إيهود أولمرت، النضال الفلسطيني الإسرائيلي المشترك

إيهود أولمرت، النضال الفلسطيني الإسرائيلي المشترك
إيهود أولمرت، النضال الفلسطيني الاسرائيلي المشترك

د. رياض عبدالكريم عواد

إيهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، الرئيس الثاني عشر، استمر في المنصب من 4 مايو 2006 الى 31 مارس 2009، وُلد في الخضيرة عام 1945، رأس بلدية القدس منذ عام 1993 وحتى 2003، وقد تولى رئاسة الحكومة الإسرائيلية بالوكالة، بعد إصابة أرئيل شارون بجلطة دماغية. عُين عام 2006 رئيساً لحزب كاديما، واستمر حتى عام 2008.

نشأ أولمرت في عائلة يهودية عُرفت بانتمائها للتيار المتشدد في الحركة الصهيونية. حيث كان والده عضو منظمة أتسل اليهودية اليمينية، وكان شقيقه يوسي أولمرت رئيس الوكالة اليهودية. كان في صغره عضوا في حركة بيتار للشباب أسسها زيإيڤ جابوتنسكي. بدأ خدمته العسكرية في كتيبة 13 في لواء غولاني عام 1963، وقد أكمل الخدمة نهائياً عام 1971.

بدأ أولمرت حياته السياسية عضواً في حركة بيتار للشباب، والتحق عام 1966 بحزب حيروت، عام 1973 كان عضواً في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، وقد انتخب لثلاث دورات نائباً في الكنيست. ساهم وبشكل كبير في تشجيع الاستيطان في القدس عندما كان رئيس بلديتها، الذي استمر فيه لمدة عشر سنوات.

استقال أولمرت من رئاسة الحكومة في 2009 بعد أن بدأ يواجه تحقيقات في الشرطة حول عدة قضايا فساد. دخل أولمرت على اثرها السجن في فبراير 2016 لمدة 18 شهرا، وهو أول رئيس وزراء سابق يدخل السجن في تاريخ اسرائيل، في قضية "مشروع هوليلاند" المعماري في القدس التي اتُهم في إطاره بتلقي الرشوة.

مخرجات أنابوليس

في أعقاب مؤتمر أنابوليس، الذي التأم في شهر نوفمبر 2007 في الولايات المتحدة الأميركية، برعاية الرئيس بيل كلينتون، بدأت مفاوضات جدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بغية التوصل إلى اتفاق سلام في موعد لا يتجاوز نهاية عام 2008. عقد أولمرت وأبو مازن عشرات المحادثات، وبموازاة ذلك جرت مفاوضات بين وفدين رسميين، اسرائيلي وفلسطيني. بلغت المفوضات بينهما حافة الاتفاق، فقد توصلا إلى مسودة اتفاق تقضي بأن الحل يكمن في المبدأ المعروف: «دولتان لشعبين». وبموجبه تقام دولة فلسطينية على مساحة 94 في المائة من الضفة الغربية، تكون عاصمتها القدس الشرقية. وتقدم إسرائيل تعويضا عن 6 في المائة من أراضي الضفة الغربية، بأراض تساويها في المساحة والقيمة من أراضي 1948. قسم منها شمالي الضفة الغربية وقسم منها بتوسيع الحصة الفلسطينية من منطقة شمالي البحر الميت وقسم منها في الأراضي الخصبة الواقعة شرقي قطاع غزة، وهذا بالإضافة إلى ممر آمن ما بين غزة والضفة الغربية. وقد عرض أولمرت خريطة توضح هذا التقسيم رسمها بقلمه على ورقة. فقال له عباس إنه يريد أن يدرسها مع القيادة الفلسطينية، لكن أولمرت طلب منه أن يوقع عليها أولا.

لكن في النهاية فشلت محاولات الوصول إلى اتفاق وتوقفت المحادثات في أواخر عام 2008، عندما جرى اتهام أولمرت بالاحتيال وانتهاك الثقة وسُجن وسقطت معه مخرجات أنابوليس. ونجح بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة عن الليكود، وطوى المشروع وراح يعزز الاحتلال وتسبب في تجميد تام للعملية السلمية.

تجددت الصلة بين أولمرت وأبو مازن السنة الماضية في لقاء في باريس، وباشرا التفكير في استثمار التفاهمات التي توصلا إليها وعدم إضاعة جهديهما التاريخي هباء. واليوم وبعد الاعلان عن صفقة ترامب يجدانها أفضل فرصة للعودة إلى تلك المسودة.

