العبث، الذكاء الاصطناعي وتصاريح عمال إسرائيل؟!

العبث، الذكاء الاصطناعي وتصاريح عمال اسرائيل؟!
د. رياض عبدالكريم عواد

غريب شكل هذا اليوم، في مثل هذا الوقت من بعد صلاة فجر كل يوم تبدأ خيوط الضياء الأولى تتسلل معلنة عن قرب شروق يوم جديد، هذا وقت الزُهرة، لا زهرة ولا ضياء في هذا اليوم، عتمة وكأبة ترافق صوت الزنانات التي لا تفارق سماء غزة، تعزف لحنها الأسود بعد أن هربت منها ألحان جفرا ياهالربع وهبت النار بشاير بشاير لفرقة Sol Band الجميلة وغادرتها الطيور والعصافير، وغزاها البوم والغربان لتنشر الخوف والهلع والترقب والتوقعات السوداء بين الناس. هل ستتم عملية اغتيال مفاجئة لاستدعاء حرب جديدة على غزة تكون اصعب وأطول من التصعيد الأخير؟! اينما تذهب تجد من يتساءل ويسأل هذا السؤال، رغم سهولة/صعوبة اجابته؟! الناس ايديها على قلبها!!!

لذلك فإنه من العبث أن أكتب عن الذكاء الاصطناعي كما خططت بالأمس، خاصة بعد أن توفرت لي معلومات وبيانات تُبين إلى أي مدى وصل العالم في هذا المضمار الهام والمبشر. العالم يعرف طريقه جيدا ويعرف ماذا يريد والى اين يتجه، بينما الشعوب التي تعيش الخوف والعبث لا تعرف طريقها وتتخوف من كل جديد وتدعي ان كل العالم يتامر عليها، جاتكم نيلة على ايش بده العالم يتامر عليكم، وانتم غثاء كغثاء السيل لا تملكون الا الكلمات التافهة الممجوجة والمكررة، والادعاءات بتاريخ تليد وحياة بلا حياة ولا مستقبل. المستقبل والطريق لغيرنا واضح ولا طريق او مستقبل لنا!!!!!

يقول الأستاذ اليمني ايوب الحمادي بعد أن عاد من مؤتمر حول الذكاء الاصطناعي في ألمانيا كان يهدف إلى تطمين المجتمع ان هذا الذكاء ليس خطرا عليهم وانه طريق لابد منه. لقد كبر طفل الذكاء الاصطناعي وصار عمره يوازي عمر طفل بشري عمره 6 سنوات. صارت الآلة اكثر دقة من الانسان، فمعدل الإنسان من الخطأ في التعرف على الصور المتشابه يصل ال 5% بينما عند الروبوت 2%؟!. وطورت غوغل الربوت وجعلته أفضل في التعرف على الكلمات و المحتوى لدرجة انه من الصعب عليك التمييز بين من يتكلم معاك على الهاتف، هل هو ربوت أم إنسان. تسير الصين بسرعة مذهلة في هذا المضمار مما يؤهلها لتجاوز الجميع وكذلك أمريكيا وإسرائيل حققتا انجازات في مجالات عدة، خاصة في مجالات الطب والمجالات العسكرية. لقد تطور ذكاء الآلة IQ مقارنة بذكاء الانسان من 27% في 2004 إلى 47% في 2014 وسيصل إلى 100% في 2020.

الآن لنترك الذكاء الاصطناعي ونعود لعبثنا؟! ما هو العبث؟! أن تقوم بالشيء وضده وتقدم المبررات لكل منهما، ليس هذا وحسب، بل تطالب الناس أن تقبل منك تنقضاتك وتشكرك في كلا الحالتين، وليكون كلامنا واضحا لندخل في موضوع عبثنا الأساسي.

تحالف كل قوى الثوار لمنع عمال قطاع غزة من العمل داخل اسرائيل، فبعد أن كانت اسرائيل تترجى العمال وتحضهم على العمل داخلها وتسهل لهم الحصول على التصاريح اللازمة، تفتق عقل العبث الفلسطيني ورأى في منع العمال من الوصول إلى عملهم قمة الثورة والتحرير، مقدما ادعاءات كثيرة ليس اسخفها حتى ننقذ العمال من براثن العمالة؟ فكانت قذيفة الهاون تتسابق مع العمال في الوصول إلى معبر ايرز، كلما أعلنت اسرائيل عن فتحه أمام العمال. تكرر هذا القصف العبثي مرة بل عشرات، ان لم يكن مئات المرات، حتى أنجز هدفه وأغلقت اسرائيل المعبر كليا أمام العمال ومنعتهم من العمل. هكذا حقق الثوار أهدافهم وتحول العمال وأبنائهم إلى فقراء شحادين يتسولون على أبواب الجمعيات المؤمنة والكافرة، وينتظرون كابونة الزيت والطحين ويترجون أمير الجامع ليضع اسمهم في كشف ال 100 دولار القادمة في حقائب العمادي العامرة، بعد أن أثبت هذا العامل ولائه بالمشاركة هو والعائلة في مسيرات السلك. نعم نجحت الفصائل في خطتها العبثية واستطاعت أن تحول العمال وأبنائهم إلى وقود في حروبها العبثية.

الآن يخطبون فينا من جديد ويعلنون عن عبثهم/خطتهم لإرجاع العمال للعمل في اسرائيل ولكن بعد حلبهم وتدفيعهم كل ما يملكون من قروش بعد ان باع بعضهم اثاث البيت وما تبقى من حلي في أيدي واعناق النساء اليابسة. لقد تم تخفيض ثمن تجهيز الأوراق لامكانية الحصول على تصريح "تاجر" للعمل في اسرائيل إلى 1600 شيكل أو أكثر أو اقل بعد أن كانت حوالي 3000 شيكل، كما تم تخفيض سن العمال إلى 25 سنة على أن يكون متزوجا. طبعا عدد التصاريح محدودة والموانع الأمنية وغير الأمنية كثيرة، وخطر أن تفقد كابونة المساعدة وشيك الشؤون الاجتماعية خطر داهم، خاصة وأن المتقدم أصبح تحت خانة التجار ولكن دون تجارة؟! أليس هذا هو العبث. يريدون من العمال أن يشكروهم على هذا، بل يعتبرونه أحد أهم انجازات التفاهمات على طريق بناء الامارة المستقلة.

يجب تحرير العمال من هذا الاستغلال والعبث ويحب الإسراع في تشكيل الهيئة العليا لعمال اسرائيل، التي يجب أن يكون من مهمتها رعاية هؤلاء العمال والمحافظة على حقوقهم وإلزام دولة الاحتلال بتوفير العمل لهم وفقا للقوانين والمعاهدات الدولية، ومنع استغلال العمال البشع ووقف العبث في قضيتهم.

ان شريحة العمال الفلسطينيين في اسرائيل هي من أكبر الشرائح والتي قد يصل عددها إلى أكثر من ربع مليون عامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هذا سيقضي على البطالة إلى حد كبير ويوفر مداخيل هامة للاقتصاد الفلسطيني تقدر بالمليارات. علينا ان نفكر بوطنية وواقعية، بعيدا عن العبث والهروشة؟!