عشرون سؤالاً وجواباً حول اتفاق أوسلو

عشرون سؤالاً وجواباً حول اتفاق أوسلو
عشرون سؤالاً وجواباً حول اتفاق أوسلو
بقلم:رائد موسى

1- هل اتفاق أوسلو هو اتفاق سلام؟
2- هل دخلت منظمة التحرير مؤتمر مدريد ومفاوضات اوسلو مضطرة بسبب صعوبة الظروف الدولية المحيطة بها؟ 
3- هل الاعتراف بإسرائيل كان متعجل في اوسلو؟
4- ماذا يعني الاعتراف المتبادل؟
5- هل نصوص الاتفاق غامضة ومبهمة؟
6- هل قدم الجانب الفلسطيني تنازلات في اتفاق أوسلو؟
7- هل قدمت اسرائيل تنازلات في اتفاق أوسلو؟
8- هل ربط اتفاق اوسلو (اتفاق باريس) الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي؟
9- هل يمنع اتفاق اوسلو مقاومة الاحتلال؟
10- هل بالفعل اجاز اتفاق اوسلو ما يعرف بـ"المطاردة الساخنة"؟
11- هل ضمن الاتفاق حق العودة، وحقوقنا بالقدس؟ 
12- هل كانت المرحلية خطأ في اتفاق أوسلو؟
13- هل اعطى اتفاق اوسلو سيادة على الشعب دون الأرض؟
14- هل قبولنا بالتنسيق الأمني في اتفاق اوسلو هو تنازل فلسطيني؟
15- هل تقيد الجانب الفلسطيني بالتزاماته في اتفاق اوسلو؟ 
16- هل هناك نص يشير الى قيام الدولة الفلسطينية في اتفاق اوسلو؟
17- هل هناك نص يشير الى وقف الاستيطان في اتفاق اوسلو؟
18- هل بقاء الوضع الفلسطيني على مكان عليه افضل من عقد اتفاق اوسلو؟
19- لو كان هناك اخطاء في بنية اتفاق اوسلو فما هو اكبر خطأ او ضعف ادى الى فشل الاتفاق
20- هل يمكن الغاء أوسلو؟ 

1- هل اتفاق أوسلو هو اتفاق سلام؟
كلا فهو اتفاق تسوية سلمية مؤقتة لتمهيد الظروف وتهدئة وتهيئة الاجواء من أجل التفاوض حول قضايا الصراع الرئيسية بهدف التوصل على حل للصراع يؤدي لمعاهدة سلام دائمة.
2- هل دخلت منظمة التحرير مؤتمر مدريد ومفاوضات اوسلو مضطرة بسبب صعوبة الظروف الدولية المحيطة بها؟ 
غير صحيح فالدخول بتسوية سياسية مع اسرائيل كان هدف منظمة التحرير عندما اعلنت قيام الدولة عام 1988 حسب القرارات 242 و383 الداعيان الى انهاء احتلال العام 1967 والتوصل الى حل من خلال التفاوض.
3- هل الاعتراف بإسرائيل كان متعجل في اوسلو؟
الاعتراف بإسرائيل لم يكن متعجلا ولم يكن من الممكن تأجليه الى حين التوصل الى حل لأنه فعليا قد سبق أوسلو ففي العام 1988 قبلت منظمة التحرير قراري الأمم المتحدة رقم 242 و383، الداعيين لإنهاء احتلال عام 1967؛ والتوصل إلى حل عن طريق التفاوض. والذي يمثل أيضاً اعتراف ضمني بإسرائيل حيث تنص الفقرة (ب) من البند الأول للقرار 242 على: "إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوة".
لذلك الاعتراف بحق اسرائيل في العيش بسلام ضمن حدود آمنة قد تم قبل أوسلو وهو الذي مهد وهيأ المنظمة لدخول مفاوضات أوسلو. 
