هيئة مكافحة الفساد تفتتح مؤتمرها الدولي الأول

هيئة مكافحة الفساد تفتتح مؤتمرها الدولي الأول
رام الله - دنيا الوطن
أكد الرئيس محمود عباس على أهمية وضرورة الإستمرار في محاربة الفساد ومكافحته، وأوضح قائلا: " إذا نجحنا في هذا أعتقد أننا سنكون في طريقنا إلى بناء دولة فلسطينية مستقلة معافاة نزيهة تؤمن بالقانون والنظام وتسير إلى الأمام، وتستفيد من شبابها ونسائها، من كل مكوناتها".

جاء ذلك في مستهل افتتاحه للمؤتمر الدولي "نزاهة وحوكمة من أجل التنمية المستدامة"، والذي تعقده هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، ويستمر لمدة يومين، بمشاركة وحضور مختصين وباحثين وخبراء ومسؤولين محليين وإقليميين ودوليين.

وأشار الرئيس إلى أن الفساد آفة من الآفات التي تصيب شعوب الأرض كلها، موضحا: "لا ننكر أننا جزء من هذه الشعوب، ولذلك شكلنا مؤسسة مكافحة الفساد برئاسة رفيق النتشة قبل 10 سنوات من أجل أن نحارب الفساد، وقلت له في حينه إنه لا يوجد أحد مسؤول عنك، لا يوجد لك مرجعية إلا ضميرك والقانون، نريد أن نستأصل شأفة الفساد من هذا البلد، وهي قضية طويلة ونحن نعرف أنها طويلة وصعبة وشاقة، وقلت له يكفي أن تأتيك رسالة من أي إنسان، من أي شخص، من أي جهة، لتقول لك هناك قضية فساد في المكان الفلاني وعليك أن تتابعها من الألف إلى الياء، ولا تأخذك في الله لومة لائم، إنما إذا جاءك شخص برسالة كيدية وكثير اولئك الكيديون، هؤلاء يحاكمون، فبدلا أن تحاكم الشخص المدعى عليه تحاكم الشخص الذي جاء بدعوة كيدية شريطة أن تتأكد أنها تهمة كيدية".

وأوضح الرئيس أن الديانات السماوية الثلاث حاربت الفساد، حيث ورد في القرآن الكريم عشرات الآيات عن الفساد ومحاربته، وكذلك في الديانة المسيحية واليهودية، لأنه لا يمكن أن تكون هناك شريعة سماوية لا تحارب الفساد.

ورحب بجميع الوفود الإقليمية والدولية، وشدد على أهمية إستخلاص العبر والنتائج الهامة من المؤتمر، حيث أن الفساد مكروه في كل مكان في الدنيا، وعلينا أن نسير غي محاربته دون أي تحفظ، وتمنى التوفيق لهيئة مكافحة الفساد في مؤتمرها في باقي أيامه.

من جانبه أشار رئيس هيئة مكافحة الفساد المستشار الدكتور احمد براك إلى أن الهيئة دأبت منذ تأسيسها على ممارسة مهامها واختصاصاتها التي أُنيطت بها بموجب القانون، على الرغم من الظروف الصعبة والتحديات الجسام التي لا تخفى على أحد، وعلى رأسها الاحتلال الذي يعمل بكل السبل والطرق على تقويض جهود بناء دولة فلسطينية تستند على قواعد الحوكمة والعدالة والشفافية والنزاهة، مؤكدا بأن إقرار قانون مكافحة الفساد بالعام 2010 شكل علامة فارقة في مسيرة الدولة التشريعية، حيث جاء القانون كمتطلب وطني، معبرا بالوقت نفسه عن الإرادة السياسية العليا القاضية بالمضي قدما لمحاربة ومكافحة الفساد، مشددا على ضرورة إدخال عددا من التعديلات على نصوص القانون، ليكون أكثر انسجاما مع الاتفاقيتين العربية والأممية لمكافحة الفساد، خاصة في قضايا تجريم جرائم الرشوة والاختلاس بالقطاع الخاص، وتجريم الجرائم الاقتصادية التي تمس بالاقتصاد الوطني وعلى رأسها التهرب الضريب والجمركي الماسة بالمال العام، وتعزيز وسائل التعاون الدولي في استرداد الاموال المهربة وتسليم المجرمين، الى جانب عدد من التعديلات الضرورية الهادفة لتمكين الهيئة من القيام بمهامها وعملها باستقلالية وفاعلية.

