جلسة تبحث في أبعاد نظام الأبارتايد الإسرائيلي وأدواته وتداعياته على الشعب الفلسطيني

جلسة تبحث في أبعاد نظام الأبارتايد الإسرائيلي وأدواته وتداعياته على الشعب الفلسطيني
رام الله - دنيا الوطن
استأنف المؤتمر العالمي الأول حول الأبارتايد الإسرائيلي جلساته في إسطنبول اليوم السبت 30-11-2019، وعقدت الجلسة الثانية للمؤتمر بعنوان أبعاد نظام الأبارتايد الإسرائيلي وأدواته وتداعياته.

استهل الدكتور كامل حواش، رئيس حملة التضامن الفلسطيني في بريطانيا، خلال تقديمه للجلسة الثانية من المؤتمر، الحديث عن تجربته في التعامل مع المحتل الاسرائيلي عندما حاول العودة إلى فلسطين ومنعه من ذلك، مؤكدا أن هذه القصص مهمة جدا لإيصالها للعالم.

وأضاف قائلاً: "عندما تقع أي كارثة في العالم نجد إسرائيل تسعى لإظهار نفسها كدولة إنسانية تقدم المساعدات للمنكوبين لكن هذه الانسانية تتوقف عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين".
مصطفى: قانون القومية يؤكد على الأصل الاستعماري لإسرائيل
وفي مداخلته تحدث الدكتور مهند مصطفى مدير عام مؤسسة مدى الكرمل عن طبيعة العلاقة بين الفلسطينيين في الداخل المحتل وبين دولة إسرائيل وعن قانون القومية بالنسبة للمشروع الصهيوني وإسرائيل.

وقال مصطفى: "منذ التسعينيات كان هناك مشروعان فلسطينيان يهيمنان على الشعب الفلسطيني، الأول هو دولتين لشعبين وهذا المشروع افترض أن المشكلة الفلسطينية بدأت منذ ١٩٦٧ وأن الحل يكون من خلال إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل".

وأضاف: "أما الفلسطينيون في إسرائيل كان لديهم مشروع المساواة في التوزيع، وتحديدا الخطاب الفلسطيني داخل إسرائيل كان يشدد على المساواة في التوزيع لأن المشكلة الأساسية التي يعاني منها الفلسطينيون في الداخل هي التمييز".

ونوه إلى أن "المشترك بين المشروعين هو ما تبين بعد اتفاق أوسلو أنهما تجاهلا بنية وجوهر ما يسمى النضال الاسرائيلي، المشروع الأول تجاهل البنية الاستعمارية للاحتلال الإسرائيلي الذي جاء تكملة لمشروع الاستعمار، أما الثاني فتجاهل جوهر النضال الإسرائيلي كمشروع اثني عنصري".

وأكد مصطفى على أن النظام الإسرائيلي لم تكن له مشكلة في الاعتراف بالتمييز، لكنه لا يعترف بالتفرقة العنصرية، وهذا ما يرى ويسمع على لسان السياسيين في "إسرائيل".

وشدد على أن "حل الدولتين لم يعد أصلا رهانا اسرائيليا، وقد أثبت اتفاق أوسلو أنه لا يمكن تحقيق عدالة التوزيع في ظل البنية الاستعمارية والاثنية لدولة اسرائيل، وفي هذا الواقع جاء قانون القومية ليحسم بشكل تام عدم إمكانية تنفيذ مشروع العدالة في التوزيع".

وقال: "إن الفلسطينيين في إسرائيل توصلوا منذ التسعينات إلى استحالة تحقيق المساواة في ظل هذا النظام، ولذلك عندما تحدى الفلسطينيون في إسرائيل بنية النظام السياسي اتجهت إسرائيل للتشديد على هويتها اليهودية والاثنية".

وأكد مصطفى على "أن قانون القومية هو لحظة تاريخية أعلنت فيها إسرائيل عن انتصار مكنونها الاستعماري على مكنون الدولة، قانون القومية يقول بأن إسرائيل ما زالت في حالة المستعمرة ولم تنتقل إلى حالة الدولة، وهي ما زالت جزء من حركة ومشروع".

وأكد مدير مؤسسة مدى الكرمل أن كل مركبات قانون القومية تتنافى مع مركبات ومكونات الدولة، مشيرا إلى أن "المشروع الصهيوني يتعامل مع دولة إسرائيل كأداة، وشرعية هذه الأداة تتحدد بقدرتها على تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين".