4- ماذا يعني الاعتراف المتبادل؟
ان كلمات الاعتراف بإسرائيل مستمدة بالأساس من القرار 242، وما ورد فيه من كلمات في نفس الشأن، بينما الاعتراف الإسرائيلي بمنظمة التحرير هو المستجد بالموضوع، حيث ان القرار 242 يتحدث عن دول ليس من بينها فلسطين، لذلك ممكن اعتبار اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني يمثل اعتراف صريح ومباشر بالشعب الفلسطيني و"بحقوقه المشروعة والسياسية"، ويمثل ذلك تحول سياسي جديد حيث ان إسرائيل أقيمت على فكرة تيودور هيرتزل المتمثلة بمقولته "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، فكانت هذه المقولة قاعدة لكل موقف إسرائيلي فيما بعد، ولمواقف دولية أيضاً، اذ كنا نلاحظ ان وعد بلفور الذي اطلقته بريطانيا، وصك الانتداب الذي صدر عن عصبة الأمم، لم يتطرقا من قريب أو بعيد الى وجود الشعب الفلسطيني بل أشار اليه على إنه "الطوائف الأخرى التي تعيش على أرض فلسطين".
حول الاعتراف المتبادل يرى الرئيس الأسبق لهيئة الأركان العامة موشيه يعلون بان مفهوم الاعتراف المتبادل قد فشل في أوسلو بسبب الرفض الفلسطيني للاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة. ويفسر ذلك بان هدف الفلسطينيين هو إقامة دولة على أنقاض دولة إسرائيل لا في حدود 1967. وذلك من خلال الإصرار الفلسطيني على حق العودة وعلى عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. 
يعني ان الجانب الاسرائيلي يعترف بإسرائيل كدولة لكل سكانها والذين ستكون الاغلبية للفلسطينيين فيها بعد اعادة اللاجئين اليها، ولهذا اصبح الشرط الاسرائيلي الجديد للتوصل لأي سلام نهائي هو الاعتراف بيهودية الدولة وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية بشكل مطلق. 
5- هل نصوص الاتفاق غامضة ومبهمة؟
غير صحيح النصوص واضحة ولو كان هناك نص مبهم فهناك أصول قانونية لتفسير المعاهدات واردة في اتفاقية فينا لقانون المعاهدات الدولية واتفاق اوسلو يعتبر معاهدة دولية حسب معايير المعاهدات الدولية. والخلافات حول تطبيق اتفاق اوسلو لم تتعلق باختلاف في التفسيرات انما كانت بسبب توقف اسرائيل عن التنفيذ بذريعة عجز الجانب الفلسطيني عن القيام بالتزاماته فيما يتعلق بوقف العنف ضد اسرائيل.
6- هل قدم الجانب الفلسطيني تنازلات في اتفاق أوسلو؟
لم يقدم الجانب الفلسطيني أي تنازل عن أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بالقانون الدولي، فحتى اعترافه بإسرائيل هو تنازل معنوي طالما تمسك بحق العودة الى اسرائيل، الحق الوحيد الذي وعد الجانب الفلسطيني بالتنازل عنه بشكل مؤقت طول المرحلة الانتقالية التي تبلغ خمسة سنوات هو الحق في استخدام الكفاح المسلح في سعيه للتحرر من الاحتلال. وهذا لا يعني اطلاقا التنازل عن استخدام السلاح في حالات الدفاع عن النفس من اعتداءات الاحتلال خلال المرحلة الانتقالية المؤقتة. 
7- هل قدمت اسرائيل تنازلات في اتفاق أوسلو؟
قدمت اسرائيل تنازلات عن مكتسبات غير مشروعة كثيرة حصلت عليها بالحرب والاحتلال فقد وافقت على الافراج عن جميع الاسرى الفلسطينيين على مراحل، ووافقت على التنازل عن اراضي اكتسبتها بالحرب والاحتلال، وافقت على وضع القدس كقضية من قضايا مفاوضات الحل النهائي ومنح منظمة التحرير ولاية سياسية على سكان القدس الفلسطينيين مع بعض الصلاحيات في شؤون الصحة والتعليم وابقاء مؤسسات للمنظمة تعمل في القدس كبيت الشرق، بالرغم من انها كانت قد اعلنت ضم القدس لإسرائيل وان القدس موحدة عاصمة اسرائيل، فوضع العاصمة على طاولة المفاوضات يعد تراجع وتنازل عن موقف سابق.
