إلقاء جثتي بن لادن والبغدادي بالبحر.. ما الرسالة الأمريكية من وراء ذلك؟

إلقاء جثتي بن لادن والبغدادي بالبحر.. ما الرسالة الأمريكية من وراء ذلك؟
صورة أرشيفية
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية، تتبع سياسة رمي جثث بعض الشخصيات في البحار، للتخلص منها بعد اغتيالها، حيث أنه في العام 2011، قام الجيش الأمريكي، بإلقاء جثة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في البحر، للتخلص منها، بدلًا من دفنها كما هو مُتبع في الديانات السماوية.

وقتل بن لادن على يد القوات الأمريكية في مهمة خاصة داخل الأراضي الباكستانية، فيما كشفت مؤخراً شبكة (ABC) الأمريكية، أنه تم التخلص من بقايا جثة زعيم تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي، عبر إلقائها في البحر، على غرار طريقة التخلص من جثة زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.

فيما قال رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي: إن جيش بلاده تخلص من بقايا جثة البغدادي "بشكل مناسب"، دون ذكر تفاصيل إضافية.

وسبقه مستشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للأمن القومي، روبيرت أوبراين، قال لشبكة (NBC): إنه يتوقع أن تتبع بلاده البروتوكول ذاته، الذي استخدمته بالتخلص من جثة بن لادن.

وتعقيبًا على ذلك، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، عنان وهبي، أن ما يحدث الآن في العالم، وما تقوم به الولايات المتحدة من بعض الممارسات، هو صراع حضارات، لافتًا إلى أن ما حدث مع البغدادي وبن لادن هو إظهار الانتصار الأمريكي عليهما، وتحديدًا "قطف رأس الهرم الأكبر في التنظيم".

وذكر وهبي لـ"دنيا الوطن"، أن الرسالة الأولى من وراء ذلك، هو أن أي شخص تُصنفه الولايات المتحدة الأمريكية على أنه رجل إرهابي، ولا يحترم كرامات الإنسان، فإنه سيلقى مصيرًا صعبًا، كاغتياله بالطائرات، ومن ثم إلقائه في البحر، وهذه رسالة لشعوب المنطقة وجيوشها.

وأشار إلى أن الرسالة الأمريكية الثانية، هي موجهة من القيادة الأمريكية إلى الشعب الأمريكي، فبعد ضربة بن لادن وأحداث الحادي عشر من أيلول 2001، لا يزال أثرها موجود إلى اليوم، والرسالة أنه مهما طال الوصول إلى الشخص الإرهابي، فإن الجيش الأمريكي لا يزال يُصفي الأشخاص الذي ضربوا الولايات المتحدة، ومنهم البغدادي وبن لادن. 

أما الرسالة الثالثة، فهي الدعاية الانتخابية، تم تمديد مدة باراك أوباما في أعقاب اغتيال أسامة بن لادن، ودونالد ترامب يسير على هذا النهج، خصوصًا مع تراجع أسهمه، لأنه سيعتبر أن من أهم إنجازاته اغتيال أبو بكر البغدادي.

ووفق وهبي، فإن الرسالة الأخيرة، هو أن من يقف بوجه الشرعية الدولية، ومصالح أمريكا، سيتم رمي جثته في البحر، لتأكلها الوحوش البحرية، وهذه القصة ستوضع في التاريخ، وسيتم ذكرها كثيرًا، والولايات المتحدة تسعى بعد عقود أن يتم ذكرها أنها كانت قوة عظمى، وتنتقم ممن يقفون أمامها.

إلى ذلك، قال الخبير في الحركات الإسلامية، خالد صافي: إن الولايات المتحدة، تخشى من أن عملية دفن البغدادي أو بن لادن، تجعل من مرقده مزارًا لمؤيديهما وأتباعهما، وإعطاء البُعد البطولي للرجلين، وكذلك ما سيعتبره البعض البُعد التقديسي للقبرين.

وأضاف صافي لـ"دنيا الوطن"، أن الجيش الأمريكي يُريد القضاء على الأشخاص الذين تُصنفهم "إرهابيين" جسدًا وفكرًا، لأن دفن البغدادي، سيطرح تساؤلًا أين سيُدفن؟، وهذا يتطلب ولاية قانونية بإجراءات الدفن، وهذا الأمر لا تُريد الولايات المتحدة أن تواجهه، بل إن إلقاءه بالمياه، هو القرار الأمثل بالنسبة لها.

وأوضح أن من المستحيل دفن البغدادي أو بن لادن في أمريكا ذاتها، وفي نفس التوقيت سترفض الدول التي قُتلا بهما أو دولتاهما اللتان يحملان جنسيتهما، مستدركًا: "لكن ثمة أمر غريب حدث وهو أن جثة أبو مصعب الزرقاوي لم تُلقَ في البحر، وإنما دُفنت في مكان سري بالعراق".

ومن المنظور الديني، قال أستاذ الفقه المقارن المشارك كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، ماهر السوسي: إن إلقاء جثة أي شخص هي أمر مُخالف للدين الإسلامي، وشرعة الأمم المتحدة، وكل مواثيق حقوق الإنسان، لأنه من المعروف في كل الأديان السماوية، أن أي إنسان يُتوفى يُدفن، وهذا منذ بدء الخليقة، إلى اليوم، عندما دفن قابيل نجل سيدنا آدم، جثة أخيه هابيل.

وأضاف السوسي لـ"دنيا الوطن"، أن ما ارتكبته الولايات المتحدة الأمريكية يُعتبر جُرمًا في حق الإنسان، مهما كان هذا الإنسان، مسلماً، مسيحياً، يهودياً، غير ديني، يجب أن يُدفن بعد موته، وليس إلقاءه في البحر.

وأوضح أن دفن جثة الميت، تعتبر احترامًا لحقه ولحق أهله، وكل شخص يعرفه، أما الأساليب الأخرى غير الدفن فهي مُحرمة.

التعليقات