الشكر لمن يستحقه

الشكر لمن يستحقه
الشكر لمن يستحقه
حمادة فراعنة
ثمة ظلم للذات، من قِبَلنا لأنفسنا، ظلم قد يكون مقصوداً نتيجة الإحساس بالرفض والمعارضة، وظلم قد تكون دوافعه الجهل غير المقصود، استهتار بالقائم، شكل من أشكال التعبير وعدم الانسجام مع ما هو قائم، ومع ما هو جار. 
ظلم للذات، لا يرى أي مظهر من مظاهر الإبداع، العطاء، القدرة على الفعل، لا يرى إلا الظلام واليأس، وقسوة الواقع على الفرد أو على المجموع، ولذلك لا يُشعل شمعة ولا يثق بالمثل الصيني القائل مسيرة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
قد تكون دوافع الظلم مبررة بسبب شيوع النفاق وسيطرته، رغم إدراك المنافقين والمراقبين لهم أن البعض منا يمارس النفاق العلني الصاخب، فيقرف الاخر ويلوذ بنفسه ويهرب لاجئاً نحو الحسرة والابتعاد، تسكنه الرغبة بالاختفاء، فيقع بالمحظور والسلبية، أو تملكه شجاعة الرفض والمعارضة احتجاجاً على ما هو قائم من نفاق وعدم موضوعية.
وثمة دوافع أخرى إيجابية، لا يقل أصحابها معرفة ووعياً بوجود النفاق، والاستلاب الفوضوي، ولكنه يبقى ممسكاً بشعاع الأمل، فارضاً حضوره يقظاً نحو كل ما يستطيع فعله. 
قرار الإفراج عن هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي، قلت إن الذي صنعه ثلاثة عوامل: 1- صمودهما وصلابة موقفهما، 2 – تضامن شعبنا وقياداته في مناطق 48، وخاصة لجنة الحريات برئاسة كمال خطيب وممثلي الاحزاب في لجنة المتابعة المعنية بالاهتمام بقضايا الأسرى والمعتقلين، 3- قرار الدولة الأردنية بالتدخل الرسمي وتبني قضيتهما واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب الذي أربك نتنياهو وفرض عليه القرار غير المشروط ودفعه نحو الأفراج عن هبة وعبدالرحمن، ولكن ثمة ذوات بين هذا وذاك، لعبوا دوراً تحريضياً لإبراز قضيتي هبة وعبد الرحمن، وذوات نفذوا المتابعات ومعالجة التداعيات يستحقون منا التوقف عندهم وامامهم، وتقدير مواقفهم وإسهاماتهم كل وفق امكاناته ومساحة حركته وقدرته على التأثير والفعل والتوصيل. 
طارق خوري المشاغب، وخليل عطية المندفع، كلاهما يؤدي دوراً مختلفاً عن الأخر، ولكنهما مسكونان بالوطنية الأردنية والولاء الفلسطيني، يبحثان عن دور، عن وظيفة، عن واجب، ذات مضمون سياسي جمعي وإن كانت بدوافع فردية ذاتية ولكنها مليئة بالطموح والأمل، ولذلك كمتابع لهما، ولأدوارهما، لهما الشكر والتقدير، فالاهتمام من قبلهما فرض حضور قضية هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي على مسامع الأردنيين ومشهدهم السياسي. 
أما المنفذون والمتابعون للقرار السياسي، فلا شك أن وزير الخارجية أيمن الصفدي يؤدي الدور والوظيفة المهنية والسياسية بعقلية متفتحة إبداعية قل مثيلها، وطاقمه وسفيره في تل أبيب، يستحقان التقدير والاعتزاز على ما أنجزاه وفعلاه، وحصيلة ذلك كله حرية هبة وعبد الرحمن، والانتصار حقاً للأردن، وهو انتصار سيتلوه أخر لا يقل أهمية، بل سيزيد يوم إنهاء العمل بملحقي معاهدة السلام، ووقف الاستفادة غير المتكافئة الإسرائيلية لأراضي الباقورة والغُمر، يوم 10 تشرين الثاني 2019.

التعليقات