8- هل ربط اتفاق اوسلو (اتفاق باريس) الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي؟
تم ربطه في نواحي محددة كتحديد هامش نسبة الضريبة وهامش اسعار الوقود، والتخليص الجمركي ان يكون في الموانئ الاسرائيلية على ان تقوم اسرائيل بتحويل الضرائب المعروفة بـ(المقاصة) الى السلطة مقابل نسبة 3 بالمائة عمولة تخليص جمركي، وقد سعت اسرائيل من وراء ذلك الى عدم حصول تباين شديد في اسعار السلع بالمناطق الفلسطينية المفتوحة على اسرائيل، فلو ترك للجانب الفلسطيني على سبيل المثال الحرية في تحديد سعر الوقود وقتها سيتوجه كل الجمهور الاسرائيلي لتعبئة الوقود من المحطات الفلسطينية مما يضر الاقتصاد الاسرائيلي لذلك قبل حل قضية الحدود والاستقلال التام للمناطق الفلسطينية بدولة لها سيادة على حدودها لا يمكن ان يستقل الاقتصادي الفلسطيني عن الاسرائيلي وقبل ان يعمل ميناء غزة ويصبح من خلاله الاستيراد والتصدير نبقى مضطرين للاستعانة بالموانئ الاسرائيلية. 


9- هل يمنع اتفاق اوسلو مقاومة الاحتلال؟
تم التعهد من طرفي الاتفاق على استبعاد الوسائل العنيفة في الصراع، هذا يعني انه التزام متبادل، علينا ان نتنازل عن استخدام العنف في المقاومة رغم انه حق مشروع مقابل ان تتوقف اسرائيل عن استخدام العنف في صراعها معنا، ولكن ذلك مرهون بالمناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا ومرهون بالمرحلة الانتقالية، وفي النهاية هو مرهون بمصلحتنا من وراء استخدام العنف من حيث الفوائد والاضرار حتى وان كان حق مشروع. 
10- هل بالفعل اجاز اتفاق اوسلو ما يعرف بـ"المطاردة الساخنة"
ليس بالشكل ولا بالاسم الذي تم ترويجه فلا يوجد نص بالاتفاق تحت اسم "مطاردة ساخنة" انما تم الاتفاق على كيفية التصرف لقوى الامن وجيش الاحتلال في الحالات الطارئة التي تشكل خطرا على الحياة وهنا اعرض النص حرفيا كما هو وارد في الاتفاق:
المادة الحادية عشرة قواعد التصرف في أمور الآمن المشتركة حقوق الإنسان وحكم القانون
خطوات التدخل: 
أ. لغرض هذه المادة، فان " التدخل" سوف يعني ردا على عمل أو حادث يشكلان خطرا على حياة أو ملكية بهدف منع مثل هذا العمل أو الحادث أو الحيلولة دونهما أو لاعتقال مرتكبيهما. 
ب. في المنطقة الخاضعة للمسؤولية الأمنية للمجلس (السلطة الفلسطينية) وفي الأماكن التي تمارس فيها السلطات الإسرائيلية مهامها الأمنية وفقا لهذا الملحق وفق المناطق المجاورة لها. فان السلطات الإسرائيلية يمكن أن تقوم بخطوات تدخل في حالات يتطلب فيها العمل أو الحادث مثل هذا التدخل. وفي مثل هذه الحالات، فان السلطات الإسرائيلية سوف تتخذ أي إجراءات لازمة لإنهاء مثل هذا العمل أو الحادث مع الأخذ بعين الاعتبار وفي اقرب فرصة ممكنة نقل المعالجة المستمرة للحادث الواقع في نطاق المسؤولية الفلسطينية إلى الشرطة الفلسطينية. وسوف تبلغ الشرطة الفلسطينية فورا من خلال مكتب التنسيق اللوائي (DCO) المختص بخطوات مثل هذا التدخل. 
