أسرى محررون: خطورة كبيرة تواجه الأسرى الأطفال بغياب الممثّلين

أسرى محررون: خطورة كبيرة تواجه الأسرى الأطفال بغياب الممثّلين
رام الله - دنيا الوطن
قالت تقرير صادر عن هئية شؤون الأسرى والمحررين: إن الاحتلال الإسرائيلي ينتهج سياسة اعتقال الأطفال الفلسطينيين، كجزء أساسي من بنيته العنيفة وأدواتها، يحاول من خلالها سلب طفولتهم، وتهديد مصيرهم ومستقبلهم، ولا تختلف أدواته العنيفة المستخدمة بحق الأطفال في مستواها عن أدواته بحق المعتقلين الكبار، وتبدأ هذه الإجراءات منذ لحظة الاعتقال الأولى لهم حتى احتجازهم في السجون.

ومنذ عام 2015 وحتى نهاية عام 2019 اعتقل الاحتلال نحو (6700) طفل، وكانت النسبة الأعلى لاعتقال الأطفال في القدس، فيما تصدرت بعض البلدات التي تُشكل نقطة تماس مع جنود الاحتلال المشهد في اعتقال الأطفال، يذكر منها بلدات (العيساوية، بيت أمر، بيت فجار، تقوع، دير نظام، كفر قدوم، ومخيم العروب). 

وينفّذ الاحتلال انتهاكات جسيمة بحقّ الأسرى الأطفال منذ لحظة إلقاء القبض عليهم واحتجازهم، وذلك من خلال عمليات اعتقالهم المنظمة من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل إلى مراكز التحقيق والتوقيف، وإبقائهم دون طعام أو شراب لساعات طويلة وصلت في بعض الحالات الموثّقة ليومين، توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة إليهم، تهديدهم وترهيبهم، انتزاع الاعترافات منهم تحت الضغط والتهديد، دفعهم للتوقيع على الإفادات المكتوبة باللّغة العبرية دون ترجمتها، حرمانهم من حقّهم القانوني بضرورة حضور أحد الوالدين والمحامي خلال التّحقيق، وغير ذلك من الأساليب والانتهاكات.

ومنذ العام 2015؛ شهدت قضية الأسرى الأطفال العديد من التحولات، منها إقرار الاحتلال لعدد من القوانين العنصرية وتقديم مشاريع القوانين، التي تُشرع إصدار أحكام عالية بحق الأطفال، وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من عشر سنوات، وحتى الحكم المؤبد، وكان آخرهم الأسير أيهم صبّاح الذي تجاوز سن الطفولة في الأسر، وحكم عليه الاحتلال حين كان طفلاً (35) عاماً، وحين تجاوز طفولته رفع حُكمه للسّجن المؤبد.

ويطبق الاحتلال بحق الأطفال في الضفة القانون العسكري، فيما يُطبق إجراءاته الاستثنائية في القانون المدني الإسرائيلي على أطفال القدس، كجزء من سياسات التصنيف التي تُحاول فرضها على الفلسطينيين، وترسيخ التقسيمات التي فرضتها على الأرض، ومع أنها تُطبق القانون المدني الإسرائيلي على أطفال القدس، فقد وصل بها الأمر إلى استدعاء أطفال عبر عائلاتهم، لم تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات كما جرى في بلدة العيساوية، حيث استدعت سلطات الاحتلال –خلال شهر تمّوز/ يونيو2019- كل من: والد الطفل محمد ربيع عليان (4 سنوات)، ووالد الطفل قيس فراس عبيد (6 سنوات) وكلاهما من بلدة العيسوية في القدس، للتحقيق معهما بتهمة إلقاء الطّفلين الحجارة على مركبات شرطة الاحتلال، وفي الأول من آب/ أغسطس 2019، استدعت سلطات الاحتلال عائلة الطفلة ملاك سدر البالغة (8 سنوات) من محافظة الخليل، لغرض التحقيق مع الطفلة، وتكمن الخطورة الحاصلة من هذه الاستدعاءات، عدا عن الحصول على معلومات، في مطالبة عائلاتهم بإحضارهم، الأمر الذي يُشكل مساً مباشراً بالعلاقة بين الآباء والأبناء، ووضع تلك العلاقة محط تساؤل لدى الأطفال.

