الهيئة الإسلامية المسيحية ومنظمة التعاون الإسلامي تختتمان ورشة حول الحفريات الاسرائيلية

الهيئة الإسلامية المسيحية ومنظمة التعاون الإسلامي تختتمان ورشة حول الحفريات الاسرائيلية
رام الله - دنيا الوطن
اختتمت الهيئة الإسلامية المسيحية ومنظمة التعاون الإسلامي ورشة عمل بعنوان " الحفريات الاسرائيلية .. بحث عن أوهام تؤسس لمدينة يهودية"، تحدث فيها عدد من المختصين والمهتمين بالشأن المقدسي.

وأشارت الورشة التي عقدت اليوم الثلاثاء الموافق 10/12/2019م في قاعة الشهيد بهجت أبو غربية في مقر المؤتمر الوطني الشعبي للقدس في مدينة البيرة، أن أكثر من مئة حفرية أسفل القدس المحتلة منذ الاحتلال الإسرائيلي للمدينة عام 1967، 22 منها فاعلة، 4 تحت وحول المسجد الأقصى المبارك، 5 أسفل البلدة القديمة، 5 أسفل بلدة سلوان، و8 أخرى في مواقع متفرقة، و 57حفرية ونفق تخترق المسجد الأقصى المبارك.

كما حذرت الورشة في بيان صحفي مشترك صادر عن الهيئة ومنظمة التعاون، من خطورة بناء مقبرة يهودية ضخمة جديدة أسفل المقبرة القديمة التي تمتد من جبل الزيتون وحتى بلدة سلوان، وتبلغ مساحتها أكثر من 1600 متر مربع بعمق 50 متراً، وتتسع لأكثر من 23 ألف قبر بتكلفة بلغت نحو 90 مليون دولار.

وأبرزت الورشة الحفريات أسفل المسجد الأقصى، ومنها: الحفريات التي تقع جنوب المسجد الأقصى وتحديداً خلف الاقصى المبارك ومسجد النساء والمتحف الاسلامي والمئذنة الفخرية بعمق 2- 4 م، إضافة إلى الحفريات جنوب غرب الأقصى والتي تمتد على نحو 80م، أما الحفريات في المنطقة الجنوبية الشرقية للأقصى فتخترق الحائط الجنوبي للحرم القدسي، وأروقة المسجد الاقصى، وأسفل جامع عمر، وأسفل الابواب الثلاثية للأروقة أسفل الاقصى، بعمق 13م، والتي تُعرض جدار الاقصى لخطر التصدع والانهيار، أما أكبر الحفريات، فهي حفريات النفق الغربي، والتي على اثرها حدثت هبة النفق عام 1996م، ممتدة من أسفل المحكمة الشرعية، أسفل ابواب السلسلة، المطهرة، القطانين، الحديد، وباب المجلس الأعلى الاسلامي، وأسفل مئذنة قيتباي الأثرية وسوق القطانين، وآخر الحفريات فهي  نفق "درب الحجاج"، الذي يمتد من مدينة داوود في سلوان إلى حائط البراق على طول 700م.

وتحدث في الورشة كل من الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الدكتور حنا عيسى، ممثل منظمة التعاون الاسلامي لدى دولة فلسطين السفير أحمد الرويضي، الامين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس اللواء بلال النتشة، الرئيس المسلم للهيئة الاسلامية المسيحية، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية سماحة الشيخ محمد حسين، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المهندس عدنان الحسيني، نائب محافظ محافظة القدس السيد عبد الله صيام، راعي كنيسة الروم الأرثوذكس –جفنا الأب جورج عواد، الخبير في شؤون مدينة القدس الدكتور جمال عمرو، مدير الآثار والسياحة في الأوقاف الاسلامية الدكتور يوسف النتشة، عضو لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات سلوان في القدس الاستاذ فخري أبو دياب، نائب المدير العام لدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس الشيخ ناجح بكيرات.

