بيان موشيه ديان حول المسجد الأقصى عام 1967 ملزم لكل الحكومات الإسرائيلية

بيان موشيه ديان حول المسجد الأقصى عام 1967 ملزم لكل الحكومات الإسرائيلية
بيان موشيه ديان حول المسجد الأقصى عام 1967 ملزم لكل الحكومات الإسرائيلية

بقلم: د. علي الأعور*

في الآونة الأخيرة زادت اعداد الجماعات اليهودية  التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك يوميا  وفي مقدمتهم وزير الزراعة الإسرائيلي اوري ارئيل وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين وفي مقدمتهم جلعاد اردان  حول السيادة الإسرائيلية  على المسجد الأقصى والطلب بالسماح للجماعات اليهودية بالصلاة في المسجد الأقصى وذلك من اجل تقسيم المسجد الأقصى  المبارك زمانيا ومكانيا وتغيير الوضع القائم ( ستاتسكو)  في المسجد الأقصى المبارك" وقد باءت جميع محاولات الحكومة الإسرائيلية بالفشل في تغيير الوضع القائم وهنا لا بد من توضيح مجموعة من المعطيات  التي لن تسمح للحكومة الإسرائيلية بأجراء أي تغيير اداري او قانوني فيما يتعلق بالوضع القائم في المسجد الأقصى: 

منذ ان تمكنت إسرائيل من احتلال المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك في السابع  من حزيران عام 1967  ودخول الجيش الإسرائيلي  والجنرال غور  ساحات المسجد الأقصى وقاموا برفع العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة لمدة ساعتين حتى "طلب القنصل التركي من موشيه ديان انزال العلم الإسرائيلي  عن قبة الصخرة واكد له ان المسجد الأقصى المبارك ملك للمسلمين وفعلا اصدر موشيه ديان تعليماته الى مورخاي غور وطلب منه انزال العلم الإسرائيلي عن قبة الصخرة فورا".(1)

وفي اليوم التالي من احتلال المسجد الأقصى عقد موشيه ديان اجتماع مع "خطيب الأقصى ورئيس المحكمة الشرعية  ومدير دائرة الأوقاف الإسلامية  وطلب منهم مفتاح باب المغاربة  واكد لهم ان المسجد الأقصى المبارك هو ملك للمسلمين وحدهم وان إدارة المسجد الأقصى المبارك ستبقى في يد دائرة الاوقاف الإسلامية الأردنية".(2)

وفي يوليو  من عام 1967 اصدر موشيه ديان بيانه الأول في حائط البراق( حائط المبكى)  حول المسجد الأقصى المبارك واكد فيه" حرية العبادة لجميع الديانات في القدس وأضاف لم نأت الى هنا لكي نحتل أماكن العبادة للاخرين ، وأضاف في نفس اللحظة بان إدارة المسجد الأقصى  سوف تبقى في يد دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية وصرح بشكل واضح – بان اليهود يحق لهم زيارة المسجد الأقصى كسائحين ويمنع عليهم ممارسة الصلاة والشعائر الدينية اليهودية(3)"

واستمر هذا التفاهم بين الحكومة الأردنية  والحكومة الإسرائيلية مدة ثلاثون عاما على ان إدارة المسجد الأقصى المبارك تتبع دائرة الأوقاف الإسلامية الاردنية وهو ما عرف بالوضع القائم ( ستاتسكو) ولكن مع الحفريات التي بدات في عام 1996 بدات السياة الإسرائيلية تحاول تغيير الوضع القائم ولكن تم وقف الحفريات  وتم التأكيد على التفاهمات بين الأردن وإسرائيل وكان خلال تلك الفترة كان اليهود وغير المسلمين يسمح لهم بالدخول الى المسجد الأقصى المبارك عن طريق دائرة الأوقاف الإسلامية  ويسمح لهم بالدخول الى المتحف الإسلامي والمسجد الأقصى كسائحين وبحرية تامة  وباشراف حراس المسجد الأقصى المبارك.

