لبنان: الأزمات تحاصر الحكومة... الشارع يغلي على وقع شحّ الدولار

لبنان: الأزمات تحاصر الحكومة... الشارع يغلي على وقع شحّ الدولار
يواصل مجلس الوزراء اليوم اجتماعاته في السراي الحكومي لمتابعة النقاش في مشروع موازنة الـ2020، في موازاة أوّل اجتماع ستعقده اللجنة الوزارية، لوضع الإصلاحات المطلوبة من مؤتمر "سيدر"، عقب الاجتماعين اللذين عقدهما كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتم فيهما بحث الاصلاحات المطلوبة وسبل تطبيقها للاستفادة من أموال "سيدر".

شحّ في الدولار

في هذا الوقت، بدأت الأصوات تتعالى والأزمات تتفاقم مع تفشي أزمة شحّ السيولة في البلد، لا سيما في ضوء ما تكشّف لـ"نداء الوطن" عن اضطرار الجيش في الآونة الأخيرة للجوء الى احتياطه من المحروقات بعدما لم يتم توقيع الاعتماد السنوي المخصص لذلك، في وقت أضحى كذلك مخزونه من الأدوية مهدداً بالنفاد في تشرين الثاني المقبل، فضلاً عن عدم توقيع المحاضر الجديدة لتأمين المواد الغذائية للعسكريين.

فبعدما بدأت ندرة "العملة الخضراء" تقضّ مضاجع المستوردين والصناعيين وقطاع الإنتاج برمته، دارت الدوائر بالأمس على "رغيف" اللبنانيين مع تحذير تجمع المطاحن من أنّ "الاحتياط التمويني من القمح انخفض إلى مستوى يشكل خطراً وقد يعرض البلاد الى أزمة تموينية إذا لم تحل مشكلة الدولار الأميركي الذي تتم بواسطته عملية الاستيراد". 

وإزاء تعالي صرخات القطاعات من هذا الموضوع كان لا بد للمعنيين من أن يتداركوا الأسوأ فجاء بيان حاكم المصرف المركزي رياض سلامه مساءً ليؤكد أنّ المصرف بصدد إصدار تعميم ينظم تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الاميركي. 

وهو ما وضعه خبراء اقتصاديون لـ"نداء الوطن" في إطار تنظيمي يعمل على ضبط السوق ومنع تفلته، موضحين أنّ من بين الخيارات المتاحة في هذا المجال رصد المصرف المركزي مبلغاً مالياً بالدولار الأميركي مقروناً بآلية منع مضاربة وحصر أذونات الصرف بالدولار بعمليات تمويل استيراد الاحتياجات الأساسية من محروقات ودواء وقمح فقط.

ومواكبةً لمستجدات ظاهرة الفارق في التداول بين سعر الدولار والليرة، أوضح رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ"نداء الوطن" أنّ هذه الظاهرة كانت قد طفت على السطح مع مادة المحروقات لأنها المادة الأكثر عرضة لإبراز الخلل في الفارق بسعر الصرف، لافتاً في هذا السياق إلى أنّ "نسبة 40% من اللبنانيين كانوا يسددون كلفة تعبئة المحروقات بالعملة الوطنية، لكن نتيجة الهواجس التي سيطرت على المواطنين وإقدامهم على الإحتفاظ بالدولار تغيّرت هذه المعادلة وباتت نسبة 94% من المستهلكين يسددون بالليرة اللبنانية، ما خفّض من مقبوضات أصحاب محطات المحروقات بالدولار وانعكس بدوره على تسديد فواتيرهم لأصحاب الصهاريج وبالتالي للشركات الموزعة".

وإذ كشف أنّ "الخوف الذي خيّم على الناس جعلهم يلجأون إلى تخزين "دولاراتهم" في المنازل حيث قيمة هذه الدولارات بحسب التقديرات باتت تقدّر بنحو مليار ونصف المليار دولار"، أكد حمود أنّ "كل هذه الأمور أدت الى شحّ التداول بعملة الدولار في الأسواق، بالإضافة إلى عمليات التهريب من لبنان إلى سوريا"، مضيفاً أنّ "هذا الوضع الذي بدأ مع قطاع المحروقات عاد فانسحب على المواد الغذائية والإستهلاكية بشكل بدأ يطاول رغيف الخبز والدواء الذي يستورد بالدولار ويتم بيعه بالليرة اللبنانية ". 

