نكون أو لا نكون

نكون أو لا نكون
د.يسر الغريسي حجازي

نكون او لا نكون 

"لن يجد المرء السعادة إلا في ما ينجزه بحماسه. إن جهودنا هي التي تجلب لنا الرضا جنبًا إلى جنب الشعور بالإنجاز، والفرحة التي نشعر بها هي المكافأة بعد عمل شاق". 

من منا لا يعاني من مشاعر عدم الرضا عن النفس؟ لماذا نحن دائما غير راضين؟ ضد ماذا نقاتل بالضبط؟ لماذا نستنفد كل طاقتنا من اجل المنافسة؟ كل هذا يبدأ بهذه القوة التي تدفعنا إلى أن نكون الأفضل، والأذكي، وكامل الاوصاف، والشخص السحري الذي يمكنه أن يفعل كل شيء في ان واحد. ومع ذلك و بعد كل إنجاز، نعرب عن ارتياحنا ونعود مرة أخرى في حالة من الإحباط ويبدو الأمر كما لو أننا نود أن يقف بنا الوقت لتتواصل التهاني والتبريكات والاعجاب. ومن هذه اللحظة، نبحث عن إنجازات أخرى، ومجاملات أخرى لنبقي النجم المضيء في المجتمع. هذا يحبطنا كثيرا لدرجة أن حالتنا العاطفية تتأثر ويمكن ان تسبب لنا قلقًا ينتهي به الأمر إلى ضغط حقيقي. ان عواطفنا بالطبع، هو ما نقوم باختراعه بطريقة تجعلنا سعداء أو غير راضين عن اعمالنا.انما هي المبالغة في تقديرالنفس والإقناع، بانه يمكننا أن نكون الأفضل للفوز في المنافسة والتنافس ضد الآخرين. وهذا بالطبع، يعني أننا نخلق مشكلة ونحاول تجاهل نتائجها حتى عندما نقع في الاكتئاب. لا نختار التحدي الذي لا نواجهه دائمًا فحسب، بل نختار أيضًا الاصطدام مباشرة بالحائط. كما ان الطاقات السلبية الكبيرة تساهم في ايذاء صحتنا الجسدية والمعنوية، وكذلك نوعية حياتنا. في هذه المرحلة، اخترنا أن نعيش في حالة مرضية، وتحمل المخاطر التي يمكن أن تغير حياتنا وتهيئنا لتصرفات غير عادية مثل الافراط في تناول العقاقير، والتصرفات العصبية،  والعجز والاكتئاب. ما هو الدور الذي تلعبه الاسرة في هذه الحالة العقلية؟ في معظم الأحيان، يكون الآباء مسئولون عن الحالة النفسية والكارثية لابنائهم. ان الآباء والأمهات الذين لديهم طفل بموهبة معينة، مثل صوت جميل للغناء أو اداء رياضي مميز يقومون بالضغط على أبنائهم من اجل الفوز في جميع المسابقات حتي يكونوا الأفضل.

غالباً ما ينسى الآباء فقط أن أطفالهم يحتاجون إلى الاستقلالية واتخاذ القرارات الخاصة بهم. لا يزال بوسع المرء أن يرى الآباء يفرضون على أبنائهم مهنة في الأغنية أو في الرياضة، لأنهم يحبون التفاخر بانائهم بسبب المال والشهرة والتميزبالنسبة الي اصدقائهم. إنه شكل من أشكال التلاعب، الذي يمكن أن يحدث الكثير من الضرر للابناء، وحتى لو علمنا بذلك الا أننا نحاول أن نتجاهل هذا الامر.

يكبر الأطفال وعندما يمارسون حياتهم في سن الرشد، ولما يندمجون في المجتمع والعمل، يشعرون بأن زملائهم او اصدقائهم يسيئون فهمهم، فيبدؤون بعزل انفسهم لانهم لا يجيدون حياة الامتياز والاضواء التي تعودوا عليها، وتفقد حياتهم كل قيمتها الحقيقية. يجب أن نعرف أن كل إنسان يعرف حدود ذاته، ويبحث تلقائيا عن الراحة والفرح وحب الحياة. في حين أن الرغبة في الحصول على الأضواء طوال الوقت، اختيار ووسيلة لفقد كل سبل الانسانية والاستمتاع بالحياة. يمكننا العيش بشكل جيد ، وهذا اختيار وليس نقمة لأننا أحرار في اختيار الطريقة التي نريد العيش بها سواء كانت جيدة أو سيئة. ان المشكلة لا تكمن في اختياراتنا، ولكن في عدم الرغبة في الخروج من الامورالضارة وتجاهل الحلول التي تناسبنا. من غير المقبول أيضًا عدم تغيير المواقف الفرد عندما نكون  مخطئون، لأن الوعي الباطنى يجعلنا نعرف ذلك على أي حال.علينا فقط ان نتغلب علي الأنا العليا لنرجع الي مكان الانسان، لنرى بمزيد من الوضوح في ما نقوم به وما يمكننا تحقيقه. يتم ذلك دون استخدام القوة أو الألم، لأنه من غير المجدي أن نبالغ في تقدير الذات أو أن نخفف من المنطق إلى أدنى حد مما يستفز الحالة المزاجية التي يمكن تفاديها.يجب أن نعرف كيف نقدر ما لدينا، لأن كل واحد منا لديه موهبته الخاصة التي يجب عليه أن يكتشفها. من خلال العمل على ذاته، يمكن للمرء أن يحقق الإنجازات. اما النجاح ، فهو بالطبع أن نتعلم كيف نكون سعداء بما لدينا. لا تتكون سعادتنا في كوننا الأفضل ، بل في حقيقة الحصول على السعادة  وحب إيقاع الحياة.

التعليقات