عاجل

  • ‏(أكسيوس) عن نتنياهو: الولايات المتحدة لا تمارس ضغوطا كافية على ‎قطر في محادثات الأسرى ويمكنها فعل المزيد

  • ‏(أكسيوس) عن مصادر مطلعة: إحدى عائلات الأسرى طلبت من نتنياهو الحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن والرئيس بايدن

  • (أكسيوس): عائلات أسرى من حملة الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية أخبروا نتنياهو أن واشنطن تعاملهم أفضل من حكومته

  • دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس: 125 ألف مصل أدوا صلاة الجمعة الثالثة من رمضان في المسجد الأقصى المبارك

  • ثلاث غارات إسرائيلية على محيط بلدة شبعا جنوبي ‎لبنان

  • ‏(بلومبرغ) عن بايدن: يتعين بذل مزيد من الجهود لإيصال الغذاء والإمدادات الطبية إلى قطاع غزة

  • (بلومبرغ) عن بايدن خلال حفل لجمع تبرعات لحملته الانتخابية: دول عربية مستعدة للاعتراف بإسرائيل ضمن اتفاق مستقبلي

  • ‏(بلومبرغ) عن بايدن: يجب أن تكون هناك خطة لليوم التالي في غزة ومقايضة من أجل تحقيق حل الدولتين

فيروز توحدنا

فيروز توحدنا
عماد الاصفر 

لست شعوبيا ولا اقليميا ولا قطريا ولا عنصريا، وخاصة حين يتعلق الامر بالفن، بل ان اكثر ما يعجبني من قصائد محمود درويش قوله "كل قلوب الناس جنيستي، فلتسقطوا عني جواز السفر".

ويعجبني ان اللبناني مارسيل خليفة ابدع في تلحين وغناء الفلسطيني درويش، كما ابدعت ام كلثوم في غناء السوداني الهادي آدم، والتونسي بيرم، والفارسي الخيام، والباكستاني اقبال، والسعودي الفيصل، كما يعجبني ان يبدع الملحن العراقي كنعان وصفي في تلحين اناشيد الثورة الفلسطينية، فيما يبدع الفلسطيني رياض البندك في تلحين اناشيد الحقبة الناصرية، وفي التلحين لوديع الصافي وفي اكتشاف السورية فايزة احمد والتي ستغني بالمصرية الخالصة اشعار السوري نزار قباني.

يعجبني ان تتنافس صفد وبيروت وحلب والموصل على الاحقية باغنية الروزنا وان تنسج كل مدينة حكايتها الخاصة عن قصة هذه الاغنية التي ابدعتها فنانات كثيرات على راسهن فيروز.

ويعجبني ان اغاني الجفرا التي ابتدعها ابن قرية الكويكات في قضاء عكا احمد الحسن وهو يتغزل بابنة عمها رفيقة الحسن، قد اصبحت لونا غنائيا في سائر بلاد الشام، ويعجبني اكثر ان يؤرخ قصتها العجيبة الشاعر الفلسطيني عز الدين مناصرة، فيلتقطها الملحن والمغني اللبناني مارسيل خليفة فيصنع منها جوهرة فنية خالدة. ويعجبني ان يحفظ العراقيون لابن نابلس روحي خماش اسهاماته الكبيرة في تطوير الموسيقى العراقية.

يعجبني كل ذلك، واعتبره تذكير بالوحدة العربية التي لم يعد احد يذكرها هذه الايام بخير او شر، ويعجبني ان اتذكر كلمات بساط الريح لبيرم التونسي وان ارددها بصوت فريد الاطرش المصري صاحب الاصول السورية الدرزية، وان اتذكر كم ابدع في تلحين وغناء قصيدة عش انت اني مت بعدك للبناني الاخطل الصغير.

ويعجبني ان تغني دمشقية الاصل مصرية الجنسية نجاة الصغيرة رائعة فلسطيني الاصل اردني الجنسية حيدر محمود "أرخت عمان جدائلها فوق الكتفين فاهتز المجد وقبلها بين العينين".

ولعمان كما للقدس ويافا وبيسان وتونس وبيروت والشام ومكة والاسكندرية حضور بارز في اغاني فيروز التي احبت ان تغني لكل دولة عربية ولكن من دون ان تذكر زعيمها لا بخير ولا شر، ومن طريف ما يروى ان الاذاعة اللبنانية منعت بث اغانيها 7 اشهر طوال عقابا على رفضها طلبا رسميا للغناء للرئيس الجزائري الاسبق هواري بومديين.