ولا تتوانى سلطات الاحتلال عن اعتقال الأطفال إدارياً وسُجلت على الأقل خمس حالات لاعتقال أطفال إدارياً خلال العام 2019، أُفرج عن أحدهم لاحقاً، ومنهم: الأسير نضال عامر من محافظة جنين، يبلغ من العمر (17 عاماً)، والأسير حافظ إبراهيم زيود (16 عاماً)، من محافظة جنين، والأسير سليمان محمد أبو غوش (17 عاماً)، من مخيم قلنديا، حيث أُفرج عنه بعد عدة شهور من الاعتقال، بالإضافة إلى الطفل سليمان قطش (16 عاماً) من بلدة عبن يبرود، والذي اُعتقل في شهر ديسمبر من العام المنصرم 2019، علماً أنه ومنذ عام 2015، سُجلت قرابة (30) حالة اعتقال إداري للأطفال.

❖     أوضاع الأطفال في سجون الاحتلال – وأهمية وجود ممثلين عنهم من الأسرى الكبار

تواصل إدارة سجون الاحتلال، إجراءاتها العنيفة بحق الأطفال داخل السجون، وتحاول بشتّى الطرق سلب ما تبقى من طفولتهم، فبعد أن كانت إدارة السجون تقوم بدمج الأطفال الأسرى في أقسام البالغين؛ فصلتهم في بداية انتفاضة الأقصى في أقسام خاصة في سجن "ريمونيم" بعيداً عن أي إشراف أو متابعة أو عناية من قبل الأسرى الكبار، وكانت هذه المرحلة الأسوأ على قضيتهم، حيث استفردت إدارة السجون بهم، وفرضت عليهم العديد من إجراءاتها العنيفة، ما انعكس تلقائياً على سلوكهم وتكوينهم، لا سيما وأنهم كانوا في وضع تواصل مباشر وفردي مع إدارة السّجون، ما يسمح لها ببثّ أفكارها وسياساتها وإرادتها عليهم وسلب عقولهم وتفريغهم من فكرهم الوطني، وذلك في مرحلة تنشئة حسّاسة وخطيرة.

ما دفع الأسرى في العام (2010) في  سجن "عوفر"-وبعد سنوات من النضال- لفرض واقع وحياة ونظام خاص بالأسرى الأطفال للإشراف عليهم، وإدارة حياتهم، وتمكّنوا من إحداث تحوّل في القضية عبر فرض وجود ممثلين عنهم على غرار الهيئات التمثيلية الخاصّة بالأسرى الكبار، وهي منظومة إدارية ابتكرها الأسرى تمكّنهم من البقاء موحّدين أمام السجّان.

فتمكّنت لجان متّفق عليها من الأسرى الكبار من احتضان الأطفال والاعتناء بهم، وحمايتهم، وتنظيم شؤون ومتطلبات حياتهم اليومية، وضبط وتوجيه سلوكهم، والدفاع عن حقوقهم أمام إدارة سجون الاحتلال، ووضع برنامج تعليمي تربوي تثقيفي لكل المستويات، من محو الأمية وحتى الثانوية العامة.

وقامت إدارة سجون الاحتلال بتاريخ 13 كانون الثاني/ يناير 2020 بنقل (34) أسيراً طفلاً من سجن "عوفر" إلى "الدامون" دون السماح لممثليهم بمرافقتهم، أو السّماح بوجود ممثلين لهم هناك، وذلك في خطوة أولية لفرض هذه السّياسة على جميع أقسام الأسرى الأطفال في السجون، إلّا أن الحركة الأسيرة واجهت ذلك بالرّفض والخطوات التّصعيدية، ما دفع بإدارة سجون الاحتلال للرّضوخ لإرادة الأسرى والموافقة المبدئية على وجود ممثلين في "الدامون".


التعليقات