مؤتمر باريس الدولي خطوة رائدة في مسار اللقاء الإنساني المشترك بين الأديان

مؤتمر باريس الدولي خطوة رائدة في مسار اللقاء الإنساني المشترك بين الأديان
رام الله - دنيا الوطن
ساهمت وتساهم المملكة العربية السعودية بأكبر قسط ممکن في الجهد العالمي المبذول من أجل محاربة خطاب الكراهية والتحريض على العنف ومكافحة التطرف والإرهاب إلى الحد أن أسلوبها وطريقتها المميزة بهذا الصدد إضافة إلى أنها حققت نجاحا کبيرا لا يمکن تجاهله أبدا، فإنها حظيت كتجربة مميزة وناجحة وفريدة من نوعها باهتمام دولي يجري الإشادة بها بصورة مستمرة، لکن الذي يلفت النظر أکثر هو أن المملکة العربية السعودية لم تکتف بمکافحة الكراهية والتطرف والإرهاب والعنف فقط، إنما ساهمت في إرساء دعائم جبهة فکرية ـ إنسانية ضد تلك الظاهرة المعادية للأديان وللإنسانية، وذلك من خلال الجهود المباركة للقادة الميامين للمملكة للتقارب بين الأديان.

عصر الملك سلمان وولي عهده يشهد قفزة رائدة في مجال تعزيز السلام المشترك بين الأديان

إن قادة المملكة العربية السعودية ولاسيما في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان إضافة إلى أنه وفي عهدهما حظيت القضايا المتعلقة بالأمتين الإسلامية والعربية اهتماما کبيرا من قبلهم، فإنهم قد خطوا خطوات جبارة ونوعية في المجالات الإنسانية والدولية أيضا، ومن الضروري أن نشير إلى أنه وبتوجيه من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، فقد تم قطع أشواط کبيرة في مجال تعزيز السلام المشترك بين الأديان والعمل الحثيث من ‌أجل الحوار والتقارب بين الأديان ونزع أسباب وعوامل الفرقة والاختلاف، بما جعل للمملکة مکانة وموقعا مميزا على الصعيد الدولي يشار له بأحرف من نور.

مؤتمر باريس الدولي للسلام يؤكد جهود سفير الإسلام د.العيسى في مساعيه المتواصلة في إطار دعم التعاون الإنساني وترسيخ مفاهيم السلام بين الأديان

إن الجهود والمساعي الحميدة المميزة للمملكة العربية السعودية في مجال الحث على تلاقح الحضارات والتعاون الإنساني والتأسيس لما فيه خير البشرية مستمرة ومتواصلة، يٶکد أن سعيها الإنساني والحضاري کالنبع الزلال الذي لاينضب، وإن الدعوة المباركة والكريمة التي تلقيناها من سفير السلام والإسلام معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى للمشاركة في “مؤتمر باريس الدولي السلام والتضامن “يهود-مسيحيون-مسلمون”. 

التزام مشترك بخدمة القضايا الإنسانية “، والذي يتناول العديد من القضايا المتصلة بالمشترك الإنساني في أبعاده الدينية والحضارية، يٶکد مرة أخرى هذه الحقيقة ويجسدها على أفضل مايکون.

 مؤتمر باريس استثنائي في مشاركيه ونتائجه

هذا المؤتمر الهام الذي سيتم عقده في 17 من سبتمبر بالعاصمة الفرنسية باريس، وبموجب جميع المؤشرات فإنه الأول من نوعه من حيث الاهتمام الاستثنائي به ولاسيما من حيث حضور علمائي وفکري دولي غير مسبوق يجمع أتباع الأديان الإبراهيمية خصوصا وأن هناك کوکبة من العلماء والمفکرين المميزين الذي سيتحفون هذا المٶتمر ويرفدونه بأفکار وطروحات عملية ومفيدة وجادة، والملاحظة الأهم هنا التي لابد من ذکرها، هو أن هذا المٶتمر الذي ينعقد في باريس يأتي في زمن الإسلاموفوبيا لکي يطمئن القلوب ويهدأ من روع النفوس ويبين الحقائق وکيف أن المتصيدين في المياه العکرة من الذين يصفهم القرآن الکريم”إشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا عن سبيله إنهم ساء ماکانوا يعملون” هم الذين يقفون وراء العمليات المشبوهة والنشاطات المتطرفة والإرهابية التي يعلم أهل الاختصاص قبل غيرهم براءة الإسلام والمسلمين منها، فالإسلام هو صاحب الخطاب الديني ـ الإنساني الشامل الوارد في الآية الکريمة:”قل يا أهل الکتاب تعالوا إلى کلمة سواء بيننا وبينکم ألا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون”، ولاريب من أن هذا المؤتمر سيثبت ويٶکد بأن الأديان جميعها وبشکل خاص الإسلام، بريئة من الدعوات والأفكار التي تدعو للتطرف والإرهاب والانعزال والانطوائية، فالأديان جميعها ولاسيما الإبراهيمية منها رسالتها خدمة الإنسان وخطابها عالمي تدعو للتسامح والمحبة والتآلف وقبول الآخر ونبذ أسباب التطرف والتعصب الأعمى.

مؤتمر باريس بداية تاريخ جديد يعزز رسالة الأديان في خدمة الإنسان

إن الانسانية التي واجهت في تاريخها حروبا ومآس دامية وللأسف البالغ کانت العديد منها بسبب الفهم غير المتکامل للأديان وعدم وجود فهم مشترك وتواصل عملي مباشر بين علماء الأديان المدرکين والواعين لحقيقة المهمة الشمولية للأديان، فقد أصبحت الأديان لفترات تاريخية سببا للنزاع والحروب والاضطهاد الديني، في حين أنها”أي الأديان”ضد الحروب وضد إراقة الدماء وتدعو إلى السلام والمحبة وحفظ الإنسان -خليفة الله- وعمارة الأرض، وإن هذا العصر لابد أن يصبح العصر الذي تشهد فيه الإنسانية إسدال الستار على الفهم الخاطئ للأديان ويتم التأسيس لمهمتها ودورها الحقيقي في العالم، أي الدعوة للتسامح والمحبة والتآلف والتعايش السلمي والقبول بالآخر كما هو وأن الأديان کلها قد جاءت من مصدر ولذلك فإنه من الضروري جدا أن تلتقي جميعها على منبر ومکان واحد؛ يهدف إلى خير وکرامة الإنسان والإنسانية والتأسيس لمستقبل يکفل الأمن والاستقرار والسلام في العالم کله، ولاريب من أن السلام والتقارب بين الأديان، من شأنه أن يٶسس لسلام حقيقي ويقطع الطريق على کل من تسول له نفسه من أجل توظيف واستخدام الدين کوسيلة وأداة من أجل إشعال الحروب.

لايوجد أي بديل للإنسانية ولأتباع الأديان المختلفة في العالم سوى الالتقاء وفهم وقبول الآخر وإن کل شيء أو أمر غير ذلك إنما هو سباحة ضد التيار والسعي لحصاد الريح، ذلك أن الإنسانية جمعاء قد نالت مانالت من مآسي ومصائب لاتعد ولاتحصى من جراء الاختلافات المصطنعة بين الأديان الناجمة أساسا عن الفهم القاصر لها، ونسأل الله عزوجل للمؤتمر وداعيه والمشاركين فيه النجاح والتوفيق لمافيه خير ومنفعة وصلاح للإنسانية جمعاء”وقل اعملوا فسيرى الله عملکم ورسوله والمٶمنون”.