ج. تدخل مع استخدام أسلحة نارية لن يسمح به إلا كملجأ أخير بعد استنفاد كافة محاولات السيطرة على العمل أو الحادث مثل تحذير المخالفين أو إطلاق النار في الهواء أو إذا ثبت عدم فعالياتها ولم تتحقق النتيجة المأمولة في الظروف. واستخدام الأسلحة النارية ويجب أن يهدف إلى ردع المخالف وليس قتله وسوف يتوقف إطلاق النار حالما ينتهي الخطر.
د. أي نشاط يتطلب استخدام الأسلحة النارية لتحقيق أغراض عملية فورية سوف يخضع لإشعار مسبق إلى مكتب التنسيق اللوائي المعتمد (DCO).
ه. إذا ما جرح شخص أو كان بحاجة إلى مساعدة فان مثل هذه المساعدة سوف يتم توفيرها من الجانب الذي يصل مكان الحادث أولا. وإذا كان مثل هذا الشخص تحت المسؤولية الأمنية للجانب الآخر، فان الجانب المساعد سوف يبلغ مكتب التنسيق اللوائي(DCO) المعتمد وسوف تتخذ إجراءات ملائمة وفقا لهذا الاتفاق لتقديم المعالجة والعلاج في المستشفيات. 
11- هل ضمن الاتفاق حق العودة، وحقوقنا بالقدس؟ 
قضية اللاجئين قد تم ذكرها ضمن قضايا مفاوضات الحل النهائي، ووجوب حل قضية اللاجئين من أجل حل الصراع، يتمثل أيضاً بالفقرة (ب) من البند الثاني للقرار 242: "تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين". والتسوية العادلة لمشكلة اللاجئين لا يمكن ان تبتعد عن القرار 194. وكون القرار 194 يمثل أحد شروط قبول دولة إسرائيل عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة حسب (القرار 273) في 11 أيار/مايو 1949، يضيف ذلك قوة الى هذا القرار في كونه نقطة قوة تفاوضية للطرف الفلسطيني.
اما القدس فقد وافقت إسرائيل على ذكرها كقضية من قضايا مفاوضات الحل النهائي، بعد ان كانت تعتبرها عاصمتها الموحدة حيث سنت "قانون أساس أورشليم القدس عاصمة إسرائيل". أيضاً البروتوكول الخاص بالانتخابات قد شكل نوع من التطمين للجانب الفلسطيني على مستقبل القدس في المفاوضات، حيث نص على أن "فلسطينيي القدس الذين يعيشون فيها سيكون لهم الحق في المشاركة في العملية الانتخابية، وفقا لاتفاق بين الطرفين" وأيضاً في الرسالة التي بعث بها شمعون بيريز لوزير الخارجية النرويجي بتاريخ 11 تشرين أول/أكتوبر 1993، والتي يؤكد فيها "أن المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية ومصالح ورفاهية الفلسطينيين في القدس الشرقية ذات أهمية وإرادة كبيرين ولذلك فإن جميع المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية بما في ذلك المناطق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والمقدسة المسيحية والمسلمة هي التي تؤدي المهمة الأساسية للشعب الفلسطيني. وغني عن القول إننا لن نعرقل نشاطهم على العكس من ذلك ، فإن التشجيع على إنجاز هذه المهمة الهامة هو التشجيع".
