(حرب الأرحام) تشتعل بين المرأة الفلسطينية والإسرائيلية بالداخل الفلسطيني.. فلمن الفوز؟

(حرب الأرحام) تشتعل بين المرأة الفلسطينية والإسرائيلية بالداخل الفلسطيني.. فلمن الفوز؟
صور تعبيرية
خاص دنيا الوطن- أمنية أبو الخير 
في صراع من نوع آخر، ليس غريباً لو أطلق عليه (صراع الأرحام)، استطاعت المرأة الإسرائيلية مع مطلع العام 2020 الانتصار على المرأة الفلسطينية، وذلك لأول مرة منذ عام 1960 

حيث أعلنت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية مع بداية العام، عن تفوق معدل الإنجاب لدى الإسرائيليات (3.05) مع التراجع المتواصل لمعدل إنجاب المرأة الفلسطينية، وتوقفه عند معدل (3.04)، بينما كانت تنجب 9 أطفال في ستينيات القرن الماضي، وتوقف عند 2.2 لدى المرأة الإسرائيلية.

للوقوف على هذا التغير الديمغرافي الخطير، تواصلت "دنيا الوطن" مع الدكتور علي الأعور، المختص بالشأن الإسرائيلي ومحاضر بالجامعة العربية، والذي أوضح أن معظم المجتمع الإسرائيلي في الستينات من القرن الماضي، كانوا من يهود أوروبا، ويحملون ثقافة أوروبية لا تحبذ إنجاب الكثير من الأطفال بل يكتفون بطفل أو طفلين. 

وأضاف الأعور" التغير الذي حدث بعد ذلك هو أن الهجرات التي جاءت كان من الدول العربية، اليهود الشرقيين، ويحملون الثقافة العربية وخصوصا القادمون من العراق والمغرب واليمن، وتتمثل هذه الثقافة بانجاب أكبر عدد من الأطفال".

وعن السبب الثاني قال: في الفترة الأخيرة، وخاصة في القرن 21 أي في العشرين سنة الأخير، أصبح توجه المجتمع الإسرائيلي دينياً أكثر من كونه مجتمعاً علمانياً، وهذا يعني أن اليهود المتدينين يفضلون إنجاب أكبر عدد من الأطفال لأسباب عديدة، منها السبب الأبرز هو الثقافة، التي حملوها معهم من العرب، والسبب الثاني أن الدولة العبرية، تقدم للأطفال مخصصات، وبالتالي كان الأمر يشكل لهم مصدر دخل ثابت.

وأوضح المختص بالشأن الإسرائيلي، أن الهجرة الروسية التي تمت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، جعلت عدد النساء تفوق عدد الرجال في المجتمع الإسرائيلي، وبالتالي أصبح هناك ارتفاع بنسبة الإنجاب.

أما بالنسبة لتراجع نسبة الإنجاب لدى المجتمع العربي، فأشار الأعور، إلى أن ذلك حدث نتيجة سياسة الاحتلال الإسرائيلي في القدس بالضفة الغربية، والأراضي الفلسطينية المحتلة، من إجراءات تعسفية وأبرزها هدم المنازل، فأصبح الفلسطيني لا يملك مأوى للأولاد، الذين يريد إنجابهم. 

وأكمل: على سبيل المثال لا يستطيع المواطن، أن يبني منزلاً بسبب وصول تكلفة الشقة إلى مليون شيكل، وبالتالي هذا أدى إلى انخفاض نسبة الزواج، ومن ثم الإنجاب في المجتمع العربي. 

وأكد على أن الديموغرافيا، كانت دائماً وأبداً تلعب دوراً كبيراً في السياسة، وبالتالي تكون مؤشراً خطيراً، ينعكس على المجتمع العربي والفلسطيني، مشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات.

وختم: يجب اتباع استراتيجات إجتماعية جديدة، سواء من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، أو من وزارة الأوقاف، لتسهيل عمليات الزواج والقضاء على نسبة العنوسة الموجودة في المجتمع الفلسطيني، وتيسير عملية الزواج لدى الشباب، وذلك سوف يؤدي إلى زيادة عدد المواليد في المجتمع الفلسطيني. 