استغرب احدهم ان تكون اجمل اغنية عن مكة المكرمة من تاليف مسيحي ومن غناء مسيحية وتلحين مسيحي فسأل الشاعر اللبناني سعيد عقل لماذا كتبت وانت المسيحي اغنية فيروز الشهيرة "غنيت مكة"، فقال له: والله كتبتها كرمال هالفلسطيني، وكان يقصد صبري الشريف.

الفلسطيني صبري الشريف كان الاخ الثالث للاخوين عاصي ومنصور الرحباني، فبعد ان ترك ادارة اذاعة الشرق الأدنى تولى إدارة وإخراج أعمال الرحابنة في أواخر الخمسينيات، وطوال عقد الستينيات من القرن العشرين.

ومن دون صبري الشريف ما كان في إمكان أعمال الرحابنة أن تكون على مثل ذلك البهاء والإتقان. وفي هذه الحقبة العابقة بالإبداع، ظهرت بالتدريج الأغاني الفلسطينية لفيروز، التي ما زالت حاضرة في الوجدان الجمعي العربي.

اسهامات الشريف تجاوزت الرحابنة فقد كان له الفضل الكبير في انجاح الدورات المتتالية لمهجان بعلبك الشهير، وهو لم يكن سوى واحد من بين كثيرين اسهموا في مسيرة الرحابنة، لا يتسع المقام ولا يتوفر التوثيق الكافي لتبيان اسهاماتهم.

من هؤلاء فريد وحنا وريشارد السلفيتي وحليم الرومي وأبنته ماجدة الرومي ورياض البندك وسلفادور عرنيطة والفاريس بولس ثم سليم سحاب وعبد الكريم ‏قزموز وعبود عبد العال ويوسف الحسون ومروان جرار ووديعة حداد جرار ، وهي شقيقة المناضل وديع حداد وقد اسست مع زوجها مروان اول فرقة للرقص الشعبي وساهمت في تصميم الرقصات المصاحبة لعروض ومسرحيات فيروز.

يهمني اكثر من ذلك التذكير بالفنان الفلسطيني ابن قرية بيت دجن قضاء يافا عبد العزيز حسين أبو شاويش والمعروف فنيا باسم محمد غازي ، والذي للاسف لا يعرفه الكثيرون، رغم انه ملك الموشحات دون منازع.

رافق محمد غازي الاخوين رحباني وفيروز منذ بداياتهم الفنية، كان ضليعًا في إلقاء اللغة العربية الفصحى وفي الشعر الغنائي والموشحات الأندلسية.

يقول الباحث اللبناني يوسف طنوس انه درب فيروز على إلقاء الفصحى وغناء الموشّحات، وأدّى معها في الخمسينات بعضًا من أجمل الموشحات الرحبانية مثل "الليل أناشيد والعمر مواعيد" والتي صدرت في أسطوانة "أناشيد"، وقد ظهرت له اربع اغان في النصف الثاني من الخمسينات على اسطوانة أصدرتها شركة فيليبس وكان عنوانها "موشحات" وضمت خمس أغان رحبانية لفيروز.

إشتهر بتأدية موشح "يا شادي الألحان" مع الفنانة فيروز، وقد ظهر إلى جانبها في تسجيل مصور لهذا الموشح في إحدى السهرات التلفزيونية، وهي سهرة "ضيعة الأغاني".

كما انطبع صوته في ذهن المستمعين في أدائه لموشحات "يا وحيد الغيد" و "حجبوها عن الرياح لأني قلت يا ريح بلغيها السلاما" و "يا غصن نقا"، كما أدى موشحات وأناشيد أخرى غير مسجلة مثل "الحب القديم" و"زرياب" التي سجّلت مع الفنان كارم محمود في مصر. وغيرها كثير مما فقد خلال الحرب الأهلية اللبنانية وتدمير أستوديو بعلبك الذي أنشأه الفلسطيني بديع بولس.

اخيرا ما الذي دهانا كفلسطينيين حتى ضعنا كل هذا الضياع وغبنا كل هذا الغياب.

التعليقات