12- هل كانت المرحلية خطأ في اتفاق أوسلو؟
اتفاق أوسلو لتسوية الصراع قائم من اساسه على منهج التسوية على مراحل انتقالية متلاحقة بجدول زمني للتدرج نحو التوصل الى الحل الدائم، وذلك ما قبل به طرفي الاتفاق كإجراء من إجراءات تسوية وحل الصراع فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بالشراكة مع روسيا وقد فسرت الولايات المتحدة ذلك للجانب الفلسطيني من خلال رسالتها للتطمينات قبل مؤتمر مدريد بأنه "نظرا لشدة تعقد المسائل المطروحة وعمق المشاعر، فان الولايات المتحدة ما انفكت منذ زمن ترى أن وجود مرحلة انتقالية مطلوب لتهديم جدران الشك وعدم الثقة ووضع أسس مفاوضات قابلة للاستمرار حول الوضع النهائي للأراضي المحتلة. ان هدف المفاوضات حول الاجراءات الانتقالية هو تحقيق الانتقال المنظم والسلمي للسلطة من إسرائيل للفلسطينيين. ويحتاج الفلسطينيون تحقيق السيطرة السريعة على القرارات السياسية والاقتصادية وغيرها التي تمس حياتهم وللتكيف مع وضع جديد يمارس فيه الفلسطينيون السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن جانبها ستعمل الولايات المتحدة جاهدة منذ البداية وستشجع كل الأطراف على اتخاذ خطوات قادرة على خلق جو من الثقة والثقة والمتبادلة بما في ذلك احترام حقوق الانسان" .
وقد أوضحت الولايات المتحدة الامريكية وروسيا من خلال رسائل الدعوة لمؤتمر مدير للسلام الخطوات المرحلية الانتقالية التي على أساسها بين إسرائيل والفلسطينيين ستدور المفاوضات حيث ستدور "على مراحل، تبدأ بمحادثات حول ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت. ستدوم ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت مدة خمسة أعوام. وبدءا من العام الثالث من فترة ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت، ستجري المفاوضات بشأن الوضع الدائم. وسوف تدور هذه المفاوضات الخاصة بالوضع الدائم والمفاوضات بين إسرائيل والدول العربية على أساس القرارين 242 و338" .
اذ ان التوصل الى حل للصراع، سيكون على مراحل، بحيث تؤدي كل مرحلة منها الى الأخرى وتعتبر مقدمة لها، وتنقسم كل مرحلة الى مجموعة من الاجراءات التي تقوم بالأساس على اتباع فلسفة التدرج في تطبيقها. ويتم تنفيذ اتفاق التسوية على ثلاثة مراحل تبدأ بالانسحاب من غزة وأريحا وتأسيس السلطة الفلسطينية، ثم مرحلة اعادة الانتشار التدريجي في الضفة الغربية وتوسع نفوذ السلطة الفلسطينية، واخيراً مرحلة مفاوضات الوضع النهائي من أجل حل الصراع
13- هل اعطى اتفاق اوسلو سيادة على الشعب دون الأرض؟
غير صحيح فالاتفاق اعطى سيادة منقوصة على الشعب وسيادة منقوصة على الأرض، فسجل السكان للشعب واصدار ارقام هوياته بقيت بيد سلطات الاحتلال. فقضية الهوية مرتبطة بقضية اللاجئين وحق العودة، ولأن اتفاق اوسلو هو اتفاق حكم ذاتي انتقالي مؤقت فمن الطبيعي ان لا يمنح السيادة الكاملة للسلطة الفلسطينية، فالسيادة تحتاج الى حسم قضية الحدود بما فيها قضية القدس والمستوطنات حتى نستطيع السيطرة على حدودنا ومن ثم السيادة على اصدار بطاقات هوية السكان التي على اساسها يصدر جواز السفر للتنقل من الحدود. اما الصلاحيات على السكان فقد تمثلت بالقضاء والأمن والخدمات الصحية والتعليمية وشؤون الحكم المحلي والسياحة والاقتصاد والثقافة والاعلام والاتصالات والمواصلات والعديد من الصلاحيات السيادية.
اما السيادة على الأرض فأيضا قد حدد الاتفاق الولاية الإقليمية والوظيفية للسلطة الفلسطينية على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة (ما عدا المسائل التي سيتم التفاوض عليها في مفاوضات الوضع الدائم)، بانها تشمل ولاية على الأرض وباطنها والمياه الإقليمية والمجال الجوي والمجال الكهرومغناطيسي وفقا لأحكام الاتفاق، بالإضافة للصلاحيات والمسؤوليات التشريعية والقضائية وتخطيط وتقسيم الأراضي.