ولفت إلى أن قانون القومية هو القانون الوحيد الذي يتعاطى مع اليهود والإسرائيليين في إسرائيل ويتعامل أيضا مع الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية وفي العالم".

وختم بأن قانون القومية يعطي بنية تؤكد أن مكانة الفلسطينيين في إسرائيل وعموما لا تكون إلا من خلال نزع الصفة الاستعمارية عن إسرائيل وتفكيكها لتحقيق العدل للفلسطينيين.

مناع: الفلسطينيون في إسرائيل كانوا الجزء المنسي من القضية الفلسطينية في كتاباتنا ووعينا وفي تفكيرنا
بدوره أضاء الدكتور عادل المناع أستاذ التاريخ الفلسطيني، الضوء عن أثر الحكم العسكري على الفلسطينيين في الداخل بين عامي 1948 و1966، منوها إلى أهمية عملية التوثيق للأبارتايد الإسرائيلي، وهذا ما تقوم به مثل هذه المؤتمرات.

وقال: "من المهم جدا أن نوثق ما نقوله حول الأبارتايد في داخل إسرائيل، وأن نعتمد على حقائق دقيقة لا يستطيع الطرف الآخر الإتيان بحقائق أخرى تتغلب عليها".

وأضاف: "إذا تحدثنا عن فترة الحكم العسكري، وهي فترة فصل عنصري وممكن نطلق عليها أبارتايد رغم أن الفلسطينيين في إسرائيل كانوا يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويشاركون في الانتخابات الإسرائيلية، ولكن حقوقهم منقوصة ولا يتساوون فقط إلا في المشاركة في الانتخابات في الكنيست".

وتابع مناع، متحدثا عن نقاط أساسية حول وضع الفلسطينيين في داخل إسرائيل: "الفلسطينيون في إسرائيل كانوا الجزء المنسي من القضية الفلسطينية في كتاباتنا ووعينا وفي تفكيرنا، وفي خطابنا السياسي بعد النكبة وهناك أسباب مختلفة، من أبرزها التركيز على النكبة واللاجئين التي احتلت مكانة مهمة حينها".

وأوضح المناع حول الحالة التي كان ينظر إليها الفلسطيني من بقي داخل الوطن، قائلا: "في كثير من الأحيان اعتبر وكأنه متعاون مع الطرف الإسرائيلي وقبل بالعيش تحت النظام الصهيوني الإسرائيلي في دولة يهودية وكأنه كان هناك بدائل للفلسطينيين في إسرائيل غير أن يصبحوا لاجئين والكثير منهم أصبح لاجئين".

وتطرق المناع إلى شهادته على الفترة التي كان لها الأثر الأكبر على القضية الفلسطينية، شارحا مراحل النكبة والهجرة القسرية التي تعرض لها مع عائلته، في الفترة التي كانت فيها إسرائيل تقوم بإجراء الإنتخابات بتاريخ 25 يناير عام 1949، وهجرته إلى سوريا ثم لبنان ومنها عادوا إلى فلسطين عبر قوارب الصيادين من مدينة صور اللبنانية إلى فلسطين.

وعن حالة اللجوء في الفترة بين عامي 1950 و1959 قال المناع: "حتى أواسط الخمسينات استمرت العودة، مثلا في منطقة مجدل عسقلان في أكتوبر 1950 تم طرد فلسطينيين منها. ولكن القليل من الفلسطينيين يعرفون أن عملية الطرد لعام 51 و 52 وحتى 57 وفي النقب حتى عام 1959".

وشرح المناع بعضا من أدوات الحكم العسكري للتخلص من الفلسطينيين، منها " السيطرة على أراضيهم، ومنع الغائبين في داخل إسرائيل أن يعودوا إلى قراهم، وتدمير القرى الفلسطينية، وفرض قيود على التنقل والعمل".

واختتم المناع مشاركته بالقول: "المرحلة مهمة في تاريخ القضية الفلسطينية، وصراع البقاء كان هو القضية الأساسية للفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين، البقاء مهم جدا لأننا نقف هذه الأيام على منعطف تاريخي، ما يسمى صفقة القرن أو محاولة انهاء القضية الفلسطينية وللأسف تعاون بعض الأنظمة العربية مع النظام الأمريكي وغيره من أجل تصفية القضية الفلسطينية".

