إيران والقضية الفلسطينية، الخلاصة

إيران والقضية الفلسطينية، الخلاصة
ايران والقضية الفلسطينية، الخلاصة
د. رياض عبدالكريم عواد

الشعب الفلسطيني ليس له اعداء غير الاحتلال الإسرائيلي. لذلك فإن إيران ليست عدوا للشعب الفلسطيني. كم كنا نتمنى لو كانت إيران صديقا أو حليفا للشعب الفلسطيني، تساعده على التخلص من الاحتلال وتحقيق برنامجه الوطني، لكن إيران للاسف فعلت غير ذلك ودخلت الى القضية الفلسطينية من شباك الفصائل التابعة لها وليس من باب السلطة و م ت ف، ممثلي الشعب الشرعيين الحقيقيين، هذا جوهر خلافنا مع ايران وغضبنا منها وعتبنا عليها، ارجو ان تكون النقطة واضحة.

إيران دولة إقليمية هامة ومن حقها البحث عن مصالحها والعمل على حمايتها من خلال التعاون مع دول الإقليم، وليس بالاعتداء عليها واستخدام فئات من الشعب وتحريضه على الانقلاب على الدولة والمجتمع وتفتيت البلاد والعباد وترسيخ الطائفية والمذهبية، وهنا يبرز جوهر خلافنا الثاني مع ايران، نحن ضد نهج إيران في ما يسمى تصدير الثورة إلى دول الإقليم من أجل الهيمنة والمصالح الخاصة.

الثورة الإيرانية ثورة دينية ايدناها في البدء لأنها كانت ثورة شعبية ولموقفها المناهض للاستعمار ولتأييدها للقضية الفلسطينية. مع مرور الايام قضت القوى الدينية الفاعلة في الثورة على مختلف الشركاء وأسست دولة دينية مذهبية. نحن كوطنيين نؤمن بقيم العلمانية والديمقراطية في بناء الدول، نرفض قيام الدولة الدينية ويزداد رفضنا أكثر عندما تكون هذه الدولة مذهبية وتحاول أن تصدر نموذجها إلى دول الجوار، وهذا هو سبب الخلاف الثالث مع إيران.

كان من الممكن أن نتغاضى كفلسطينيين أصحاب قضية وطنية، بحاجة إلى الكل العربي والإسلامي والانساني، عن سبب الخلاف الثاني والثالث مع إيران لو التزمت الأخيرة عدم التدخل الفض في قضيتنا الفلسطينية، واستخدام اطراف داخل الساحة الفلسطينية ضد مشروعنا الوطني ودعم الانقلاب والانقسام والمحافظة على استمراريته وديمومته.

ان دعم إيران للفصائل داخل الساحة الفلسطينية، بالمال والسلاح، لم يكن يوما من أجل دعم القضية الوطنية الفلسطينية، وإنما لتحويل غزة لقاعدة لإطلاق النار وفقا للمصالح والأهداف الإيرانية. ايران لم تساهم في تنمية واعمار الاراضي الفلسطينية ولم نرى لها اي دور في عملية بناء الإنسان والمؤسسات.

ملاحظة اخيرة لابد من التنويه لها، وهو الرد الإيراني المتوازن على مقتل قائد ما يسمى بفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. بغض النظر عن كل الاراء والادعاءات والتهديدات والتحليلات بالخصوص، فإن ايران لم تتعامل مع القضية من منطلقات معنوية وثأرية، وحجم الرد الإيراني على ذلك كان مدروسا ويعي ميزان القوى المختل بين إيران ودولة عظمى كأمريكيا، وكان يهدف الى عدم تعريض ايران لحرب مدمرة مع أمريكيا، وقد نجحت ايران في ذلك.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال لماذا لا تتعلم الفصائل الفلسطينية هذا الدرس من حليفتها ومعلمتها إيران، وتتوقف عن تعريض غزة لحرب مدمرة كلما دق الكوز في الجرة، ولماذا تدفع إيران الفصائل إلى أفعال تعرض الشعب الفلسطيني وحياته وقضيته إلى الدمار عند مثل هذه المواقف؟!

هذا هو الموقف الوطني من ايران، اعتقد انه موقف متوازن وصحيح، يقوم على قاعدة تعزيز الأصدقاء وحصر دائرة الاعداء في الاحتلال الإسرائيلي، لذلك نتمنى أن تعود إيران إلى رشدها وتتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني وتدعم القضية الفلسطينية من خلال م ت ف والسلطة الوطنية الفلسطينية لتساعد الشعب الفلسطيني على إنجاز مشروعه الوطني.

التعليقات