وتشير إحصائيات مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية، إلى أن 50% من العائلات العربية، تعيش تحت خط الفقر، وحوالي 60% من الأطفال والفتية فقراء، في حين تبلغ معدلات البطالة بين القوى العاملة 7%، كما أن 13% من الأسر العربية تعجز عن توفير احتياجاتها الشهرية، وأخرى لا تنجح بتغطية قسم من هذه الاحتياجات بنسبة 34%.

ونشر الباحث في الدراسات الإسلامية، شريف محمد جابر، مخطط بياني عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وعقب عليه: خبرٌ يستحقّ الحزن عليه كثيراً والتفكير به مليّا.. لأول مرة منذ عام 1948 يتجاوز معدّل الخصوبة عند اليهود نظيره عند العرب في أراضي 48 كما يظهر في الرسم البياني، والحديث عن الداخل، ولا يشمل أهل الضفة وقطاع غزة.

وأضاف "فطوال تلك الفترة حتى عام 2018 كانت النساء العربيات، يتميّزن بمعدل خصوبة أعلى، ظلّ ينخفض تحت طرقات التدجين والمشقة الاقتصادية والوعي الزائف الذي بثّته الجمعيات المموّلة من الخارج، والتي تدعو إلى تحديد النسل وتكافح الزواج المبكر، وتهوّن من شأن الإنجاب".

وأكمل: الصورة أدناه من موقع صحيفة (هآرتس)، وهي توضّح كيف انخفضت معدلات الخصوبة بهذا الشكل الجنوني عند العرب، وهو أمر يستحق وقفة طويلة: هل كان ينبغي لنا ذلك؟

واستطرد: "في الواقع من يقارن حالنا بحال أهل الضفة وقطاع غزة، سيجد أن معدلات الخصوبة عندهم ما زالت عالية بالمقارنة معنا، ومع ذلك فنسبة المتعلّمين عندهم أكبر منّا بمراحل! بل ونسبة العنف وجرائم القتل أقل بمراحل! وهي نتيجة تؤكد أن كثرة الإنجاب لا علاقة لها بمستوى التربية والتعليم".

وأردف: من يزعم أن الديمغرافيا ليست مهمة فليتساءل: لماذا تهتم إسرائيل بجلب آلاف المهاجرين الجدد كل عام بغض النظر عن خاماتهم وفقرهم وتعليمهم (عام 2019 هاجر إليها 34 ألف مهاجر جديد)؟ لأنها تعي أهمية الديمغرافيا.. أما نحن فما زلنا مخدوعين بمقولات الوعي الزائف التي تنصحنا بتقليل الإنجاب، وبثقافة الاستهلاك التي جعلتنا نخاف من إنجاب أكثر من طفلين أو ثلاثة، وحين أنجبنا طفلين أو ثلاثة، زدنا من الإنفاق المالي، وتحولتْ الكماليات إلى حاجيات، وغرقنا في ثقافة الاستهلاك المرهقة، ولكنا- وللمفارقة- قللنا من الاهتمام التربوي والبناء الفكري، فتركناهم لقيم المجتمع والشارع! إلا من رحم ربك.. وأنا أتساءل: لماذا لا تعقد جمعياتنا ندوات ومؤتمرات عن هذا الفشل الديمغرافي الذي حلّ بنا، والذي يهدد مستقبلنا؟.


 في ذات السياق، رأى البروفسور خالد أبو عصبة، مدير معهد مسار للأبحاث الاجتماعية والتعليمية، أن السبب في تراجع نسبة الإنجاب لدى المراة الفلسطينية، يعود للتغير الثقافي الذي أصاب المجتمع العربي، وتحوله من مجتمع تقليدي يعتبر القوة في عدد الأسرة إلى مجتمع حديث يفضل النوعية على العددية.

وأشار أبو عصبة خلال حديثه مع "دنيا الوطن" أن ذهاب المرأة الفلسطينية في الداخل المحتل إلى سوق العمل، وعزوفها عن الزواج المبكر، وسط عراقيل كتوفير المؤسسة الإسرائيلية فرص العمل داخل التجمعات السكنية العربية، مما أجبر المرأة العربية على السفر لساعات للعمل، وتحديد النسل لصعوبة تربية الأولاد.

التعليقات