وفي نهاية أيلول سبتمبر كانت زيارة شارون المشؤومة والتي أراد من خلالها تغيير الامر الواقع  في المسجد الأقصى المبارك وكانت انتفاضة الأقصى التي  عرفت بالانتفاضة الثانية والتي استمرت خمس سنوات  وأغلقت أبواب المسجد الأقصى مدة ثلاث سنوات يمنع اليهود خلالها من دخول المسجد الأقصى ولكن في عام 2003  ارادت الحكومة الإسرائيلية تغيير الوضع القائم حيث سمحت لليهود وغير المسلمين دخول المسجد الأقصى من خلال باب المغاربة تحت حماية الشرطة الإسرائيلية(4) واستمرت هذه السياسة حتى تم تشكيل حركة المرابطين  لمواجهة الجماعات اليهودية المتطرفة ومنعها من السيطرة على المسجد الأقصى المبارك قامت الشرطة الإسرائيلية بمنع الرجال ممن تقل أعمارهم عن خمسون عاما من دخول المسجد الأقصى المبارك وكان البديل هو تشكيل حركة المرابطات لمواجهة الجماعات اليهودية المتطرفة ومنعها من تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانيا ومكانيا حتى قام الوزير موشيه يعالون في أغسطس 2015 باعتبار حركة المرابطات  خارجة عن القانون  ومنع المرابطات من دخول المسجد الأقصى المبارك وكانت انتفاضة القدس في أكتوبر 2015 ومن بعدها كانت هبة باب الاسباط في يوليو عام 2017  وانتهت كل المحاولات الإسرائيلية بالفشل ولم تتمكن الحكومة الإسرائيلية من نصب كاميرات على بوابات المسجد الأقصى المبارك ولم تتمكن من تركيب أبواب الكترونية  معدنية  وكانت هبة باب الاسباط هي الدليل الواضح بان لا تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك وخلال تفاهمات جون كيري عام 2014 اعلن نتنياهو" لا يوجد لدى إسرائيل اية اهداف لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك (5)"

وبدأت اعداد اليهود والمستوطنين تتزايد وبشكل ملحوظ في اقتحاماتها اليومية الى المسجد الأقصى المبارك بحماية الشرطة الإسرائيلية ولعل الحدث الأهم والذي بدا في الأسابيع الأخيرة هي تغيير واضح في السياسة  الإسرائيلية وهي  السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى  خلال الأعياد الإسلامية والمناسبات الدينية الإسلامية   وكان ابرزها السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى في يوم عيد الأضحى المبارك من خلال جماعة ما يسمى بجبل الهيكل ووصل الامر ان طالبوا الشرطة الإسرائيلية باغلاق المسجد الأقصى في وجه المسلمين صباح عيد الأضحى المبارك ولكن كان قرار دائرة الأوقاف الإسلامية والمفتي بتاخير صلاة العيد مدة ساعة واحدة تمكن خلالها المصلين من  تأخير اقتحامات جماعة ما يسمى بجبل الهيكل حتى ساعات الظهر"(6)

وفي نهاية  الأسبوع الماضي وفي مقابلة  مع صحيفة " ماكور ريشون" صرح جلعاد اردان بانه سوف يشجع على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك وافتخر في عهده زادت اعداد الجماعات اليهودية التي اقتحمت المسجد الأقصى المبارك وكانت بالمئات يوميا وطالب بالسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك ووعد المستوطنين بانه في المستقبل القريب سوف يسمح لهم بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك،"(7)   ولكنه في نفس الوقت حمل المسؤولية في تأخير عمل الحكومة نحو السماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى هو ان عدد من حاخامات اليهود تمنع وتحرم دخول المسجد الأقصى المبارك على اليهود وامتناع اليهود المتدينين  والذين لا ينتمون الى الصهيونية الدينية أيضا ملتزمون بالتوصية الدينية من قبل الحاخامات بعدم دخول المسجد الأقصى."(8)

كما توجه في الأسبوع الماضي افي ديختر بعد 19 عاما على انتفاضة الأقصى لكي يفحص ويشاهد اذا حصل تغيير في المسجد الأقصى المبارك خلال تلك الفترة  وفي مقابلة مع صحيفة" إسرائيل اليوم" قال" ربما تفاجا الشرطة الإسرائيلية بسلاح ناري في المسجد الأقصى(9)"

الا ان ديختر تنبه الى نقطة مهمة واكد ان الصراع على المسجد الأقصى المبارك ليس صراعا عاديا ويجب عدم استخدام العنف في اداراة الازمات في المسجد الأقصى" .(10)

من هنا فانني اعتقد ان التفاهمات  التي استمرت اكثر من ثلاثين عاما بين الأردن وإسرائيل  يجب ان تستمر وان بيان موشيه ديان في عام 1967 هو بيان ملزم لكل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ،  والذي اكد فيه ان المسجد الأقصى المبارك للمسلمين وحدهم  ويحق لليهود زيارة المكان سائحين دون ممارسة شعائرهم الدينية.

*باحث ومختص في الشؤون الإسرائيلية

التعليقات