النماذج الاجتماعية

النماذج الاجتماعية
د يسر الغريسي حجازي

النماذج الاجتماعية

 "نقوم بصلواتنا كل يوم لتفادي النفاق والخيانة. هناك فقط خطوة واحدة بين الإيمان والنفاق. باختيارنا للنفاق، نختار الطرق الشيطانية ونسحق الطبيعة السماوية وكذلك أصوات الضمير. فلنرتقي إلى حد كمال السماء، ونتجنب مسارات الجهل والألم، لأن المثابرة والنفاق لا يلتقيان أبدًا. 

فلنكن بشرًا !".   

ما هو النفاق؟ هل النفاق يعني الكذب أيضًا؟ ماذا نجني من النفاق؟ يجب أن نعلم أيضًا، أنه من خلال لعب دور المنافق يجعلنا نجازف ونخسر أكثر مما نكسب. يجب علينا أن نفهم أن النفاق هو موقف غير صحي لنا، لأننا نعبر عن مشاعر كاذبة وآراء غير دقيقة يمكن أن تخوننا وتجذب لنا الخسائر. إن الافتقار إلى السلوك الحميدة ليس فقط هو الافتقار إلى الإخلاص، بل ايضا التخلي عن القيم الاخلاقية . ان مصطلح النفاق هو من أصل يوناني ويعني "الغيرة و الكوميديا و سوء السلوك و الجبن و التشهير". والشخص المنافق هو أيضًا المخادع والخبيث. بإخفاء ناويانا، نظهر الخداع والباطل تجاه الآخرين. لماذا القيام بالخداع؟ بينما يمكننا البقاء في طبيعتنا الجميلة والواضحة.

القبول بأن تكون منفاقا، يعني السماح لنفسك بلعب ادوار درامية  والانغماس في الصور النمطية التي لا نهاية لها. المنافق هو شخص يجيد فن إخفاء نوياه، و استعمال الغش في مشاعره بالنسبة للآخرين. النفاق هو بالتأكيد موقف سلبي، جبان وغير أمين. يمكن أن نواجه أشخاصًا منافقين يوميًا، يمكنهم أن يخلقوا لنا مشاكل في العمل، في المجتمع أو في داخل الأسرة. 

بشكل عام ، يمدحنا الناس المنافقون ويمكنهم تشجيعنا على ارتكاب الأخطاء. هم أيضا قادرون على الكشف عن أسرار أصدقائهم، وإظهار دهشتهم عندما يشعرون بخيبة أمل من تداركوا هذا الامر. إنهم أشخاص مغيبون عن المنطق و يمكنهم أذية الاخرين وتسميم حياتهم.يمكن للأشخاص المنافقين أن يكونوا خاطرين، لأنهم يشعرون بالغيرة من الآخرين، فهم يريدون أن يروا الناس يفشلون من حولهم لأنهم لا يقبلون رؤيتهم يقبلون علي النجاح في حياتهم. ان هذه الموجات السلبية بمثابة العدوان علينا، وقد تجعلنا غاضبين وغير مرتاحين. يحب الأشخاص المنافقون الاعتداء على الآخرين، لأنهم لا يشعرون بالرضا تجاههم أيضًا، ورؤيتهم لشخص حزين يجعلهم يشعرون بالرضا والراحة. ومع ذلك، فمن الضروري حماية انفسنا من هؤلاء الاشخاص السلبيون، و الحفاظ على الهدوء. قبل كل شيء، لا تغضب بل كن هادئًا وقم بتغيير المكان إذا لزم الأمر. أفضل طريقة لتجنب الناس الذين يجعلوننا غير مرتاحين هي الابتعاد عنهم، و على التعامل معهم ومن صداقتهم وإدماجهم في الاسرة. المشكلة هي أن خطر التعرض للناس المنافقين يلوج في كل مكان، سواء في العمل أو في المجتمع. وهذا  سبب في ضرورة اختيار الأصدقاء بعناية ، حتى لا نضطر إلى الاختلاط بأشخاص غير كفيء والمخاطرة بالانزعاج منهم. من السهل اختيار مجموعة الأصدقاء الدافئة والودية، بدلاً من الدخول في معارك ومواقف يمكن أن تدمر حياتنا. الأمر متروك لنا لاتخاذ الخيار الصحيح وعدم ترك أنفسنا في حالة سموم. ومع ذلك، هناك أوقات لا يمكنك فيها تجنب أن تكون بين المنافقين، سواء ان كنت في العمل أو في الأسرة. من الأفضل في هذه الحالة، أن نبقيهم بعيدًا عنا وأن نضع حدودًا واضحة بينهم وبيننا لأنه لا فائدة من إجبار انفسنا عبثًا على محاولة إرضائهم. إنه بمثابة محاولة الحفر في بئر من المياه.