وأكد المستشار براك على أن الهيئة تمكنت بالرغم من كافة الصعوبات ومن حداثة تجربتها من تحقيق جملة من الإنجازات، حيث سجلت حضورها على المستويين المحلي والدولي، سواء في مجال التوعية أو التدابير الوقائية، أو في جانبي إنفاذ القانون والتعاون الدولي، حيث اعتمدت الهيئة خلال السنوات الماضية استراتيجيتين خلال الفترة الممتدة من العام 2012 حتى العام 2019، وُضع لهما خطط تنفيذية تمكنت من خلالها من تنفيذ ما يقارب (2000) نشاط وفاعلية، هدفت الى تعميم المعرفة والتوعية بآثار الفساد ومخاطره والوقاية منه، شارك فيها أكثر من (150) الف مواطن، وقد طالت تلك الانشطة كافة قطاعات المجتمع ومكوناته "القطاع العام والقطاع الخاص والمنظمات الاهلية"، كما قامت الهيئة بإعداد واصدار ما يزيد عن (40) منشوراً ما بين دراسة ومواد تدريبية وتوعوية، وأعدت ما يزيد عن (10) دراسات شملت قطاع الحكم المحلي بهيئاته المحلية والقطاع الصحي وقطاع النقل والمواصلات، تبعها تقارير أُعِدَّت لتوضيح مدى الاستفادة والتصويب الذي تم من قبل القطاعات المستهدفة على ضوء ما أُجري من دراسات.

وشدد على اهتمام الهيئة بقطاعي الشباب والمرأة الفلسطينية، حيث خصصت الهيئة لهم عددا كبيرا من الأنشطة سواء بالمدارس أو بالأندية أو الجامعات، موضحا بأن الهيئة تمكنت من إعداد مساقين جامعيين تبنتهما ثمانية جامعات وكليات جامعية فلسطينية، والتحق بهم أكثر من (8000) طالب وطالبة، في إشارة واضحة لتنامي الوعي لدى الطلبية بأهمية هذا الموضوع، وكشف بان الهيئة تسعى حاليا لإنشاء أكاديمية فلسطينية لمكافحة الفساد تابعة للهيئة، على غرار ما قامت به عدد من دول العالم، كما أطلقت الهيئة في العام 2017 استراتيجية نسوية لمكافحة الفساد انبثق عنها عشرات البرامج والانشطة بهدف اشراك المرأة الفلسطينية في جهود مكافحة الفساد، وأكد المستشار براك على اهتمام الهيئة أيضا بالقطاع الإعلامي حيث عملت الهيئة على إعداد استراتيجية إعلامية بالعام 2017، انبثق عنها العديد من البرامج والأنشطة التي هدفت الى استخدام الإعلام في جهود مكافحة الفساد بالدولة والتوعية بأهمية الاندماج والمشاركة من قبل الجميع بجهود مكافحة الفساد والتوعية بمخاطره.

وكشف براك أن هيئة مكافحة الفساد تلقت منذ تأسيسها (3949) شكوى وبلاغ، احيل منها (437) ملفاً الى السلطات القضائية المختصة، فيما تشير الاحصائيات الى أن عدد القضايا التي أُحيلت لمحكمة جرائم الفساد حتى منتصف الشهر الماضي قد بلغ (208) قضية سجلت امام محكمة جرائم الفساد، تم الفصل في (173) قضية منها، وقد بلغ عدد الاحكام الصادرة بالإدانة من بين تلك الاحكام (123) حكماً، أما فيما يتعلق بالمتحصلات الجرمية المحكوم بها من قبل القضاء فكانت كالتالي: ما يقارب ثلاثة وخمسون مليون دولار، وما يزيد عن ستة وثمانين الف دينارا أردنيا، وما يزيد عن اثنين وعشرين مليون شيكل، وما يقارب تسعة مليون درهما إمارتيا، وما يزيد عن مائتين وسبعة وعشرين مليون جنيهاً مصريا.

وأشار إلى ان الهيئة اعتمدت الاستراتيجية الوطنية عبر القطاعية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد 2020-2022 بالتعاون والشراكة مع كل اطياف ومكونات المجتمع الفلسطيني، وتعمل حاليا على أتمته شاملة لكل أعمال الهيئة واجراءاتها بما يكفل ويضمن تحقيق النتائج المطلوبة من حيث السرعة والدقة العالية في العمل، كما بدأت في إعداد نظام ودليل اجراءات خاص بتنظيم عملية تعبئة إقرارات الذمة المالية من بدايتها وحتى نهايتها الى جانب المباشرة بإعداد نظام الكتروني محوسب خاص بهذه الاقرارات، بالإضافة إلى اطلاق برنامج محوسب مخصص لاستقبال الشكاوى والبلاغات من خلال الهواتف الذكية، ووقعت الهيئة حتى اليوم ست مذكرات تعاون وتفاهم دولية بهدف تعزيز وتفعيل التعاون الدولي لمكافحة الفساد، كما اعتمد مجلس الوزراء الموقر وأقر خلال الاشهر القليلة الماضية ثلاثة مشاريع انظمة جديدة تقدمت بها الهيئة تتعلق بمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة بالدولة وهي: "نظام حماية الشهود والمبلغين، نظام خاص بالهدايا، ونظام منع تضارب المصالح"، الى جانب اقرار مجلس الوزراء للنظام الخاص بعمل المجلس الاستشاري لهيئة مكافحة الفساد، مشددا على أهمية اقرار حق الحصول على المعلومات لتكون دولة فلسطين الدولة الثامنة على المستوى العربي التي تقر هذا القانون.

