مشروع "يلا نشوف فيلم".. بين حكايات ثوبك يا جدتي وأمنية فداء آلام وآهات

مشروع "يلا نشوف فيلم".. بين حكايات ثوبك يا جدتي وأمنية فداء آلام وآهات
خمسة عروض سينمائية نفذتها جمعية بسمة للثقافة والفنون في ربعها الثاني من ضمن مشروع "يلا نشوف فيلم!" وهو مشروع شراكة ثقافية مجتمعية تديره مؤسسة شاشات سينما المرأة بالشراكة مع جمعية الخريجات الجامعيات وجمعية عباد الشمس لحماية الإنسان والبيئة بدعم رئيسي من الاتحاد الأوروبي وبدعم مساند من ((CFD السويسرية وصندوق المرأة العالمي.

فحكايات ثوب جدتي التي جسدتها مخرجتنا الفلسطينية ولاء سعادة في فيلمها "خيوط من حرير" والتي أظهرت من خلاله أهمية التراث في تعزيز الهوية الفلسطينية من حيث الحفاظ على السياق التاريخي وجذور الشعب الفلسطيني المرتبطة بالأرض، فمن خلال العرض لوحظ إنعكاس الطبيعة الجغرافية الفلسطينية في التراث الفلسطيني لا سيما التطريز كواحد من الفنون الشعبية التي عكست الطبيعة الفلسطينية من خلال عدد من المسميات المرتبطة بالتطريز مثل: نجمة كنعان وخيط الماء وخيط السرو وبذلك أكدت المخرجة أن  تراثنا يعبر عن إرتباطنا بالأرض فهو يشكل خارطة للوعي تؤهل الفلسطيني للتعامل مع الأرض والشجر والطبيعة الفلسطينية وهو موروث عميق نسعى من خلاله لإعادة إنتاج الوعي والهوية عبر أدق تفاصيلها، فالمساهمة في إحياء التراث الشعبي يجعل من الهوية الفلسطينية قضية حية وفاعلة على مدار السنوات ويضن بقاء حق العودة حاضراً.

بحنين يشدنا إلى رائحة البلاد تحاكي لنا المخرجة الشابة دينا أمين قصة جدتها السورية بغربتها وحنينها لوطنها في فيلم "ورق دوالي" والذي يعكس تماثل تجربة جدتها مع تجربة كل الفلسطينين في شوقهم لبلادهم وأرضهم بين شقي الوطن أو المتغربين خارج الوطن فتلك المرارة يعاني منها الشعب منذ عام 1948.

من جانب آخر أبرزت المخرجة التشابه بين العادات والتقاليد بين الشعب السوري والفلسطيني، فبلاد الشام وياسمينها العتيق وورق العنب المتدلي بحاراتها صورة مكررة بين البلدين والذي يؤكد مدى الترابط الثقافي والحضاري والفكري بينهم، فمنذ القدم ربطتنا علاقات الاختلاط من الزواج والنسل والسفر والتزاور والدراسة، فمثلاً في سوريا مخيمات فلسطينية تمارس كافة جوانب حياتها بحرية، واندمجت مع الحياة اليومية الفلسطينية مما خلق تشابه العادات والتقاليد وحتى أصناف الطعام، ورغم إحتواء الشعب الفلسطيني للسيدة وشعورها أنها بين أهلها إلا أن حنين الشخص لوطنه يبقى داخله نبض لا يهدأ.

ومن رائحة الوطن.. لآلامه وآهاته.. تسرد لنا المخرجة الشابة زينة رمضان في فيلم "سرد" معاناة صديقتها في غزة والمعيقات التي واجهتها في سفرها من إغلاق المعابر والحصار المفروض على غزة والذي يحيلها لسجن كبير يفصلها عن العالم. فيلم "سرد" والذي أتاح فرصة للحضور للتعبير عن تجاربهم ومشكلاتهم بشكل مستفيض بسبب الحصار والإغلاق، فمنهم من فقد عزيزاً بسبب وقف التحويلات، ومنهم من فقد منحة التعليم، ومنهم من حرم من رؤية أهله، وبذلك عبروا عن الظلم والاضطهاد الذي يعشونه خصوصاً عند حديثهم عن عدم التعاطي مع جواز سفر غزة عن رام الله.

تأتي آلاء الدسوقي وتعزز ما ذكرت زينة من ويلات بفيلم "الغول" والتي جسدت من خلاله قضية الخوف وعدم الإستقرار في غزة نتيجة ظروف الحروب المتتالية ، والتي من خلال عاش الشعب  تجارب مريرة  من هروب للبحث عن الأمان والمأوى والمأكل و أظهرت الأثر السلبي للحرب التي  لا يخفى تأثيرها على المستوى الاقتصادي والتعليمي في قطاع غزة من خلال الإعتداء على المنشآت التجارية والتعليمية، وتعطيل مسيرة التعليم لأيام متكررة وتأثيرها على نفسية الأطفال والنساء وشعورهم بالخوف الدائم من  فكرة الموت، وأنها سبب من الأسباب التي آلت لبحثهم عن الهجرة العشوائية هروباً من الموت.

ظروف الحياة تحت الاحتلال والمضايقات تخرج الشابة فداء نصر فيلم "يا ريتني مش فلسطينية"، فجسدت فداء التحديات والقيود التي تواجه المرأة الفلسطينية في عملها وحياتها إجمالاً، سواء داخل مجتمعها أو التي يفرضها الاحتلال عليها، ويعيق تحقيق أحلامها من سفر واحتكاك مباشر بالعالم الخارجي، مما يتسبب بحالة من اليأس وفقدان الأمل حتى تشعر أن القيود تلتف حولها من كل صوب. فقولها "أنا بحب فلسطين وبكره القفص" والتي أشارت من خلاله أن الحصار الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي هو القفص الكبير الذي تعيش فيه كل امرأة فلسطينية، أما القفص الصغير والأكثر تعسفاً هو العادات والتقاليد التي تقيد المرأة، وتحرمها جزءاً كبيراً من حريتها، وزاد هذا القفص انغلاقاً عندما تحرم المرأة من عملها الذي كان منفسها الوحيد، ونافذتها على العالم. وبنظرة حنين تتراجع فداء عن قولها وتبين أن التضحية لأجل الوطن واجب ولا يمكن أن يفقدنا حبنا لوطننا وانتمائنا الحقيقي له فمهما بلغ سقف المعاناة، تبقى جزء من صموده ولا يجب أن نصل لمرحلة نتمنى أن "لا نكون فلسطينيين"  




التعليقات