ما قصة الصعود الصاروخي لهالاند؟

ما قصة الصعود الصاروخي لهالاند؟
رام الله - دنيا الوطن
لم يكن مدافع نادي مانشستر سيتي ألف هالاند الذي توقفت مسيرته الكروية على إثر تدخل من لاعب مانشستر يونايتد روي كين، يعلم أن ابنه الذي ولد في ليدز بعد أشهر قليلة من تلك الحادثة المأساوية، سيكون أفضل عزاء له على النهاية المبكرة لمسيرته، إذ بدأ نجله يشغل العالم في سن مبكرة. 

19 عاما و212 يوما فقط، هو عمر إيرلينغ براوت هالاند، "ماكينة" بوروسيا دورتموند الألماني الذي بصم في فترة وجيزة على انطلاقة عظيمة.

إذا كان هالاند ابن لاعب دولي نرويجي معروف، فإن والدته كانت بطلة قومية في ألعاب القوى، حيث حطمت رقما قياسيا في السباعي. وفي بيئة مثالية للنجاح الرياضي، جرب -رفقة والديه- رياضات أخرى، مثل كرة اليد وألعاب القوى، لكنه لم يكن يحلم سوى في أن يحذو حذو ملهمه النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي بدأ بصناعة مجده خارج بلده الإسكندنافي، في أياكس الهولندي عندما كان عمر هالاند عاما واحد.

عندما عاد والداه من إنجلترا، كان الطفل مجبرا على تقفي أثر والده الذي انطلق من فريق براين الذي يمثل بلدة صغيرة على الساحل النرويجي.

نضج الفتى سريعا وشارك مع الفريق الاحتياطي وعمره 15 عاما، إلا أن براين في ذلك الوقت لم يكن فريق الماضي، ففي نهاية الموسم ودع دوري الدرجة الثانية، أما هالاند الذي لعب فترات مقتطعة من 16 مباراة فلم يسجل أي هدف، وقرر في نهاية الموسم جمع أغراضه والتحليق بأجنحته بعيدا عن والديه.

نحيل يفتل عضلاته

كان هالاند نحيلا حين اختار الرحيل نحو فريق مولدي النرويجي، حيث عمل على اكتساب وزن إضافي وعضلات تسمح له بمقارعة المدافعين.

وفي مقابلة مع موقع "إنسايد فوتبول"، قال المدرب ألف بيرتسين الذي أشرف على هالاند عشرة أعوام في براين، "عندما غادر إلى مولدي كان في السادسة عشرة من عمره، ذهب إلى أفضل نوادي النرويج، وهناك اكتسب كيلوغرامات إضافية، متبعا نظاما غذائيا خاصا، وكان يجري حصصا إضافية في تقوية العضلات".

لكن مهمته لم تكن سهلة، فقد انتظر المراهق حتى فبراير/شباط 2017 ليظهر للمرة الأولى، أما أول أهدافه فكان بعد سبع دقائق من دفع مدربه أولي غونار سولشكير به يوم 6 أغسطس/آب 2017.

يقول هالاند عن سولشكير الذي قدم له عصارة خبرته "إنه من أسباب ما بلغته حتى الآن، إنه شخص جيد ومدرب جيد كذلك". وكان سولشكير يريد ضمه إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي لكن المهاجم فضّل بوروسيا دورتموند الألماني في مرحلة الانتقالات الشتوية الأخيرة، فكان هدية رأس السنة لمشجعي الفريق الأصفر.

حمية رونالدو

المهاجم الذي سجل ثنائية في مرمى باريس سان جيرمان في سهرة الثلاثاء، رفع رصيده إلى عشرة أهداف في سبع مباريات في دوري أبطال أوروبا، متقدما على أبرز هدافي العالم.

وبلغت أهداف هالاند خلال هذا الموسم 39 هدفا في 29 مباراة، مؤديا بذلك موسما استثنائيا، ومع ذلك فإنه يفضّل ألا يتكلم كثيرا عن أرقامه، مركزا على أدائه فوق الميدان.

لا يحب هالاند الظهور كثيرا في وسائل الإعلام، ففي مقابلة تلفزيونية معه في سبتمبر/أيلول الماضي، أجاب عن الأسئلة باقتضاب شديد كما لو كان يتكلم مضطرا، وهو الذي شغل العالم حينها بعد تسجيله ثلاثية ضمن سداسية فريقه السابق ريد بول سالسبورغ النمساوي في شباك جنك البلجيكي بدوري الأبطال.

اللاعب الذي يحيط نفسه بخبرة والده، يتقيد بنظام غذائي صارم، وأكد والده لموقع "إي أس بي أن" أن ابنه يعتمد حمية غذائية مشابهة للتي يحرص عليها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ويأمل في أن يقتدي بمسيرة مهاجم يوفنتوس الذي يحافظ على لياقته مع أنه بلغ الخامسة والثلاثين من عمره.

كما يهتم النجم الصاعد بنفسه، إذ كشف مقربوه أنه يضع نظارات في المساء يحمي بها عينيه من ضوء شاشة الهاتف، فهو بحاجة إليهما للوصول إلى شباك حراس المرمى الذين يواجههم.

"الوحش" وتأثير الأضواء

وعلى الرغم من أنه يزن 87 كيلوغراما، فإن هالاند صاحب الطول الفارع المقدر بمتر و91 سنتيمترا، سجل رقما مذهلا في مباراة باريس سان جيرمان الأخيرة، فقد ركض مسافة 60 مترا في 6 ثوان و64 جزءا من المئة، في رقم قياسي يعكس السرعة التي يركض بها نحو قمة المجد في بداية مشواره الذي لا يزال طويلا.

تطور مذهل وسريع، يقول عنه قائد فريق مولدي النرويجي روبن غابريلسون "في المرة الأولى التي شاهدته فيها، لم أكن أعرف أنه بهذه القوة، ولكن بعد ذلك تطور بطريقة لم أشهد مثلها في حياتي، إنه أقوى مما يبدو وأسرع أيضا، إنه وحش".

الفتى الذي اختار بوروسيا دورتموند الألماني كي يواصل التطور، يدرس خطواته بعناية، فهو يريد أن يتطور تدريجيا، لكنه على ما يبدو لا يتقدم وحسب وإنما يصعد بشكل صاروخي وغير متوقع، ويجلب إليه أنظار العالم، فهل سيواصل الفتى الذي حطم الكثير من الأرقام القياسية إبهار العالم، أم أن صخبه سيتراجع تحت تأثير الأضواء وتيقظ المدافعين وحراس المرمى؟

التعليقات