وتقدم براك بعظيم الشكر والامتنان لسيادة الرئيس محمود عباس حفظه الله، على هذه الرعاية الكريمة لمؤتمر الهيئة الدولي، والذي يتصادف مع اليوم العالمي لمكافحة الفساد، كما تقدم بالشكر الجزيل للأخ رفيق النتشة الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد على كافة الجهود التي بذلها، وشكر كافة كوادر الهيئة والحضور والمشاركين بالمؤتمر.

بدورها اشادت الممثل الخاص لمدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي السيدة إيفون هيلي بالجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة الفلسطينية وهيئة مكافحة الفساد على وجه الخصوص لمحاربة الفساد ومكافحته، مشيرة إلى أن هذه الجهود تتقاطع مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، وأكدت على أن السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1994 سعت لمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، موضحة بأن تنظيم هذا المؤتمر الدولي يؤكد على الرغبة السياسة الكبيرة بمكافحة الفساد وملاحقة مرتكبيه، وشكرت هيئة مكافحة الفساد على دعوتها للمؤتمر، وتمنت التوفيق للهيئة بكامل أنشطتها المستقبلية.

من جهته عبر رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في المملكة الاردنية الهاشمية عطوفة الدكتور مهند حجازي عن سعادته بالتواجد في هذا المؤتمر الدولي الذي يصادف اليوم العالمي لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن الفساد لا يُمارس في دولة بعينها بل أصبحت دول العالم كافة تكتوي بناره وتعاني مجتمعاتها من مخاطره، وأكد بأن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الأردنية ستكون الوجه الأخر لنظيرتها الفلسطينية، مشددا على أن الهيئة الأردنية لن تبخل على نظيرتها الفلسطينية بتبادل الخبرات التي تحتاجها، مؤكدا على أن مذكرة التفاهم بين هيئتي البلدين حددت مجالات التعاون والتنسيق بين طرفيها طبقاً لمبادئ وأهداف الإتفاقيتين الأممية والعربية لمكافحة الفساد، موضحا بأن تاريخ العلاقة بين هيئتي النزاهة ومكافحة الفساد في البلدين يعود إلى سنوات خلت بدأت منذ تأسيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، مؤكدا على أن خصوصية العلاقة الأخوية بين البلدين متجذرة تاريخاً ونسباً وتنسج يوماً بعد يوم نموذجاً متميزاً  في علاقات الشعبين الشقيقين.

بينما شدد رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ومحاربتها في المملكة المغربية معالي السيد محمد بشير راشدي على أهمية هذا الملتقى الدولي لتبادل الخبرات وتعزيز المنظومة الإقليمية لمكافحة الفساد وتعزيز مبادئ الحوكمة والشفافية، مشيرا إلى أن مشاركة المغرب في هذا المؤتمر تؤكد على العلاقة المتينة بين الهيئتين المغربية والفلسطينية، حيث يأتي ذلك تطبيقا لمذكرة التعاون بين الطرفين على أرض الواقع، مؤكدا على أن إنتشار الفساد يؤثر سلبا على الديمقراطية والتوزيع العادل للثروات ويساهم بتفشي الجريمة وإنهيار الإقتصاد، مشددا على ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لإيجاد حلول تردع الفساد وتحاسب مرتكبيه.

فيما أعرب نائب رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد في دولة الكويت المستشار رياض الهاجري عن تثمين دولة الكويت لما يطرحه المؤتمر الدولي من موضوعات قيمة باتت دون أدنى شك تسترعي انتباه واهتمام المجتمع الدولي لتماسها مع جهود منع ومكافحة الفساد وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، موضحا بان الحوكمة تمثل أداة الحكومات للوصول إلى مجتمع يتسم بالتنظيم والرقابة وسيادة القانون تحكمه مبادئ النزاهة والشفافية وقواعد المسئولية والمساءلة، وشكر هيئة مكافحة الفساد على الجهود الدؤوبة والمثمرة في الإعداد والتنظيم لعقد فعاليات هذا المؤتمر الهام.

هذا ويستمر المؤتمر ليومي الثلاثاء والأربعاء 10-11 كانون الأول 2019، في فندق الميلينيوم في رام الله، حيث ستناقش خلاله أكثر من سبعين ورقة عمل وبحث علمي، من قبل مختصين وخبراء محليين وإقليميين ودوليين.



التعليقات