تاتلي: هناك أدلة قطعية على السياسات العنصرية الإسرائيلية
بدوره استعرض "جاويت تاتلي" في مداخلته مراحل الصراع العربي الإسرائيلي منذ العام ١٩٤٨، انتقالا إلى حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧، والتوسع الإسرائيلي في أراضي الدول العربية، وما بعد اتفاق أوسلو، والانتفاضة الفلسطينية، مرورا بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

وأكد تاتلي على أن فلسطين بالنسبة لتركيا شيء مهم جدا وأنه لا يوجد حيادية في هذا الأمر.

وأشار تاتلي إلى التمييز العنصري الذي يعيشه الفلسطينيون في القدس، مؤكدا على أن هناك براهين ودلائل قطعية حول العنصرية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

وعرج تاتلي لقضية مهاجمة "إسرائيل" لسفينة "مافي مرمرة" وركابها الذين ذهبوا الى غزة لتقديم مساعدات انسانية.
وأشار تاتلي إلى أن موقف الأمم المتحدة التي اعتبرت أن الصهيونية تهدد السلام والأمن العالمي، وكيف أن إسرائيل اشترطت ازالة هذا القرار للقدوم إلى مؤتمر مدريد للسلام وتم ازالته، ولكن "إسرائيل لا تزال إلى اليوم تتحرك في سياستها العنصرية بحرية دون حساب".

وأكد أن الفكر الصهيوني العنصري بدأ على مراحل متعددة، مشيرا إلى "قانون القومية وقانون المواطنة هي قوانين عنصرية وتقوم إسرائيل بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية من خلال قوانين عنصرية وقوانين الطوارئ وتقوم بانتهاك حقوق الفلسطينيين من خلال القوانين التي تسنها".

وختم بأن "علاقات الدول الإسلامية في أسوأ حالاتها وبالتالي يجب علينا أن نتوحد ونكون أقوى، والقدس هي واجهتنا لذلك وهي تشكل أهمية كبيرة للجميع وبالتالي يجب علينا تقوية مؤسساتنا".

خمايسي: إسرائيل تمارس سياسات لتغريب الإنسان الفلسطيني ودفعه للهجرة والتهجير القسري
من جانبه تحدث الأستاذ الدكتور راسم خمايسي من مركز التخطيط والدراسات(cps) في ورقته، عن وضع مدينة القدس وتأثرها بالممارسات الإسرائيلية وما ينتج عنها من مضاعفات خطيرة، واضعا إطارا نظريا ومعرفيا ومعلوماتيا حول وضع المدينة، موضحا الأيدولوجية والسياسات الإسرائيلية في التعامل مع مدينة القدس وآليات التطبيق الإسرائيلي لها.

واستعرض خمايسي، موجزا لبعض من الأدوات المستخدمة من قبل إسرائيل لحصر وتقطيع الفلسطينيين المقدسيين وتأثيرها على المجتمع الفلسطيني المقدسي ودفعهم لحالة التهجير القسري بهدف السيطرة على المدينة، ذكر منها "السيطرة على الأرض والجغرافيا، وإعاقة التنمية الفلسطينية في القدس، ونزع الملكيات من خلال القانون وعمليات الاستيطان وتقسيم التجمعات الفلسطينية".

واعتبر خمايسي أن الإضاءة على واقع مدينة القدس، باعتبارها جزء من فلسطين، تشكل حالة عامة لقراءة حال والوضع في فلسطين ككل.

ورأى أنه من المهم فهم الأدوات التي تقوم بها إسرائيل وتستخدمها على الفلسطينيين، وذلك للقدرة على " التعامل مع هذا الواقع والتعامل معها".

وحول السياسية الإسرائيلية التي تمارسها إسرائيل في مدينة القدس، أوضح خمايسي : "إسرائيل تمارس سياسات منطلقة من أيدولوجية قومية دينية مستخدمة قوة الدولة لفرض مصفوفة ضبط حيزي وفردي وجمعي على الفلسطينيين لامتلاك المكان وتغريب الإنسان الفلسطيني لدفعه للهجرة أو التهجير القسري والاقتلاع مما يساهم في تهويد الحيز". وذلك عبر مركبات ناعمة وقاسية تتفاوت حسب المناطق تحولت مع الزمن إلى نظام فصل عنصري يستخدم قوة الدولة وفق ما قاله خمايسي.