14- هل قبولنا بالتنسيق الأمني في اتفاق اوسلو هو تنازل فلسطيني؟
غير صحيح بل هو حاجة فلسطينية لتتمكن السلطة الفلسطينية من القيام بمهامها في ظل وجود الاحتلال، كحالة مؤقتة انتقالية، هنا لا بد من التوضيح بان سلطة حكم ذاتي لديها شرطة جوية وشرطة بحرية وطيران رئاسي وطيران مدني وقوات أمن تحتاج الى تسليح وذخائر وعربات مدرعة، وتمارس ولايتها على اقليمين غير متصلين جغرافيا بشكل مباشر (الضفة الغربية وقطاع غزة) وتحتاج الى حركة دائمة لقوات أمنها من خلال الأراضي الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية ، ولحركة مواطنيها من تجار ومرضى وطلاب ومتنقلين ومسافرين بشكل عام، ولحركة اموالها وبضائعها. كل تلك الاحتياجات لا يمكن وبل يستحيل ان تتمكن السلطة الفلسطينية من تلبيتها او تسييرها بسلاسة بدون تنسيق وتعاون أمني مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي. 
اما التنسيق الأمني بخصوص منع اعمال العنف (حتى لو كان مقاومة عنيفة مشروعه) فهو التزام تبادلي فنحن بحاجة لكبح العنف الاسرائيلي تجاهنا اكثر من حاجة اسرائيل لكبح العنف الفلسطيني فنحن نعاني من عنف الاحتلال ومستوطنيه اضعاف ما يعانيه الاحتلال من عنف المقاومة الفلسطينية لذلك منع العنف من خلال التنسيق الأمني هو احتياج متبادل، وخصوصا في ظل وجود حكم ذاتي انتقالي مؤقت، والالتزام الفلسطيني فيه يضع حد لتدخل الاحتلال الاسرائيلي وتنفيذه للاعتقالات وجرائم الاغتيال. ولا يوجد أي نص في الاتفاق يجبر الجانب الفلسطيني على التعاون مع الجانب الاسرائيلي في تسليم أي فلسطيني لقوات الاحتلال بل العكس تماما كل النصوص تجبر اسرائيل على عدم التدخل ومحاسبة أي فلسطيني طالما هو تحت ولاية السلطة الفلسطينية. 
15- هل تقيد الجانب الفلسطيني بكل التزاماته في اتفاق اوسلو؟
لم يتقيد الجانب الفلسطيني بكل التزاماته في اتفاق اوسلو فمن ناحية شكلية وادارية غير من بعض المسميات كإضافة كلمة الوطنية للسلطة الفلسطينية بهدف الاشارة الى انها سلطة لوطن وليس فقط لشعب ولم يتقيد بأعداد قوات الامن المنصوص عليها بالاتفاق بما يهدف من توفير اكبر عدد من فرص العمل، ثم وقع الانتهاك الأكبر للاتفاق بإعادة احياء الاجنحة المسلحة للفصائل وتطوير تسليحها عقب انتفاضة الأقصى بما يخالف ما نص عليه الاتفاق بان لا سلاح في الشارع الفلسطيني غير سلاح الأمن. ثم ترقية مكانة فلسطين في الأمم المتحدة لعضو مراقب باسم دولة فلسطين وذلك يمثل استباق احادي الجانب لما سيفضي اليه الاتفاق في الوضع النهائي. 
16- هل هناك نص يشير الى قيام الدولة الفلسطينية في اتفاق اوسلو؟
لا يوجد نص يشير الى ذلك في اتفاق اوسلو الرئيسي، فالجانب الفلسطيني اكتفى بان يؤدي الاتفاق الى انهاء احتلال العام 1967، حيث ينص الاتفاق كما هو وارد في المادة الأولى لإعلان المبادئ لاتفاق أوسلو: "... ومن المفهوم أن الترتيبات المؤقتة هي جزء لا يتجزأ من عملية السلام الكاملة وأن المفاوضات بشأن الوضع الدائم ستؤدي الى تنفيذ قراري مجلس الأمن 242 (1967) و 338 (1973)".
