جلسة نقاش لتقرير الرواتب التقاعدية لشاغلي المناصب السياسية

جلسة نقاش لتقرير الرواتب التقاعدية لشاغلي المناصب السياسية
رام الله - دنيا الوطن
عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان جلسة نقاش حول تقرير أعده لدراسة الرواتب التقاعدية لشاغلي المناصب السياسية وأثرها على خزينة الدولة، من خلال فحص المعايير والأسس التي يتم بمقتضاها احتساب تقاعد المنتفعين ممن يشغلون هذه المناصب، ومقارنتها مع معايير وأسس نظام التقاعد العام للموظفين العموميين، وأثر ذلك على قدرة خزينة الدولة على تحمل تبعات تشريعات تتعلق بتعيينات الفئات المشار إليها، إلى جانب تأثير مبدأ أهمية تحقيق العدالة في التقاعد بين الفئات المختلفة.

أوصى أمان من خلال هذا التقرير بضرورة الاخذ ببعض التجارب الدولية بأن يجري الاستمرار بدفع رواتب تقاعدية لاصحاب المناصب السياسية لمرحلة انتقالية أقصاها سنتين فقط إلى أن يستطيع المنتفعين الالتحاق بوظائف او اعمال جديدة.

وأوضح (أمان)، أن قام بإعداد هذا التقرير في ظل تردي الوضع المالي في فلسطين بشكل عام، والتي ذهبت الحكومة الفلسطينية فيه لتوجهات عدة في سبيل ترشيد الانفاق العام والحد من عجز الموازنة العامة، حيث يأمل ائتلاف أمان أن يشكل هذا التقرير أرضية لقرارات واجراءات من شأنها علاج الثغرات والتحديات في نظام تقاعد شاغلي المناصب السياسية ليحقق هدف ترشيد الانفاق العام والحد من هدر المال العام، ويحقق العدالة بين قطاع الموظفين العام، ووضع حد من تحمل الأجيال القادمة تبعات الاستمرار بالعمل به.

وحسب الائتلاف، فقد أجمع الحاضرون على بعض التوصيات أهمها: صياغة لائحة تحمل صفة الإلزامية تنظم كل ما يتعلق بضوابط تضارب المصالح لفئات صانعي القرار في الدولة، وضم الفئات الخاضعة لقوانين تقاعد شاغلي المناصب السياسية لقانون الضمان الاجتماعي حال تفعليه، على أن يوقف صانع القرار ريثما تفعيله العمل بالقوانين التي تشرع أنظمة تقاعد خاصة وتسوية أوضاع المنتفعين منها وفقا لأحد الخيارات التالية، منها: تبني مبدأ مكافأة نهاية الخدمة لشاغلي هذه المناصب، أو الاخذ ببعض التجارب الدولية بأن يجري الاستمرار بدفع رواتب تقاعدية لهم لمرحلة انتقالية أقصاها سنتين فقط إلى أن يستطيع المنتفعين الالتحاق بوظائف أو أعمال جديدة، أو دمج المنتفعين من هذا القانون بقانون التقاعد العام أن كان لهم رصيد سنوات في الخدمة العامة واحتساب مدة خدمتهم في مناصبهم السياسية ضمن سنوات الخدمة في هذا القانون، وتطبيق أحكام قانون العمل على من لم يخضعوا سابقاً لقوانين التقاعد العام.

وقدمت الباحثة رائدة قنديل، عرضا حول التقرير والذي اعتبر موضوع التقاعد في فلسطين أحد الآليات التي تستخدمها الدولة في إطار سياسة الحماية الاجتماعية وتأمين الحياة الكريمة للمتقاعدين ممن شغلوا وظائف في الدولة، إذ أظهر التقرير أن المشرع الفلسطيني ميّز بين الفئات الخاضعة لأنظمة التقاعد، حيث أقر بعض التشريعات التي منحت امتيازات لشاغلي المناصب السياسية في الدولة (كرؤساء الدولة، رؤساء الوزراء، الوزراء، أعضاء المجلس التشريعي، إضافة لمناصب أخرى مثل المحافظين وغيرهم.. الخ)، وقد جرى تطبيق هذه التشريعات على صانعيها أنفسهم آنذاك، ما يشير إلى وقوعهم في تضارب المصالح، حيث جرى العرف العام أن القرارات ذات التبعات المالية لا تطبق على صانعيها خاصة من المشرعين.

وقد عرج التقرير على تطبيق قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين على الفئات الخاضعة له بشكل متكامل، حيث أعفى القانون هذه الفئات من المساهمة في صندوق التقاعد أو التأمين والمعاشات، إذ لا تتحمل الفئة المذكورة أية أعباء مالية ناتجة عنه بسبب عدم مساهمتهم في تقاعدهم، وإنما يجري صرف رواتبهم التقاعدية من خزينة الدولة مباشرة.

