حواتمة في رثاء بسام الشكعة "رحل عنا لكنه لم يغادرنا"

حواتمة في رثاء بسام الشكعة "رحل عنا لكنه لم يغادرنا"
الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة
رام الله - دنيا الوطن
أصدرت لجنة تخليد ذكرى الشهيد الكبير الراحل بسام الشكعة كتاباً لمناسبة احتفال تكريمه، وأفراد عائلته، انعقد في مدينة نابلس، كتاباً، حمل العديد من الكلمات المؤثرة خطها قادة العمل الوطني الفلسطيني وكبار رجالاته، من بينها كلمة لنايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بعنوان: «رحل عنا ... لكنه لم يغادرنا»، استذكر فيها بعض المحطات التي جمعت بين الرجلين، كما سلط الضوء على أبرز المحطات النضالية لواحد من كبار شهداء فلسطين وقادة حركتها الوطنية وفيما يلي نص كلمة حواتمة:

 رحل عنا، لكنه لم يغادرنا

 نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

عندما تقاطرت عشرات الألوف من أبناء شعبنا، من أنحاء الضفة الفلسطينية إلى مدينة نابلس، لمرافقته، مكرماً، معززاً، جليلاً، مهيباً، إلى مثواه الأخير ...

وعندما وقفت جماهير شعبنا في مخيمات الشتات، والمهاجر،  وقفة وفاء، وصمت صارخ، في لحظات وداعه،

كان التاريخ ينحني أمام هامته العملاقة، ويسجل اسمه، بأحرف الفخر والإعتزاز في سجل رجال فلسطين الكبار.

بسام الشكعة، جبل نار من جبال بلادي، عاش قضية شعبه وهمومه في مراحلها ومحطاتها المختلفة.

واكب النهوض والمدّ القومي العربي العظيم، في زمن الكبير جمال عبد الناصر، وكان واحداً من صانعي هذا النهوض، ودفع ثمنه أحكاماً بالسجن قبل الإجتياح الإسرائيلي للضفة. فقد رفع لواء الوحدة العربية، ولواء القضية الفلسطينية وآمن إيماناً عميقاً بأن قضية فلسطين هي قضية الشعوب العربية كافة، وأن سلاح الوحدة القومية العربية هو الأكثر فعالية لفرض الحصار على الكيان الإسرائيلي واسترداد الأرض والحقوق القومية لشعب فلسطين، ووضع حد لسياسة الظلم والقهر التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون في أصقاع الأرض.

واكب النهوض الوطني الثوري الكبير، بعد هزيمة حزيران، وكان من صناع الرد الثوري على الهزيمة، ومن رجالات منظمة التحرير الفلسطينية، في المواجهة الميدانية للإحتلال في نابلس وفي أنحاء الضفة الفلسطينية.

وسجل، إلى جانب إخوان كبار، إنتصاراً لمنظمة التحرير الفلسطينية والبرنامج الوطني المرحلي، الذي اجترحته العبقرية السياسية لشعبنا، وصاغته وتحملت المسؤولية التاريخية في إعلانه على الملأ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حين فاز برئاسة بلدية نابلس، عام 1976، إلى جانب إبراهيم الطويل (البيرة) وكريم خلف (رام الله) وفهد القواسمي (الخليل).

كما كان من مؤسسي لجنة التوجيه الوطني، الذراع السياسي والوطني، لمنظمة التحرير الفلسطينية الإئتلافية في ظل الإحتلال.

لقد أدرك رفيق الدرب الطويل والصديق «أبو نضال» بحسه الوطني الصادق، وبواقعيته الثورية، أن الوحدة الوطنية لقوانا السياسية وجماهير شعبنا، في إطار م. ت. ف. وبرنامجها السياسي المرحلي الثوري الواقعي، هي الطريق إلى الخلاص من الإحتلال، على طريق إنجاز الحل الديمقراطي الموحد الجديد للقضية الوطنية، ببناء دولة فلسطين على كامل التراب الوطني.

كان وجود مناضل صلب ومتماسك ونقي وطاهر اليد، كبسام الشكعة، عبئاً على الإحتلال، فلجأ عبر عصابات الإستعمار الإستيطاني إلى محاولة اغتياله، لكنه نجا، رغم أنه دفع ساقيه ثمناً لخلاصه.

تلك الحادثة، زادته صلابة، وزادته قوة، استهدفوا ساقيه، كما قال لنا، لكنهم عجزوا عن استهداف إرادته.

ونسجل له عندما نقل إلى لندن لتلقي العلاج، رفض أن تقدم الحكومة البريطانية مصاريف علاجه، مشترطاً عليها الإعتذار أولاً لشعب فلسطين عن دورها في الجريمة النكراء التي ارتكبتها، في وعد بلفور، والإسهام في بناء الكيان الصهيوني إبان مرحلة الإنتداب وما بعده. وأصرَّ على العودة إلى عمان، حيث هناك تابع الأطباء علاجه.

وعندما التقينا معاً، في مواجهة أوسلو، كان بليغاً حين قال إن الذين وقعوا أوسلو تخلوا عن حقوق شعبهم، مقابل الحفاظ على مصالهم الذاتية.

استضفته في دارنا، بحضور الراحلين الكبيرين خالد الفاهوم، وجورج حبش، وكان لقاء ما زالت وقائعه التاريخية حاضرة في ذاكرتي، وفي أوراقي. امتد اللقاء ساعات، كانت واحدة من أهم ساعات يومياتنا... طيف سيرة ومسيرة.

أبو نضال، علم من أعلام بلادي.

وصوت صارخ في سماء الحرية والخلاص الوطني، والقومي وتقرير المصير.

ابن بار لجبل النار، ولمدينة نابلس، مدينة الشهداء والثوار

رحل عنا في 22 تموز/ يوليو 2019،

لكنه لم يغادرنا، فهو بيننا باقٍ ... ولن ننساه.

هو واحد من العناوين الكبرى التي تزين تاريخنا الحافل بالنضالات والتضحيات، وحافل ببطولات الشهداء والمعارك الملحمية لشعبنا، إلى أن يحمل الإحتلال والإستيطان، عصاه، ويرحل عن كل شبر من أرض دولة فلسطين، وعاصمتها القدس، ويشق أهلنا اللاجئون طريقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948.