فتنفيذ القرار242 يعد مطلب فلسطيني كافي لأنه بعد انتهاء الاحتلال من الطبيعي ان نقيم ما نشاء على ارضنا المحررة، ان كانت دولة مستقلة او دولة متحدة مع المملكة الاردنية او غيرها. 
بالرغم من ذلك لقد نصت خطة خارطة الطريق والتي تعد وثيقة لا يمكن فصلها عن اتفاق اوسلو، نصت على ان الحل النهائي يكون بقيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. 
17- هل هناك نص يشير الى وقف الاستيطان في اتفاق اوسلو؟
الولايات المتحدة الامريكية، قد أعلنت رفضها للاستيطان برسائل التطمينات للجانب الفلسطيني قبل عقد مؤتمر مدريد للسلام كتالي: "لا ينبغي لأي طرف أن يقوم بأفعال من جانب واحد بهدف البت المسبق في قضايا لا يمكن أن تحل الا من خلال المفاوضات وفي هذا الصدد عارضت الولايات المتحدة وستواصل معارضتها للنشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة في عام 1967 والذي يظل عقبة أمام السلام". وقد تم الاتفاق على ذلك باتفاق أوسلو من خلال البند 7 من المادة 31 كالتالي: "لن يقوم أي طرف بالبدء أو بأخذ أي خطوة يمكن أن تغير في وضع الضفة الغربية وقطاع غزة لحين التوصل الى نتائج مفاوضات الوضع الدائم" . هنا أيضاً يراه محمود عباس بصفته المهندس الرئيسي للاتفاق من الجانب الفلسطيني، بانه بند غير كافي ويقول "كنت اتمنى لو تمكنا من علاج قضية النمو الاستيطاني في أوسلو، كنت اتمنى لو توصلنا لصياغة واضحة تعلن وقف الاستيطان، لا أعرف اذا كنا سننجح في الأمر لو امتلكنا الإصرار على تحقيق ذلك ولو كنا هددنا بوقف كل شيء من أجل وقف النمو والتوسع في تهديد الأرض ..." ، يتبين هنا كم هو مجحف وضع قضية الاستيطان كقضية تفاوض ومساومة، فالاستيطان يمثل انتهاك لـ(اتفاقية لاهاي 1907) ، و(اتفاقية جنيف الرابعة 1949) ، ويمثل جريمة حرب وفق (ميثاق روما)، والجرائم لا يمكن ولا يجوز ان يتم وقفها بناء على اتفاق بين الجاني والمجني عليه، فمثلا لا يجوز ان يتم الاتفاق على وقف إسرائيل لاستهدافها الأطفال الفلسطينيين، ولا يصح القول ان استمرار قتل إسرائيل لأطفال فلسطينيين يعود لعدم وجود بند يوقف ذلك بالاتفاق الذي ينظم العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين. ولتجاوز هذا الاجحاف وغيره من القضايا، تم الاتفاق في أوسلو على انه "ليس في هذا الاتفاق ما يمس أو يستبق نتائج المفاوضات التي ستجري حول الوضع الدائم طبقا لإعلان المبادئ، ولا يعد أي من الطرفين بحكم دخوله في هذا الاتفاق متخليا أو متنازلا عن أي من حقوقه أو مطالباته أو مواقفه القائمة" . 