رواتب تقاعدية تصل بين 50%-80% من الراتب

وأفاد التقرير أن رواتب الوزراء ورؤساء الحكومة ونواب المجلس التشريعي والمحافظين تتراوح بين 3000 دولار و 4000 دولار وبرواتب تقاعدية تصل إلى حد اعلى 80% من الراتب وحد أدنى 50% من الراتب بغض النظر عن المدة التي قضاها المسؤول في منصبه، وتصرف هذه الرواتب بالدولار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة، إذ تم الاتفاق مع الحكومة على تثبيت سعر الصرف من الدولار إلى على 4.2 شيكل.

وحسب التقرير، فإنه من حيث الإجراءات برزت إشكالية عدم التزام هيئة التقاعد بتنفيذ القانون من حيث تحضير ملفات المتقاعدين الخاضعين لقانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي والحكومة والمحافظين واحتساب معاشاتهم التقاعدية، بينما استمرت وزارة المالية باحتساب وصرف الرواتب التقاعدية تحت ما يسمى بالسلف إلى أن تحول الملفات من هيئة التقاعد.

وحسب التقرير، فقد بلغ عدد المتقاعدين من شاغلي المناصب السياسية المحددة في قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين قرابة الـ (261) متقاعد، أما التكلفة السنوية لرواتبهم المدفوعة من خزينة الدولة فتبلغ قرابة الـ 26.5 مليون شيكل.

ومن ضمن الامتيازات التي منحت لبعض الفئات هي حصولهم على رواتب تقاعدية مدى الحياة وورثتهم من بعدهم، دون المساهمة في صندوق التقاعد، ما يعني أن خزينة الدولة هي من تتحمل هذه الرواتب، التي تشكل عبئاً على الخزينة، حيث أنها تعد نفقات لا مصدر لها من الإيرادات، ما يعني أن مصدر سداد هذه النفقات هو أموال الدولة المتأتية من الضرائب والرسوم وغيرها من مصادر إيرادات الدولة. والجدير ذكره أن أن عدم الاستقرار السياسي في فلسطين وانتظام العملية الديمقراطية وعقد الانتخابات في مواعيدها القانونية ساهم في تقليص هذه الارقام وانضمام إعداد أكثر للقانون، وفق التقرير.

وأشار التقرير، إلى أنه بالمقارنة مع تقاعد موظفي الخدمة المدنية، فقد قدم المشرع الفلسطيني لشاغلي المناصب السياسية منافع تقاعدية تفتقد إلى مبدأ التكافل، بحيث ان هذه الفئات تنتفع من الدولة دون تقديم مساهمات وهذا يخل بمبدأ العدالة، فبينما على الموظف أن يقضي بالوضع الطبيعي عشرات السنوات في وظيفته ليحصل على راتب تقاعدي محدود، ناتج عن مساهمة شهرية تقتطع من راتبه، حسب تشريعات التقاعد السائدة في فلسطين، يحصل النائب أو الوزير الذي يقضي بحد أقصى مدة أربعة سنوات في منصبه على راتب تقاعدي "وورثته من بعده" دون أية مساهمة حسب ما يتضح من القانون، على خلاف لما يحصل في الدول الشقيقة، التي تخضع جميع الفئات حسب القانون بالمساهمة في رواتبهم التقاعدية بعيداً عن القبول او عدم القبول بمبدأ ضرورة حصولهم وورثتهم من بعدهم على معاشات تقاعدية مدى الحياة.

وصرح ديوان الرقابة المالية والإدارية أن الديوان ينظر بتمعن للرواتب التقاعدية لشاغلي المناصب السياسية، مشيرا أن الموضوع يدخل في حسن إدارة المال العام، إذ يرى الديوان بضرورة إعادة النظر في المادة الناظمة لاحتساب مبالغ التقاعد، والتي تؤثر سلبيا على خزينة الدولة.

في حين أعرب ممثل من وزارة الثقافة أن المشكلة تكمن بالنص القانوني الذي بحاجة الى تعديل بناء على الظرف الذي نعيشه حاليا بدون الانتقاص من كرامة من قدّم للوطن، مؤكدا على ضرورة الاستفادة من تجارب تقدمية في هذا المجال، لمنع استنزاف الموازنة العامة ووقف انتهاك العدالة بموجب القانون.

وفي مداخلة أخرى، أوجز الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة أمان أنه قد يشوب موضوع الرواتب التقاعدية بعض الشبهات التي تتعلق بالفساد السياسي أو حسبما نشير اليه في أمان بعدم نزاهة الحكم، كون القضية تتلخص في نشوء مصالح مشتركة وضمان ولاء بعض الأشخاص ممن يشغلون مناصب حكومية عليا مقابل تسيير مصالحهم المالية واستقرارهم المعيشي المرتبط بالنظام نفسه.

التعليقات