أساليب النضال درس من الواقع

أساليب النضال درس من الواقع
أساليب النضال، درس من الواقع

د. رياض عبدالكريم عواد

يقول الواقع بوضوح تام أن اعتماد أشكال نضال لا تتناسب مع إمكانيات الشعب والمرحلة النضالية التي يمر بها تؤدي الى نتائج كارثية على الشعب والقضية وتفضي إلى نتائج سياسية تتناقض مع مصلحة الشعب والقضية.

كما أن فرض تعريف للمقاومة واحتكارها وفقا لرؤية الحزب ومصالحه بعيدا عن واقع الشعب وامكانياته ومصالحه يخلق أيضا تناقض حقيقي بين الشعب والحزب، مما يدفع بالأخير إلى اتهام كل من له رؤية سياسية مختلفة في المقاومة وأساليبها بانه عدو للمقاومة والمقاومين، يستخدم من أجل ذلك كل الوسائل والرموز والآيات والأحاديث بهدف إخراج الناس عن الصف الوطني مرورا باتهامهم بأنهم أجندات للغير وادوات للعدو وصولا الى التكفير والتفسيق.

أن هذه النتيجة البديهية وهذا الاحتكار للمقاومة يظهر جليا من خلال ما اعتمدته الفصائل من تجييش وعسكرة لعناصرها وتحويل أعضائها إلى جيوش وكتائب وسرايا، واستخدام أسلحة لا تتلائم مع واقع وامكانيات الشعب.

كما يتضح هذا مرة اخرى في الحروب الثلاثة وما بينها من عشرات الجولات التصعيدية التي خاضتها غزة اضطراريا وحولت الحياة فيها إلى موت سريري.

اما النتائج الكارثية لمسيرات السلك وما سقط على مذبحها من موت وبتر وجروح، ومن توجيه ضربة قوية لفكرة النضال السلمي من أجل الرجوع والعودة. ان ما آلت إليه نتائج هذه المسيرات من تهدئات ومستشفى للمارينز وما خفي كان أعظم؟!، لم تعد تخفى على أحد؟!

فضلا عن ذلك فإن اختيار أساليب خاطئة لا تتناسب مع الواقع والمرحلة ولا تلائم إمكانيات الشعب ومقدرته يدفع بالفصائل إلى البحث عن حلفاء/ممولين لتوفير احتياجاتها المالية والعسكرية المتنامية، دون المقدرة على منع تدخل هذا الممول في شؤونها الداخلية والحفاظ على مصلحة الشعب وقرارها المستقل. كما أن العملية العسكرية والتجييش تضعف مقدرة الأحزاب على اختيار العناصر المؤمنة بالنضال وتدفعها إلى تجنيد كل ما هب ودب دون تدقيق، تحت حاجتها إلى مزيد من العساكر والعناصر. كل هذا يضعف العملية النضالية ويفقدها روح النضال والتضحية ويتحول النضال والمقاومة إلى مجموعة من المصالح يتقاسمها الكبار على حساب الصغار......؟!

كل ما سبق يؤكد أن تحميل الشعب فوق طاقته وشد الحبل إلى منتهاه ودفعه الى تبني اساليب من المقاومة لا تتوافق مع واقعه وامكانياته، يدفع بهذه الاحزاب، لا محالة، إلى الهروب إلى الأمام والبحث بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة عن طرق للنزول عن الشجرة التي اعتلت فوقها ووضعت الشعب والقضية من خلالها على كف عفريت. من هنا تبدأ عملية التفتيش عن الحلول السياسية التي كانت ترفضها وتجيش عناصرها والشعب ضدها، وتضطر إلى البحث عن المبررات والتفتيش بين الآيات لإقناع نفسها بما كانت ترفض الاقتناع به سابقا وتعتبره كفرا بواحا وخيانة ليست بحاجة إلى دليل؟!.

ان الشعب الضعيف المحتلة أرضه والذي يواجه عدو يتفوق عليه استراتيجيا في مختلف المجالات وخاصة في المحال العسكري، أن السبيل الوحيد والمجرب أمام هذا الشعب هو النضال الشعبي السلمي طويل الأمد حتى لا يكون ضحية ولقمة سائغة لسلاح العدو الفتاك، وينتهي به المطاف الى اليأس والاحباط والقنوط والكفر بالقضية والنضال، وليكون هذا الشعب أيضا وقودا للمشاريع السياسية الحزبية والاقليمية الضيقة.

التعليقات