القتل علي خلفية الشرف

د.يسر الغريسي حجازي
في معظم الحالات، يرتكب قتل النساء من طرف قريب كشريك الحياة أو الأب أو الأشقاء الذين يمارسون الضغوط والتهديدات و العنف ضد الأخت. قتل الشرف يعني بالنسبة للنظام القبلي، عمل شجاع يهدف إلى إنقاذ شرف العائلة. لفهم جرائم الشرف بشكل أفضل، يجب أن نعرف أولاً ان السلطوية الأبوية وقوانين هذه المنظمة الاجتماعية أساسوها ويقودها الرجال. وفقًا لما قاله لويس هنري مورجان، إن ظهور الأسرة قد طور النظام الأبوي بالتزامن مع ظهور الملكية الخاصة والدولة. وهكذا، تم تعريف الأبوية وفقًا للتحليل الماركسي لفريدريش إنجلز: "الأبوية هي شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي والقانوني القائم على سيطرة الرجال".
وفقًا للقواعد القبلية ، يضطلع الرجال بمهمة توفير الغذاء والاحتياجات المادية وهم مسؤولون عن حماية الأسرة. في حين يجب على النساء تحمل ت وفقًا للقواعد القبلية ، يضطلع الرجال بمهمة توفير الغذاء والاحتياجات المادية وهم مسؤولون عن حماية الأسرة. في حين يجب على النساء تربية الأبناء ، والقيام بالأعمال المنزلية والتنظيم الداخلي للمنزل. ظهر مصطلح "الأبوية" في عام 1970، واستخدمتها الحركة النسوية العالمية لتحدي النظام الاجتماعي القمعي والخالي من الإنسانية. ويتم تنظيمه وفق اعتبارات اقتصادية، أيديولوجية ومتكيفة مع سلطة الرجل على النساء والأسرة، والمجتمع، والناس. منذ آلاف السنين، ساعدت الأبوية الذكورية في تعزيز العنف والجريمة، والهمجية في ظل غياب تطبيق قانون الجرائم ضد النساء. لقد خلق منطق هذا الوضع الاجتماعي "البقاء للأقوى"، وذلك من خلال قواعد الشرف القائمة على الانتقام والقهر والأولوية المطلقة للرجال. في أوروبا على سبيل المثال، أُلغيت السلطة الأبوية منذ الحرب العالمية الثانية ومع ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في نفس الوقت الذي ظهرت فيه الحركات النسائية.
لقد تم تعلم الدروس بعد وفاة الآلاف من الأبرياء في الحروب و التضحية بهم من أجل شرف أوطانهم، وقتل النساء على خلفية الخيانة وانتهاك شرف العائلة. في الشرق الأوسط حتى اليوم ، لا تزال جرائم الشرف تقتل النساء والفتيات بذريعة تلويث اسم الاسرة والعادات والتقاليد. هذه الجرائم البغيضة والبربرية، مبررة بالدين و الأعراف والقوالب النمطية. يتم محاكاة هذه الجرائم في معظم الأحيان على شكل انتحار، أو إطلاق نار غير طوعي. إن الشرف والانتقام يحددان القواعد القبلية، وسفك الدماء ياتي في إطار الشجاعة لفرض الاحترام لأن العائلات القبلية يجب علييها أن تتحلى بأولوية الشرف. القوة هنا تتطلب، تضحية الضعفاء وغير القادرين على الدفاع عن أنفسهم. إنه لا يزال يذكرنا بأوقات العصور الوسطى، عندما يتم إعدام المواليد الجدد بسبب انهم إناث. إنه الانتقام البدائي الذي زرع رعب النساء، و منحهم لالف السنين الشعور بالذنب والخطيئة. وخضعت هذه الطقوس لتغييرات مع مفاهيم فقهية جديدة، مبنية على النظام الاجتماعي المطلق.
عادة ما تكون المرأة ضحية للجرائم البشعة للإنسان، والتي ترمز إلى وجود المرأة كعبد ضعيف و أعزل. وبالتالي، يجب على المرأة الخضوع لأوامر سيدها الرجل، ومنحه الأطفال الأقوياء والأذكياء وإرضاء جميع رغباته دون تفكير. كما تُرتكب جرائم الشرف ضد الزنا أو العلاقات الزوجية خارج الزواج و تشمل الزواج القسري، وادعاءات الجماع غير المشروع، والميراث. هذه الجرائم الهمجية تخفي معظم الوقت، نوايا اخري كالاستلاء علي ميراث امرأة غير متزوجة، أو امرأة تريد الطلاق ضد إرادة أسرتها، او امراة ارملة تريد عائلة تزويجها باخ زوجها ليستفيد من حصة اخوه. في القبائل، يتم كذلك التلاعب بالنساء ضد بعضهن البعض، من أجل الحفاظ على جرائم الشرف وهيمنة الذكور على المجتمعات البدائية. و يتم تعيين نساء في حلف القبيلة من قبل زعمائها. و يجب أن يتمتعن تلك النساء بطابع الشخصية القوية، وان تكون بدنيًا قادرة على فرض سلوكها العنيف وسيطرتها علي النساء بالخوف. ويتم برمجتهن لجعلهن يعتقدن أنهن جزءا من الإقطاعية القبلية، وأنهن مسؤولات عن أخلاق وسمعة أسرهن اللواتي ربين ابنائهن بموجب مبادئهن. بمعني ان الامهات يتحملن فشل تربية اطفالهن في حالة الفشل، والاباء يتماجدوا بنجاح ابنائهم. إنهم ينسبوا اليهم نجاحات الأسرة. إن مدونة الشرف ضرورية حتى لا تسمح بالتفكير، وتزيل المشاعر الفردية والجماعية تمامًا.
لا تزال الأبوية السلطوية هي الجدل الدائر حول التوترات المجتمعية في الدول النامية، وخاصة في الشرق الأوسط حيث يتم إزالة مبادئ الديمقراطية والمساواة من النماذج الحرة والمتعددة الثقافات. إن مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، هما العاملان الوحيدان اللذان يمكنهما احباط الاجندة السياسية وتغيير القوانين لصالح نظام تكامل اجتماعي من اجل التضامن مع مبادئ الاعتراف بالمواطنة والحقوق والحريات للجميع.
التعليقات