ابتسامة أبو ناموس تصنع الحلوى

ابتسامة أبو ناموس تصنع الحلوى
رام الله - دنيا الوطن - آية خضر
داخل مطبخ مطعم (تشيلو)، يلتقط الشاب محمود أبو ناموس عبوة الكريمة من أجل تزيين قالب الكيك ومن ثم يهم بكلتي يديه لوضع حبات الكرز الحمراء كلمسة أخيرة على قالب الكيك الذي صنعه للتو من أجل تقديمه في حفل عيد ميلاد أحد الفتيات داخل المطعم.

أبو ناموس ( 31 عاماً) من سكان مدينة غزة تحدى إعاقته بل وسخرها لتكون سبيلًا يخلقُ إنسانًا مبدعًا متميزًا عن الآخرين، كما جاهد ليتمسك بالحياة الصعبة هنا على أية حال كلما حاولت الإفلات منه ولم يتوانَ في أن يعطي معيقي الحياةِ درسًا من العزيمة والإرادة، بصنع قوالب الكيك التي تنطق بالأمل، ليثبت بأن لغة التواصل لا تحدّها بعض المفاهيم، وليس هناك ما يمكنه أن يقف يوماً حائلاً أمام إبداعه في القيام بأي عمل يريده.


خلال إجرائنا للمقابلة مع أبو ناموس رغم حاجتنا لتعلم لغة الإشارة، سعى محمود كعادته لإيصال الفكرة لنا بقدرته الكبيرة التي اعتاد إظهارها مع العامة، ارتسمت ابتسامته النابضة بالحياة والتي اعتنقها شعارًا له، والتقط القلم وبدأ يخط : "بعد انتهائي من الدراسة في الجامعة الإسلامية تخصص إبداع الحاسوب قابلتني صفوف البطالة كغيري من شباب القطاع، لذا عملت بالعديد من المجالات المختلفة منها مدرب لغة إشارة، تصميم الشعارات، مهنة الدهان، ومن ثم عامل بمذبح للدجاج، واليوم أنا أطوّر نفسي في صنع الكيك والحلويات بكل شغف".

وتابع " بدأت قصتي مع صنع الكيك منذ أن التحقت بدورة عقدتها جمعية أطفالنا للصم لتعليم طرق طهي الكيك، واستمرت لمدة ثلاثة اشهر تمكنت بعدها من إتقان صنع هذا النوع من الحلوى بنكهات مختلفة، وقضيتُ وقتًا أبذل جهدي حتى أتمكن من العمل في هذا المجال، وأتفوق فيه.

وفي نهاية كتابته خط بالقلم على آخر الصفحة " في تجربتي في التطوعِ هنا واجهتني القليل من الصعوبات لكنني كنت أحاول أن أتغلّب عليها بجدارة، وبفن التعامل مع الآخرين من العمال والزبائن، كذلك تسعدني التجارب التي توسّع أفق ثقافة وتسعى لفرصةٍ أكبر في تقوية الروابط الاجتماعية بيننا.


وبجوار أبو ناموس يقف مشرف قسم الحلويات بالمطعم فتحي الزميلي، والذي قال : " إن محمود يعتبر من الأشخاص الموهوبين والطموحين في مجال صنع الحلويات وأن لديه أفكارًا جيدة، والأصناف التي يصنعها طيبة المذاق.


وتابع الزميلي: "أن تواجد ذوي الإعاقة في الأماكن العامة يعتبر شيئًا مميز حيث أنه إلى جانب أدائهم مهامهم، يساهم في تيسير حركة أي شخص من هذه الفئات، ومحمود هنا وفي الأماكن التي يطرد عليها يسهل عملية التواصل معهم وبشكل خاص مع ذوي الإعاقة السمعية، مما يشجع استقطابهم إليها. 

أما عن طبيعة هذه التجربة مع أبو ناموس ، فأضاف الزميلي : أنه لا يوجد صعوبة كبيرة بهذا الأمر بل إن محمود يؤدي عمله بدقة شديدة وإتقان ، مشيرًا إلى أنه يجب على أصحاب المطاعم والشركات والمحال التجارية أن يهتموا بهذه الفئة ويعلموا على تشغيلها بشكلٍ دائمٍ، كذلك فإن دمجهم يزيد وعي المجتمع ويستثمر طاقاته.

من جانبه يقول مسؤول التسويق بمطعم (تشيلو ) محمد شقورة: "لقد سعدنا بالتجربة مع محمود وحين قابلناه أول مرة وعلمنا أنه من الأشخاص ذوي الإعاقة، بروحه الجميلة وكفاءته العالية، لم نتردد لحظة في نيل فرصةٍ معه بيننا، ووجوده هنا أثرى عملنا كما أضاف لنا الكثير من الرضا، فمحمود شخص بشوش وصاحب ابتسامة جميلة تمكنه من استقطاب الزبائن جميعًا بكل سهولة.