الزبير بن العوام وزوجته "ذات النطاقين".. كيف انتهت علاقات الصحابة؟

الزبير بن العوام وزوجته "ذات النطاقين".. كيف انتهت علاقات الصحابة؟
تعبيرية
"لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ؛ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ" هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين جاءته نسوة يشكين أزواجهن، وكان رجالهن هؤلاء صحابة، من خير البشر، فكيف كان الصحابة في علاقتهم بزوجاتهم وفي انفصالهم عنهن؟ وفي زلاتهم؟

في التقرير التالي نشرت (مصراوي) قصة صحابيين جليلين هما: أسماء بنت أبي بكر، والزبير بن العوام رضي الله عنهما، تزوجا، وانفصلا، وكان كلاهما صالحًا، فكان الزبير بن العوام من المبشرين بالجنة، ونال ابنهما عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الشهادة في حياة أمه، أسماء، وكان هو من تدخل لتطليق أمه من أبيه.. فما هي قصة خلافاتهم

الظروف الفريدة التي جمعت الزوجين، الزبير وأسماء، لم تمنع طلاقهما فيما بعد، حيث كانت بداية زواجهما في ظل اضطهاد المسلمين من قريش وقبيل الهجرة بقليل، فتزوجت أسماء من الزبير بن العوام قبل الهجرة إلى المدينة، وأنجبت له ابنه عبد الله بن الزبير بعد وصولها المدينة مباشرة، فكان أول ولد يولد للمسلمين هناك.

عانت أسماء بشدة من ظروف حياة الزبير وفقره لدرجة أنها وصفت بداية زواجهما ومعاناتها بأنها كأنما كانت أمة، فروى البخاري في صحيحه في باب النكاح قولها: تزوَّجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء غير ناضح - بعير يُستقَى عليه- وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء، وأخرز -أخيط- غَرْبَه -الدلو الكبير- وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز جارات لي من الأنصار، وكُنَّ نسوةَ صدقٍ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطَعَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي مني على ثُلُثَيْ فرسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، فدعاني ثم قال: "إخ إخ" ليحملني خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال، وذكرت الزبيرَ وغَيْرَتَه، وكان أغيرَ الناس، فعرَف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييتُ فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسي النوى، ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركب، فاستحييت منه وعرفت غيرَتَك، فقال: والله لحملُك النوى كان أشدَّ عليَّ مِن ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس -ترويضها وتدريبها- فكأنما أعتَقَني.

وبعد هجرة المسلمين إلى المدينة، تغير حال الزبير بن العوام من الغنى إلى الفقر، وكما كانت أسماء خير معين في فقره، فكانت كذلك في غناه، وجاءت الرسول صلى الله عليه وسلم تسأله: ليس لي من بيتي إلا ما أدخل علي الزبير أفأعطي؟ قال نعم ولا توكي – أي لا تدخري وتمنعي ما عندك- فيوكى عليك.

لكن كان الزبير رضي الله عنه شديدًا مع زوجته، للدرجة التي جعلتها تشكوه لأبيها، فقال لها أبو بكر: يا بنية أصبري، فإن المرأة إذا كان لها زوج صالح ثم مات عنها فلم تزوج بعده، جمع بينهما في الجنة، رواه الألباني في صحيح الجامع.

وقد بلغت شدته أنه كان يضرب زوجاته، فيروي الطبري عن أسماء رضي الله عنها في "تهذيب الآثار" قولها: كنت رابع أربع نسوة تحت الزبير ، فكان إذا عَتِبَ على إحدانا ، فكَّ عودا من عيدان المِشْجَب، فضربها به حتى يكسره عليها. ما كان يفعله الزبير كان يفعله غيره من الصحابة بلا شك، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه: لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ

هكذا نرى كيف كان الزبير، رغم أنه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان يضرب زوجاته، غفر الله له، وكانت العلاقة بينه وبين أسماء تسودها الشدة والخلاف الذي أدى في النهاية إلى طلاقهما وانفصالهما، فاخذ الزبير بن العوام عروة وكان صغيرًا، وانتقلت أسماء رضي الله عنها لتعيش مع ابنها عبد الله بن الزبير، ويروى ابن عساكر في تاريخ دمشق أن طلاقها كان في وجود ابنها عبد الله فقيل: "إن الزبير ضربها فصاحت بابنها عبد الله، فأقبل إليها، فلما رآه أبوه قال: أمك طالق إن دخلتَ. فقال عبد الله: أتجعل أمي عرضة ليمينك؟! فدخل فخلصها منه".

لم يكن الزبير بن العوام رضي الله عنه وحده من يضرب زوجاته، أو يشتد عليهم، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليرضى بذلك حين كانت النساء تشتكين إليه، فخرج لأزواجهن قائلًا: " لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ؛ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ"، وقال في موضع آخر : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".

التعليقات