قبرص الغزاوية

قبرص الغزاوية
عماد الاصفر 

"جزاه الله خيرا توفيق الحكيم، فكم كان مصيبا عندما اختار حماره الذي اشتهر باسم حمار الحكيم، ليكون وسيطا بينه وبين ما كان يجري حوله من احداث محيرة، مع انها لم تكن قد هوت وتهوي الى قعر التفكك والارتباك والتخبط والضعف، كما تهوي اوضاع المنطقة العربية الان في حفرة التردي التي لم يظهر قاعها بعد، ومع ذلك، اقتضت الظروف آنذاك ان يلجأ توفيق الحكيم الى حماره، ربما لانه لم يكن راغبا في الكلام المباشر، او لم يكن باستطاعته ان يتكلم كما يريد".

الفقرة اعلاه للمفكر المرحوم خالد الحسن عضو مركزية فتح، وقد استهل بها كتابه (يوميات حمار وطني)، ترى لو عاش الحسن ايامنا هذه، ماذا كان سيكتب ؟!!!

حضرني العنوان والكتاب وانا اشهد تصدر اسم قبرص لعناوين الاخبار، رغم انها لا تلعب في المونديال، واقرأ هذا الفيض من الحلول (الإبداعية) لازمة الانقسام وبحسب علمي فقبرص الجزيرة تشتهر بثلاثة امور هي: حمارها القبرصي الشهير والذي صار رمزا للبلاد، وكونها جزيرة مقسمة الى شطرين يوناني وتركي، واخيرا بانها دليل على غربتنا المعنوية وبؤسنا الجغرافي، فميناء غزة الذي كان مرسوما رئاسيا بُدء العمل على تنفيذه في عهد ياسر عرفات، اضحى منسيا كالمطار والممر الآمن واشياء اخرى كثيرة، لصالح مشاريع اخرى مبهمة، لكي لا نقول اشياء اخرى، ومنها ميناء غزة الذي سيكون في قبرص وتحت السيطرة الاسرائيلية.

قرأت خبرا يقول عنوانه: "حماس رفضت المقترح الاسرائيلي"، وبحثت في ثنايا الخبر فلم اجد رفضا وانما اشتراطا هو الافراج عن كافة اسرى صفقة شاليط!!!! واذا ما اعتقلت اسرائيل آخرين فاعتقد اننا سنوافق على نفي الميناء الى ما هو ابعد من قبرص مقابل الافراج عن المعتقلين الجدد.

هذا غريب ولكن هناك ما هو اغرب، وهو : من الذي اقترح؟ وعلى من ؟ وكيف؟ وبأية صفة؟ ان مجرد تعاطي الجمهور مع الخبر بهذه البساطة هو اقرار بحق حماس في الانفصال، والانفراد بقطاع غزة وتحديد مصيره بعيدا عن مصير الاراضي الفلسطينية، وقد تكرر الجبهة الشعبية او حزب التحرير الاسلامي الحكاية لا سمح الله ولا قدر، فتسيطر مثلا على قلقيلية او برطعة، وتتفق مع الاحتلال على ادارة معبر تدخل البضائع منه او تخرج في الاتجاه المعاكس داخل الخط الاخضر.

صفقة القرن التي رفضت من فلسطين الرسمية يبدو انها خصصت لغزة وان تنفيذها قد يتم تدريجيا وقد يبدأ بهذا الشكل، الهادف الى الضغط على السلطة للالتحاق بهذه الصفقة خشية فقدان اي امل باعادة توحيد الضة وغزة.

شهرة الحمير القبرصية جاءت من حجمها الكبير وقدرتها الفائقة على التحمل، حتى ان بريطانيا العظمى جندت في صفوفها 23 الفا منها لنقل عتادها ايام الحرب العالمية الثانية.

ومع انخفاض اعداد الحمير في الجزيرة الى 800 حمار فقط، بذلت منظمة "أصدقاء الحمير" جهودا لحماية هذا الحيوان الصابر المكافح، وقد اثمرت جهودها فزاد حمير الحمير بقبرص الى 12200 حمار، بين عامل ومتقاعد. وهو ما قد يؤهل قبرص من جديد لاستئناف عمليات تصدير وبيع الحمير الى مصر والسودان وسوريا كما كان في السابق.

ان تصدر قبرص الحمير فهذا شيء عادي، اما ان تصدر لنا الحلول السياسية، والموانئ فهذا غريب، واعتقد ان حمير قبرص ذاتها لو عرض عليها الامر لقالت: #تسقط_صفقة_القرن .

التعليقات