يأس، وكنا نُصوره لننقل معاناتنا للعالم".

ونوه زرندح إلى حرية العمل الصحفي في الإمارات مقارنة بغزة، وقال: "في غزة لا نحمل بطاقات مصورين، ومرعوبين دائماً، ويتم طرح أسئلة علينا ماذا تفعلون ولمن تصورون؟ كان صعباً أن نوصل فكرة أننا كمصورين لدينا رسالة".

واستطرد: "أقيم في الامارات منذ سبعة أشهر، لم يوقفني أحد ويطلب مني بطاقة تصوير، دخلت الكثير من الأماكن، والتقطت صوراً دون أي عوائق، عدا الأماكن الحساسة المتعارف عليها عالمياً".

وكشف زرندح، أنه حاول أن يبرز الناحية الجمالية في غزة، لكنه وصل لمرحلة أصبحت فيها كل الصور متشابهة، ومتكررة، وليست بها حياة كما أراد.

وتابع: "أما في الإمارات، زرت جبال، زرت مناطق جمالية، التقطت صور تُعبر عما بداخلي، ووثقتها بطريقتي الخاصة التي كنت أبحث عنها في غزة".

حرية التنقل

وركز المُصور نضال الوحيدي، والذي خرج من غزة لفترة وجيزة وعاد، على صعوبة التنقل، وقال في حديثه لـ"دنيا الوطن": "نرى الدنيا على حقيقتها، في خارج غزة تطور اقتصادي وتطور معماري، تطور بنية تحتية، أمور لا نراها في مدينتنا، كذلك حرية التنقل بين البلدان، تنقلت من تركيا إلى لبنان، خلال ساعتين فقط، بينما لو خرجنا من غزة لبلد آخر نحتاج 5 أيام على الأقل".

وأضاف: "كما أن العادات والتقاليد في الخارج تتيح لنا الإمساك بالكاميرا والتقاط أي مشهد يُعجبنا، بينما في غزة نبقى قلقين من ردود فعل الناس من إمساك الكاميرا والتقاط أحد المشاهد".

يُذكر، أن غزة شهدت ثلاثة حروب مُتتالية، كما تُعاني من حصار خانق لما يزيد عن عشر سنوات، قامت إسرائيل بفرضه إثر نجاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية في 2006، ثم عززت الحصار في 2007 بعد سيطرة حركة حماس على غزة في حزيران/ يونيو  2007.

صور شادي العصار:









صور محمد زرندح:









صور مؤمن فايز:













صور نضال الوحيدي:






























التعليقات