خبير قانوني يكشف بنود الخلاف باتفاقية (سيداو) وكيفية "التهرب" من البنود المخالفة للشريعة

خبير قانوني يكشف بنود الخلاف باتفاقية (سيداو) وكيفية "التهرب" من البنود المخالفة للشريعة
صورة تعبيرية
خاص دنيا الوطن- أمنية أبو الخير
أكد أستاذ القانون الدولي، الدكتور باسل منصور، أن هناك خلافاً حول توقيع السلطة الفلسطينية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وذلك لأن أي اتفاقية دولية، يجب أن تكون بما لا يُخالف القوانين والأنظمة المرعية لدينا في فلسطين، أو القوانين الدينية السارية في البلد، ولكن في اتفاقية (سيداو) هناك بعض البنود التي تخالف قوانيننا وأعرافنا الدينية.

وأضاف منصور في حديث لـ "دنيا الوطن": " نقاط الخلاف حول اتفاقية (سيداو) تكمن في البند الذي يتحدث عن الاستحقاقات الأسرية، والمقصود بها الميراث، وبالتالي المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، ومخالفة ذلك يعتبر عنفاً ضد المرأة، وفيما يخص حضانة الأطفال أيضاً، وهذا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، ومع المبادئ المرعية لدينا في فلسطين".

وتنص المادة 16 وفق الاتفاقية، وتهتم بـ "جميع أنواع التمييز ضد المرأة" في جميع الأمور المختصة بالزواج، وتكوين أسرة، فتكفل هذه المادة لكلٍ من الزوج والزوجة، نفس الحق في الزواج، واختيار شريك الحياة بحرية، وتكفل لهم نفس الحقوق والواجبات أثناء الزواج أيضًا، إذا قررا الانفصال، ولهم نفس الحقوق والواجبات في كونهم والدي الأطفال، نفس الحق في حرية اختيار عدد الأطفال، والمدة بين إنجابهم، إذا قررا إنجاب أكثر من طفل.

بالإضافة لنفس الحقوق والواجبات كزوج وزوجة متساويين في اختيار اسم للأسرة، وتحديد المهنة، ونفس الحقوق لكلا الزوجين في التعامل مع ممتلكات الأسرة، من حيث الحق في: امتلاك، حيازة، إدارة، التحكم، التمتع وحرية التصرف في هذه الممتلكات، سواء إن كان هذا التصرف مجانياً أو بمقابل ما.

وشدد المختص في القانون الدولي، على أن عملية التحفظ على بعض بنود أي اتفاقية دولية لا تتم إلا قبل التوقيع، أو بعد التوقيع إذا كان خلال عملية التصديق، أما بعد أن صادقنا عليها أصبحت ملزمة لنا كفلسطينيين، مردفاً: " إلا إذا بررت الدولة بطريقة أو بأخرى معارضة البنود للمبادئ الأساسية للقوانين والأنظمة المرعية لدينا أو للنظام الأساسي الفلسطيني، يمكن حينها عمل تحفظ، ولكن قانونياً تتم عملية التحفظ قبل التصديق، وليس بعده".

وحول إمكانية انسحاب السلطة من اتفاقية (سيداو")، قال: عملية الانسحاب هي عملية احتيال على القانون، أما في حال كانت الدولة متحفظة على بند معين، وأرادت سحب التحفظ أمر بسيط يتم في أي وقت تشاء، دون عملية الانسحاب، ولكن هناك مشكلة في عملية التحفظ من جديد بعد المصادقة على الاتفاقية الدولية".

وأكمل: نحن كسلطة وطنية فلسطينية، غير معنيين بالانسحاب من أي اتفاقية، بل معنيون بالالتزام بالمواثيق والتشريعات الدولية، والتأكيد على أننا جزء من المجتمع الدولي، فمن الصعب نوعاً ما الانسحاب".

يذكر، أن المادة 19 تنص على أنه يجوز لأي دولة طرف أن تبدي رغبتها في نبذ هذا البروتوكول، في أي وقت، بموجب إشعار خطي موجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ويسري مفعول الانسحاب من البروتوكول بعد ستة أشهر من تاريخ تلقي الإشعار من قبل الأمين العام.

وأوضح منصور، أن الدول الموقعة بإراتها، فعليها من خلال الاتفاقية الدولية، واجب قانوني وأخلاقي بالالتزام بما جاء بها، متمماً: "ولكن من الممكن التحجج بأن عدم الالتزام لأنها مخالف للقوانين الأساسية الفلسطينية، ففي فلسطين الشريعة الإسلامية، هي سيدة القوانين، وبذلك يمكننا عدم الالتزام بالبنود التي لا تتناسب مع الشريعة الإسلامية، والالتزام في باقي القوانين".

وأضاف " باقي الاتفاقية تنطبق مع القوانين المرعية لدينا في فلسطين، حول المرأة، كعدم التميز بخصوص التعليم، وعدم التميز بخصوص العمل، والمشاركة السياسية... الخ".

وأوضح، أن غياب السلطة التشريعية، هو ما منع السلطة الوطنية الفلسطينية من التشاور مع الأطراف الفلسطينية ودراستها قبل التوقيع على اتفاقية (سيداو) وهو ما كان سيجنب الشعب الفلسطيني الاعتراضات، التي وقعت بعد التصديق.    

يذكر، أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، هي معاهدة دولية، اُعتُمِدَت بواسطة اللجنة العامة للأمم المتحدة عام 1979، ونصفها على أنها وثيقة الحقوق الدولية للنساء، وتم التصديق على هذه المعاهدة في 3 أيلول/ سبتمبر من عام 1981 ووقع عليها أكثر من 189 دولة، من بينهم أكثر من خمسين دولة وافقت تحت إطار بعض التحفظات والاعتراضات، من ضمنهم 38 دولة، قد رفضت تطبيق البند رقم 38 من الاتفاقية، والذى يتعلق بسبل تسوية الخلافات المتعلقة بفهم الاتفاقية.

ويأتي الرفض تجاه اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من اتجاهين متعاكسين ومختلفين، الأول: يتمثل برفض ديني واجتماعي من قبل المحافظين، ويرى هذا الاتجاه، أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، يسعى لفرض معيار ليبرالي، وتقدمي نسوي على البلدان، وهذا لن يكون على حسب أي شيء آخر سوى القيم والتقاليد المجتمعية.

أما الرفض الثاني: فهو من قبل النسوية الراديكالية، وهي حركة
 نسوية تستند إلى أن جذر عدم المساواة الاجتماعية في كل المجتمعات المستمرة حتى الوقت الحالي، ترجع إلى النظام الأبوي، وهيمنة الرجل على المرأة، ويرى هذا الجانب، أن الاتفاقية لا تسعى لقضاء حقيقي وفعلي على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بل يرون أنها مجرد نوع من أنواع الليبرالية النسوية الضعيفة.

التعليقات