وأشار البيان إلى أن أهداف الورشة تأتي في اطار نشاط اسلامي مسيحي، بحضور مجموعة من ذوي الاختصاص بشؤون الحفريات للوقوف على خطر الحفريات أسفل القدس القديمة والمسجد الأقصى، والتنديد بعمليات الحفر المتواصلة واقامة الانفاق، والتأكيد على أن القدس عاصمة دولة فلسطين وأحقية الوجود الاسلامي المسيحي فيها، وفضح وتوثيق الانتهاكات الاسرائيلية بحق مدينة القدس ومقدساتها، ووضع دول العالم العربي والاسلامي بصورة ما يجري داخل أسوار المدينة المقدسة، إضافة للمطالبة بتوفير الحماية الدولية والدعم اللازم لنصرتها، ومساعدة المقدسيين على التجذر في مدينتهم والصمود في وجه ترسانة الاحتلال واجراءاته.

وأوضح البيان أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تقوم بأعمال عدة للسيطرة على القدس، على أكثر من محور وبوسائل شتى، من حيث القرارات الدولية، وسن القوانين الداخلية، والتغيير الديمغرافي والجغرافي، وفرض الأمر الواقع على المدينة المقدسة، ومن هذه الأعمال التهويدية: تفريغ المدينة من أهلها،  بمحاولات مستمرة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية، من أجل نزع الهوية العربية الإسلامية التاريخية من المدينة، وفرض طابع مستحدث دخيل وهو الطابع اليهودي.

يشار إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، تواصل هذه الحفريات في محاولة لإيجاد دليل أو بقايا دليل على الأرض والهيكلين الأول والثاني المزعومين، لذا تركزت حفرياتها التهويدية حول المسجد الأقصى من الجهة الغربية، والجوار القريب الجنوبي أو ما تسمى بلدة سلوان، حيث باشرت سلطات الاحتلال بعد وقوع شرقي القدس والأقصى والبلدة القديمة تحت الاحتلال بالحفريات التهويدية، وكان أولها هدم حي المغاربة غربي المسجد الأقصى وحائط البراق، وتدمير آثار وعقارات عربية وإسلامية عريقة، وفي نهاية 1967 وبداية 1968 بدأت حفريات كبيرة جنوب الأقصى وغربه وصلت إلى عمق 14 مترا كشفت عن بقايا آثار القصور الأموية، ومنها الحجارة العملاقة، إلا ان كل هذه المحاولات وما تلاها حتى يومنا هذا، لم تفلح في ايجاد أي أثر للمزاعم الإسرائيلية.

ويتفق علماء التاريخ البشري أنّه لم تحظَ مدينة قط بما حظيت به القدس من أهمية لدى شعوب الأرض قاطبة، فهي مهبط الوحي، وموطن إبراهيم خليل الرحمن، ومقر الأنبياء، ومبعث يسوع المسيح له المجد التي ألقاها إلى أمه مريم عليها السلام، وهي أولى القبلتين، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، استقبلها المسلمون في صلاتهم، وخصّها الله بإسراء رسوله وحبيبه المصطفى وحتى اليهود يزعمون بأنها تضم "معبدهم المقدس".، فالقدس مدينة عربيّة من أقدم مدن العالم.

 وقد دخلت عبر التاريخ في حكم عدد من الإمبراطوريات، ما أدى إلى تغيير اسمها أكثر من مرة تاريخياً، ففي العهد الروماني صار اسمها إيليا وحصلت على إسمها القدس منذ العهد العباسي، كما وتغيرت حدود القدس أكثر من مرة وصولاً إلى حدودها الحالية، كما شغلت على مر التاريخ مكانة خاصة في نفوس أتباع مختلف الديانات السماوية، وحظيت وما تزال، بمكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، وتميزت بخصوصية الزمان والمكان، فهي في الزمان ضاربة جذورها منذ الحضارة العربية الكنعانية، أما بالنسبة لخصوصيتها المكانية، فقد شملت الموقع والموضع، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات، وأَمّتها الجماعات البشرية المختلفة، مخلفة وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية، التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ، دلالة على عظم وقدسية المكان. 

ولابد أن يكون لمثل هذه الظاهرة الحضارية الفذة أسباب ومبررات، هي سر خلودها واستمرارها آلاف السنين، رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت إلى هدم المدينة، وإعادة بنائها ثماني عشرة مرة عبر التاريخ، وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخاً من سابقتها، دليلاً على إصرار المدينة المقدسة على البقاء.