وتابع: "هناك خلق هوية مشوهة واستعداد نفسي ذاتي للتهجير أو اندماج للفلسطيني في مدينة القدس، على المستوى الفردي والمجتمعي وفرض تقسيمات في المجتمع وتقسيم القدس وتقطيع الروافد بين المدينة وريفها من قبل إسرائيل".

ودعا خمايسي إلى مواجهة هذه المخاطر وتوفير الدعم خاصة من قبل الدول العربية والإسلامية لتمكين المقدسيين من البقاء في أرضهم، لأن " حالة الصراع وحالة التشابك توجد حالة أبارتايد وهذا يتطلب المواجهة".

واختتم خمايسي كلمته، بالإشارة إلى أهمية العمل على تقوية مؤسسات المجتمع المدني في داخل فلسطين وخاصة في مدينة القدس، لتتمكن من مجابهة الممارسات الإسرائيلية بحق المدينة .
السمهوري: لن تنجح أي مبادرة اقتصادية للفلسطينيين في ظل الإجراءات الإسرائيلية.


وحول سياسات الافقار والتبعية الاقتصادية كوسيلة للسيطرة والهيمنة العرقية في فلسطين، كانت مداخلة الدكتور محمد السمهوري.
وقال السمهوري: "على مدار اثنين وخمسين عاماً لاحتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، أصبح الفلسطيني يعمل تحت سيطرة اسرائيلية تامة عبر أوامر عسكرية أثرت على كافة الأنشطة الاقتصادية في الأراضي المحتلة".
وأضاف: "عبر هذه الفترة الطويلة هناك الكثير من الاجراءات الاسرائيلية التي خنقت الاقتصاد الفلسطيني وجعلته تابعا لإسرائيل، الضفة الغربية مشرذمة وقطاع غزة محاصر ويتعرض للهجمات والقدس معزولة ومهمشة اقتصاديا".
وأكد السمهوري على أن "هذه الممارسات حرمت الاقتصاد الفلسطيني من فرصه وأثرت على ملايين الفلسطينيين وأدت إلى إفقارهم واعتمادهم على المساعدات الخارجية المالية وغيرها".

وأشار السمهوري إلى أنه في الاعوام الماضية السياسات التي نفذتها السلطات الاسرائيلية هدفت عمدا إلى خنق التنمية في الأراضي المحتلة، وإسرائيل تريد أن تبقي على هذه الأراضي كمخزون للعمل الرخيص، وبالتالي التأثير على المناخ الاستثماري.

ونوه السمهوري إلى أن النقص في الاستثمار في الأراضي الفلسطينية أدى إلى أن البنى التحتية في المناطق المحتلة تزداد سوءا يوما بعد يوم.

وأكد على أن "وصول الفلسطينيين إلى الأراضي كان مقيدا بسبب المستوطنات، وأيضا الموارد المائية التي تتحول إلى المستوطنات الاسرائيلية وبالتالي اضعاف التنمية والزراعة في المناطق المحتلة"، مشددا على وجود سيطرة اسرائيلية كاملة على الموارد الفلسطينية واستخدامها لتغذية المستوطنات المقامة في الضفة الغربية.

وحول المساعدات المقدمة من المجتمع الدولي للسلطة الفلسطينية، قال:" إن السلطة الفلسطينية تلقت منذ اتفاق أوسلو أكثر من أربعين مليار دولار، وهذه الأموال لم تسهم بتنمية حقيقية للاقتصاد الفلسطيني".

وأضاف: "ربع قوة العمل الفلسطينية اليوم غير قادرة على العمل، ليس هناك مقدرة على توظيف الأجيال الشابة الجديدة، وأكثر من ثلث السكان الفلسطينيين لا يتمتعون بالأمن الغذائي، والأرقام المتعلقة بقطاع غزة هي أكثر من ضعف الأرقام التي نراها في الضفة الغربية، والأراضي الفلسطينية لا تزال تعتمد على الدعم الأجنبي للبقاء والنجاة".

وختم: "طالما استمرت إجراءات إسرائيل تجاه الفلسطينيين فمهما كانت كمية مساعدات الدولية لن تؤدي تلك المساعدات إلى نتيجة ايجابية، وبالتأكيد ليس هناك مبادرات قادرة على تعزيز الاقتصاد الفلسطينية في ظل الاجراءات الاسرائيلية".

التعليقات