تغطية خاصة لـ"الإعلام": حفيد الشيخ القسّام يرثي جده

تغطية خاصة لـ"الإعلام": حفيد الشيخ القسّام يرثي جده
رام الله - دنيا الوطن
فردت وزارة الإعلام في محافظة جنين تغطية خاصة للسنوية الرابعة والثمانين لاستشهاد عز الدين القسام، وخلالها استرد حفيد الشيخ ما رسمته له جدته أمينة نعنوع، حينما كانت تنقل لأحمد الطفل الصغير، أوصاف شيخ قاتل الاستعمار الفرنسي والبريطاني والإيطالي، واستشهد في فلسطين.

ودرس الحفيد أحمد، الذي يعمل اليوم أمين سر التجمع الوطني لأبناء الشهداء في محافظة جنين، المناهج الابتدائية، ومنها علم أن جده هو أول مؤسس لثورة مسلحة في الساحل السوري بعد العام 1918، وعرف أن القسام مناضل على خلفية دينية وثورية، كما عزز ذلك من الروايات التي كان يجمعها طلبة الجامعات والدراسات العليا من والده لتاريخ الشيخ الشفوي.
ذكرى وعرس!

وسرد أحمد المقيم في جنين، بعد أن عاد إلى غزة عام 1995، قصة انتقاله من المكان الذي سقط فيه جده شهيدًا، فغرس شجرة زيتون في المكان الذي قضى في الجد يوم التاسع عشر من تشرين الثاني 1935، في أحراش يعبد، مثلما أصر على نصب منصة عرسه في أقرب نقطة استطاع الوصول إليها عام 1997.

وتابع: ولد جدي في جبلة بسوريا عام 1883، ولا زال بيته على حاله، بعد أن انتقلت ملكيته، حينما أرسل شقيقه فخري لبيعه من أجل شراء سلاح للثورة في فلسطين.  فيما أنجب والدي محمد، وعماتي: ميمنة وخديجة وعائشة (كلهم رحلوا ويعيش أحفاده في سوريا والأردن). وبدأ يقاتل ضد الاحتلال الفرنسي في أحراش جبلة، ثم انتقل لوحده إلى فلسطين، قبل أن يرافق شقيقه فخري جدتي وعماتي إلى فلسطين، بعد أن باع المنزل والجمال التي كان يملكها، واشترى بثمنها السلاح.

مقاومة الطليان

ووفق أحمد القسام، الذي زار ليبيا وجمع شهادات من شيوخها ومراكز أبحاثها، فقد نظّم الجد برفقة ابن عمه عبد المالك تظاهرات ضد الأسطول الإيطالي الذي هاجم ليبيا، وكانوا يرددون شعار:" يا رحيم يا رحمن، غرّق أسطول الطليان"، وسعى إلى تجنيد  مئات المتطوعين، فجمع المال، تمهيداً للسفر والجهاد في ليبيا، عبر  السفر إلى تركيا أولاً، لكن لم يوفقوا في الوصول،  فأقام بالأموال التي جمعها مدرسة، إلى أن أعاد الشيخ وبعض رفاقه المحاولة عن طريق مصر، فوصلوا وقاتلوا في ليبيا، والتقوا  بالشيخ عمر المختار، حينما كان مقاتلاً عادياً. وسلموه ما استطاعوا جمعه من تبرعات.

وزاد: عاد جدي إلى سوريا، وبعد سنوات احتلها الفرنسيون، فأسس ثورة مسلحة فيها، ثم حكم الفرنسيون عليه بالإعدام غيابياً، فرحل إلى فلسطين، واخذ يقاتل الإنجليز إلى أن استشهد، وبقي والدي ف حيفا ودرس في روضة المعارف بالقدس، وتعرض منزلهم في حيفا لهجمات العصابات الصهيونية، ثم رحلا إُلى جنين قبل أن يعودا إلى سوريا في أعقاب النكبة.

مُسدس ومصحف

كانت الجدة أمينة (توفيت عام 1977) توصي الحفيد بأن يزور فلسطين ويقرأ الفاتحة على روح زوجها في حيفا، فنفذها، وسعى للبحث عن صور إضافية ومقتنيات من الأزهر بالقاهرة، غير أنه لم يوفق. غير أن مقتنياته الشخصية: المصحف ومفتاح البيت الحيفاوي، والمنديل، والمسدس ضاعت كلها.

مما يستقر في ذاكرة أحمد، أن جده لحظة استشهاده في أحراش يعبد كان في جيبه 10 جنيهات ومسدساً، ومصحفاً، أعادها الثوار إلى زوجته وابنه.

وتابع أحمد الدراما السورية التي وثقت لجهاد الجد، في عمل أدى دور البطولة فيه الفنان أسعد فضة، وتوزع تصويره بين سوريا وقطر، مثلما يتذكر كيف أن فصائل فلسطينية في القاهرة أسموا نفسهم في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي بـ"القساميين".
وصية وقبر
وكتب أحمد، الأب لولدين أحدهما يحمل اسم جده (18 عاماً)، والأخر (محمد) قصة باسم "الوصية"، وفيها تحدثت كيف تسلل إلى حيفا بعد رفض الاحتلال منحه تصريحاً، لزيارة قبر جده في بلد الشيخ، وأشار إلى بحثه عن قبر القسام بين القبور المتناثرة، وعندها اعتراه شعور رهيب وهو يقف بالقرب منه، ودار بخاطره شريط ذكريات من وصية جدته حتى عودته لأرض الوطن. كما زار جامع الاستقلال، الذي  ارتبط بالشيخ عز الدين.

وأنهى القسام الحفيد: كان جدي مجاهدًا وهب نفسه في سبيل الله، وقد جسد بدمه قومية المعركة، وأدعو الجميع على الساحة الفلسطينية إلى تغليب صوت العقل ومصلحة الوطن، وإنجاز الوحدة الوطنية قبل فوات الأوان، وفاءً لدماء الشهداء؛ لأن التاريخ لن يرحم، ونحن لن نُسامح.