ورداً على سؤال، شدد حمود على أنّ "مصرف لبنان لن يفرّط بالدولارات الموجودة لديه لكي يخزّنها المواطنون في منازلهم أو يتمّ تهريبها إلى الخارج، إنما هو مستعدّ للحفاظ على أموال الناس وودائعهم"، معرباً في المقابل عن ثقته بأنّ "الحكومة ستتدارك هذه الأزمة وستصدر سندات يوروبوندز بقيمة تتراوح بين مليار ونصف المليار والملياري دولار الأمر الذي سيريح السوق"، مع إشارته إلى أنّ المصرف المركزي سيحاول الإكتتاب في تلك السندات ويبيعها ما سيعزز مخزونه من العملات الأجنبية.

المصرف المركزي يتدخل

في هذا الوقت، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان، انه "سيصدر تعميما يوم الثلاثاء المقبل، ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي"، وقال: "ان ذلك سيتم بعد مراجعة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والوزراء المختصين". 

إلا انه لم يشأ الكشف عن طبيعة التعميم الذي يأتي في أعقاب الإضراب الذي نفذه أصحاب محطات البنزين وشركات استيراد النفط، بسبب البلبلة السائدة في الأسواق نتيجة ضعف السيولة في الدولار.

ازمة المحروقات الى مزيد من التصعيد

وفي شأن متصل، يحدد أصحاب محطات الوقود وتجمع شركات النفط موقفهم من الاضراب في ضوء الحل الذي وعدهم به رئيس الوزراء قبل 48 ساعة، وهم يتجهون في حال عدم توافر الدولار، الى وقف الاستيراد، وتم أمس التواصل مع اصحاب المولدات الكهربائية لتنسيق الخطوة المشتركة معهم.

اعتصامات بالجملة

وفي حين لم تأت جلسة مجلس النواب أمس بأي جديد، تزامنت مع اعتصامات متعددة للمستأجرين وأصحاب الابنية وللناجحين في مجلس الخدمة المدنية.

هذه التحركات تستتبع اليوم بتحركات مطلبية أوسع تكفي الاشارة اليها للدلالة على المشاكل التي باتت تواجه ليس الحكومة فحسب، وانما الدولة برمتها. في برنامج اليوم:

الساعة 9:00 اعتصام رمزي تنفذه اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان، في ساحة الكولا، رفضاً للتعديات التي يتعرض لها السائقون العموميون من جراء وجود ما يسمى "أوبر وكريم" العاملة خلافا للاصول والقانون.

الساعة 11:00 مؤتمر صحافي يعقده رئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء مارون الحلو، تزامناً مع بدء الحكومة درس مشروع موازنة 2020، واستباقاً لأي تحركات تصعيدية، يعرض فيه بالمعطيات معاناة قطاع المقاولات وبالأرقام مستحقات المقاولين لدى الدولة، كما يحدد مطالب القطاع وسقف التحرك المقبل للنقابة.

الساعة 12:00 اعتصام دعت إليه لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية، أمام مبنى الإدارة المركزية للجامعة في المتحف.

الساعة 13:00 مؤتمر صحافي مشترك لرئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين جاد تابت ونقيب المهندسين في طرابلس بسام زيادة، في بيت المهندس، للاعلان عن رفض نقابتي المهندسين للمادة الـ18 من مشروع موازنة 2020 بإلغاء البند 9 من المادة 3 من القانون رقم 11 تاريخ 19/2/1964 وتعديلاته (قانون الصندوق التقاعدي للمهندسين).

الساعة 17:00 اجتماع تشاوري شعبي نقابي، لوضع خطة عمل وتحرك لمواجهة السياسات المالية والاقتصادية والدفاع عن حقوق العمال والأجراء، في مقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان.

التعليقات