18- هل بقاء الوضع الفلسطيني على ما كان عليه افضل من عقد اتفاق اوسلو؟
هناك من يتكهن بان بقاء الوضع على ما كان عليه من حكم مباشر للاحتلال للمناطق المحتلة كان من الممكن ان يؤدي الى تورط اسرائيل بضم المناطق والسكان مما يؤدي الى الدولة الديمقراطية الواحدة وهو مكسب فلسطيني جيد. ولكنني لا اعتقد بان اسرائيل كانت ستعجز عن البحث عن حل آخر غير الضم فالانفصال عن غزة بشكل احادي مثلا كان وارد دائما في ذهن الاسرائيليين، واسرائيل منذ ان دعمت ظهور حركة حماس كحركة منافسة لمنظمة التحرير وهي تراهن على قيادة بديلة للشعب الفلسطيني او لجزء منه من أهم مميزاتها لإسرائيل بانها فاقدة للشرعية ولأي حقوق سياسية مكفولة بالقانون والشرعية الدولية، لذلك عدم عقد اتفاق اوسلو وتأسيس الكيان الفلسطيني الرسمي على الارض الفلسطينية ما كان ليؤدي الا لكيان او كيانات فلسطينية غير رسمية بدون أي حقوق سياسية كما هو نموذج غزة اليوم في ظل انقلاب وسيطرة حماس على الحكم الذاتي لغزة بدون أي حقوق سياسية او علاقات دولية رسمية وفعالة. 
وايضا بقاء منظمة التحرير في المهجر بدون عودتها وتمركزها داخل الوطن كان يهدد بتفككها وتلاشيها مما يؤدي الى فقدان عنوان الشعب الفلسطيني الذي يحافظ على هويته وحقوقه السياسية والوطنية، وخصوصا في حالة عربية مدمرة كما هو الحال اليوم. 
19- لو كان هناك اخطاء في بنية اتفاق اوسلو فما هو اكبر خطأ او ضعف ادى الى فشل الاتفاق؟
عملية تنظيم تسوية المنازعات حول تطبيق الاتفاق التي تمثلت في المادة 26 بعنوان "لجنة الارتباط الإسرائيلية – الفلسطينية المشتركة"، عمل لجان تسوية المنازعات، حيث تم الاتفاق على ان يكون التوصل الى القرارات بالاتفاق. يتضح هنا ان فض المنازعات سيكون خاضع لتوافق الطرفين فقط، دون امكانية وجود طرف تحكيم او طرف الزام ثالث، الا بموافقة الطرفين، مما يشير ذلك الى ضعف في إجراء هام ومفصلي من إجراءات تسوية المنازعات، ففي حال وقوع خلاف سيتيح ذلك الفرصة لتمترس كل طرف خلف رؤيته في تفسير نقطة الخلاف، وفي النهاية سيفرض الطرف الاقوى ارادته وهو الطرف الإسرائيلي في طبيعة الحال.
لذلك كان لابد من الاتفاق على طريقة لحل المنازعات من خلال التحكيم الدولي، أو الاحتكام لطرف ثالث متفق على اللجوء اليه بشكل اجباري. 
20- هل يمكن الغاء أوسلو؟
بالتأكيد يمكن لأي طرف من طرفي الاتفاق إلغاء الاتفاق كما نصت على ذلك اتفاقية فينا لقانون المعاهدات فهناك العديد من البنود التي توضح متى يمكن لاحد اطراف الاتفاق الغاءه ومن اهمها فيما يتعلق باتفاق اوسلو: البند الأول من المادة 60 لاتفاقية فينا لقانون المعاهدات: "الإخلال الجوهري بالمعاهدة الثنائية من قبل أحد أطرافها يخول الطرف الآخر الاحتجاج به كسبب لانقضائها أو لإيقاف العمل بها كلياً أو جزئياً". لذلك اخلال اسرائيل الجوهري باتفاق اوسلو يجيز لنا اقرار الغاءها ثم القيام بإجراءات الالغاء الرسمية. لكن مما يبدو ان طرفي الاتفاق لا يريدان اعلان الغاء الاتفاق لعدم توفر البديل الذي ينظم الحد الادنى المتبقي من العلاقة بين منظمة التحرير واسرائيل، تلك العلاقة التي من الصعب قطعها طالما هناك دولة فلسطينية بمؤسساتها موجودة على الارض الفلسطينية في ظل وجود الاحتلال. 

باحث في العلوم السياسية

التعليقات