نشر اولمرت مقالا في صحيفة «معريب» الإسرائيلية عقب الإعلان عن صفقة القرن، قال فيه إن هذه الصفقة «لا يمكن أن تصبح أساساً لحل الصراع مع الفلسطينيين» واعتبرها «مجرد إنجاز كبير لبنيامين نتنياهو في مجال العلاقات العامة لخدمة حملته الانتخابية، ولن تخدم إسرائيل والفلسطينيين بشيء». وقال أولمرت إن «خطة ترمب تمكن إسرائيل من ضم غور الأردن، والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ولن تجد من يؤيدها من الفلسطينيين». وحذّر منها بقوله «أخشى أن تنتهي الزفة التي كانت في واشنطن أثناء الإعلان عن صفقة القرن، ببكاء كبير، وأخشى أن نكون نحن الباكين».

اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على إطلاق حملة مشتركة ضد «صفقة القرن»، يؤكدان فيها أنها ليست التسوية الواقعية الممكنة وأن «هنالك صيغة أفضل بإمكانها التوصل إلى اتفاق سلام حقيقي وشامل بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب أجمعين».

لذلك سيظهر كل من الرئيس ابو مازن وأولمرت سويا في مؤتمر صحافي في نيويورك، في الوقت نفسه الذي يعرض فيه كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصهره، جاريد كوشنر، تفاصيل الخطة الأميركية المعروفة بـ«صفقة القرن»، على جلسة لمجلس الأمن الدولي. وسيحاولان التوضيح إن الرئيس الفلسطيني هو الشريك الحقيقي والوحيد الموجود حاليًا والذي يمكن التفاوض معه، وهو لا يرفض لمجرد الرفض، وأن رفض خطة ترمب لا يعني رفض عملية السلام. وسيقدمان بديلا عنها يمكنه تحقيق السلام، يقوم على أساس ما تم التوصل بينهما من تفاهمات في سنة 2008، عندما كان أولمرت رئيسا للحكومة الإسرائيلية.

إن موقف أولمرت ربما يساعد الرئيس ابو مازن على حشد دعم دولي واسع لرفض خطة ترامب، لأن رئيس وزراء إسرائيلي سابقا سيكون دليلا على أن الفلسطينيين لا يستبعدون التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل كجزء من المفاوضات بين الطرفين بخلاف الرواية الإسرائيلية الرسمية.

على أثر ذلك تعرض أولمرت لانتقادات من قبل مستشار وصهر الرئيس الأمريكي جارد كوشنر واصفا اياه بأنه متطفل ولم يعد ذا صلة. وكان حزب الليكود قد هاجم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت للقائه برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس، واصفا الرئيس الفلسطيني بأنه “عائق حقيقي للسلام”. وتابع: "أولمرت، الذي عرض حائط المبكى على عباس، الآن ايضا يعمل ناطقا باسمه”.

ان موقف أولمرت، رغم أنه خارج الحكم، وهي القادم من اليمين الصهيوني والذي تربى في شبابه في منظمة بيتار التي اسسها جابوتنسكي وهي تؤمن بمبادئ الفاش/ية الصه/يونية وتتبنى التكتيكات السياسية المدعومة بالعسكرية المتطرفة، ان هذا الموقف هام واستراتيجي، دون تهويل أو تسخيف، ويبين بوضوح أن كثيرا من الإسرائيليين وهم يرون دولة الاحتلال والإبارتهيد والتمييز العنصري والمستوطنين تتعزز وتتقوى، سيقتنعون بأهمية السلام مع الفلسطينيين ليس فقط من أجل مصلحة الفلسطينين، بل ومن أجل مصلحة الإسرائيليين واليهود أيضا.

ان الدولة العميقة في اسرائيل التي اغتالت رابين بالرصاص ثمنا لمواقفه السياسية مع الشهيد عرفات هي التي قد تكون اغتالت أولمرت ايضا سياسيا ورمته في السجن ثمنا لموقفه السياسي مع الرئيس ابو مازن؟!

ان النضال الفلسطيني الإسرائيلي المشترك، المبني على التعاون مع أي أفراد أو جهات تدين الاحتلال أو تؤيد الحق الفلسطيني ولو جزئيا، هو أحد وسائل النضال الهامة التي يجب استخدامها والبناء عليها.

التعليقات