يجب عليك أيضًا عدم المخاطرة و الدخول في لعبتهم، لانه يمكننا ان نفقد الثقة بالنفس وان نفقد الهدوء. الأمر متروك لنا لاتخاذ القرار الصحيح، للتأكد من احترامنا مع الحفاظ على المسافات اللازمة وتجنب خيبة الأمل وزعزعة الاستقرار والارتباك. سيكون من الأفضل تجنب المناقشات الطويلة والمتوترة إغراق انفسنا في المتاعب، خاصة عند محاولة متابعة محادثة  لا قيمة لها. كما يشبه النفاق الخيانة والجريمة المنظمة، و ما عليك أن تفهمه هو أن الشخصية المنفاقة يمكن أن تكون خطيرة ومتلاعبة. لقد شاهدنا مرات عديدة صديق منافق يتقدم بنفس طلبك للحصول على وظيفة قد بحنا بها و دون أن نعرف ان الصديق الذي فكرناه ودود قد ينافسنا في هذه الفرصة، بينما هو لم يعرف عنها من قبل. 

نحن ننتقل إلى قضية أخلاقية تاريخية، قد اظهرت  النفاق مع توحيد الصور النمطية المنسوبة إلى النساء والرجال من خلال القيم التي احتفظوا بها منذ عقود. ما زلنا نعيش في النظام الأبوي الذي يمارس فيه الرجل السلطة وله دور مهيمن في الأسرة والمجتمع و السياسة.يمثل النظام الاجتماعي القبلي، مثالاً للأبوية الذكورية. وفي بعض مناطق الشرق  الأوسط، لا يزال تتم جميع التدابير الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من غالبية الرجال الذين يحتفظون بالسلطة والمال. لقد أنشأ الرجال قواعد عشائرية باسم التقاليد والعادات، وذلك يتم من خلال القوالب النمطية الجنسانية لتعزيز قبضتهم على النساء وإدارة العلاقات بين النساء والرجال مثل سن قانون الزواج في سن مبكر والشرع بالقتل علي خلفية الشرف. تسببت التناقضات بين الطبيعة البشرية والكفاح ضد الظلم وعدم المساواة في توسيع النفاق و حدة العنف وفقًا للنظام الأبوي الذي يخضع ويضفي الشرعية على إيذاء النساء. النفاق هنا أداة للسيطرة على الهيمنة الأبوية. لقد ظهر النفاق مع توحيد الصور النمطية للأبوية التي أصلها النرجسية غير الأخلاقية للإنسان. في البداية، كذب الرجال لتسوية المواقف الأخلاقية لصالحهم، وجعلوها ممارسة دينية و اجتماعية ، وخلقوا الاختلافات بين الشعوب، و سببوا في التمييز  الاجتماعي والعرقي، ثم جعلوه قاعدة ومبدأ اجتماعي مرن. لقد سمحوا بالنفاق، والشكوك و سوء الفهم والغموض، وجعلوه عملية اجتماعية واجبة.

التعليقات