القلق والاجترار

القلق والاجترار
د.يسر الغريسي حجازي

القلق والاجترار


 "البقاء إيجابيا هو الحفاظ على الشباب، والرفاه، والصحة الجيدة ، والقلب السخي. والقلق عبارة علي طاقة سلبية تدمر حياتنا وتجعلها سامة ولا قيمة لها." 

من منا لا يعاود إلى ذهنه مواقف مؤلمة عاشها في الماضي؟ ماذا يعني اجترار الأوقات السيئة؟ من هم الأشخاص الذين يفكرون باستمرار في ما الذي أحزنه او سبب له الأذية في الماضي؟ وهذا المصطلح جاء من عملية الاجترار عند البقر بعد ما يقوموا بأكل الشعير. انهم يعيدون في المريء الأطعمة المخمرة، التي يتم طردها إلى أفواههم ليتم مضغها مرة اخري. إنهم يمضغون الطعام لفترة طويلة ثم يبتلعوه من جديد. هذا هو الوصف بالمعنى المجازي، للإنسان الذي يشغل ذهنه طول الوقت بذكريات جارحة. هل نحن الوحيدون الذين مروا بلحظات مؤلمة؟ بالطبع لا، لقد مر كل واحد منا بلحظات دراماتيكية في حياته وهذا لا يعني أنه يتعين علينا التخلي عن الامل وحب الحياة، وان  نلجأ الي مواجهة الألم الذي قد سمعناه ورأيناه في سياق النفور والاستنكار. هذه الصورة التي تم استعراضها عدة مرات في اليوم، تتسبب لنا بالصدمة والفعل من خلال عملية الإسقاط على سلوكنا السلبي والعدواني مما يرغمنا ذلك علي التفكير والي حالة الهوس.

 كما ان عملية الاجترار عند الانسان، تعبر عن ردة فعل للبحث عن الأمن العاطفي و التطرق باستمرار الي الأحداث التي لا أهمية لها. 

كلما زاد تعجّرنا بالذكريات السيئة ، كلما علقنا في مشاعر القلق. دعنا نحاول أن نقلل لحظات الألم لدينا، لمعرفة كيفية التغلب والسيطرة عليها واعتبارها دروسا في الحياة. يمكن أن يضع القلق عقبات أمام حياتنا اليومية في الأسرة والمجتمع والعمل. يمكن أن يجعلنا عرضة للخطر، إلى حد المنع من القيام بأنشطتنا وكذلك أبسط واجباتنا اليومية. كلما زاد قلقنا، زاد الرهاب الذي يمنحنا عدم الأمان. ومع ذلك، فمن السهل للغاية أن نسترجع اللحظات التي لا تنسى، تلك التي وفرت لنا الكثير من السعادة. لماذا لا يمكنن تذكرها؟ ولماذا نتذكر فقط ما يؤلمنا؟ في حين أنه من الأسهل بالنسبة لنا أن نتذكر الأوقات الجيدة التي قضيناها مع من نحبهم. من المهم أن نعرف، أن الذكريات السيئة تعني أننا نفاقم معاناتنا النفسية إلى الاضطراب النفسي والوسواس القهري الذي يتسم بالظهور المتكرر للأفكار المتطفلة و الهواجس. مما ينتج عنه القلق ، وكذلك السلوكيات المتكررة لجعلها طقوس. 

من خلال طرح أسئلة مثل ، "من قال ماذا؟ من فعل ماذا؟ لماذا فعل ذلك بي؟ لماذا تنظر إلي بهذه الطريقة وانا لم أفعل أي شيء سيئ لها؟

اثناء احياء الذكريات، يغذي العقل قوة عاطفية بين الأصالة المدركة والقيمة الظاهرة   بالتوافق مع المعتقدات الاجتماعية ، والوقت المنقضي  وتأثيراته على حياتنا اليومية. ان مفاهيم علم النفس المعرفي والعاطفي والاجتماعي هي الأسس الأساسية للعلاقة بين الإدراك والعاطفة والنفس.

يوضح علم النفس والوعي الجسدي والكمي، أن دماغنا يستخدم عمليات تجريدية من اجل للتفكير والإدراك والعقل والحكم، وأن هناك خطابًا داخليًا للروح يتناغم مع سلوكنا. ومع ذلك، تثبت فيزياء الكم أن هناك نمطية بيننا وبين المواد الكونية التي تربطنا بالنجوم والمجرات والكون.

ويظهر البحث العلمي أن العقل الواعي لا يستطيع أن يعرف ما هو مدرج في العقل الباطني ، مما يولد صراعات لأن اللاوعي أقوى من الواعي. يمكننا أن نتصور هذه الاعتراضات في الحالة التي نريد فيها تغيير عادة، علي سبيل المثال اتباع نظام غذائي على سبيل المثال. هذه العادة أقوى بكثير من التغيير، وهذا هو السبب الذي يجعل من الضروري التحضير لهذا التغيير الجديد والاعتراف به من قبل العقل الباطني بطريقة ملموسة. ذلك، يتطلب جهدا مركزا للتفكير والفهم والعقل واتخاذ قرار واعي بشأن العقل الباطني. لا يوجد سوى طريقة واحدة لمحاربة المجرات الذهنية، وذلك يتم في تغيير أسلوب الحياة، و إبتكار دور ومهمة إنسانية لمعرفة كيفية التعامل مع صعوبات الحياة ولمكافحة الإجهاد. ان التمارين العقلية مثل التأمل والرياضة، يساهمان بشكل كبير في الاسترخاء جسديًا وعقليًا وفي الحصول على مصادر جديدة للطاقة الايجابية والتي بدورها تساعدنا علي العيش في وئام مع انفسنا. إن العيش في سلام يعني التوقف عن طرح الأسئلة، والشكوك ، والشعور بالضيق من الآخرين. من الضروري أن نقوم باسترجاع لحظات جميلة مع الاعزاء علي  قلوبنا، و تكريس يوم في الأسبوع للاستمتاع به، وشراء هدية لانفسنا، وتناول الغداء مع الأصدقاء في المطعم والاستمتاع بهذا كما لو كنا اطفالًا. ان الفرح يعزز الأداء المتناغم مع جسمنا ،و يجعلنا مشعين وحنونين وسعداء.

التعليقات