فساد مدير عام الوزارة

بقلم رئيس التحرير: عبد الله عيسى
ربما لم يتوقف الكثير من الناس عند ما يقدمه الفنان السوري القدير ياسر العظمة، ولا سيما في حلقاته المسلسلة "مرايا" والذي يعتبر رائد الدراما السورية، وكان أول المبادرين لإنتاج هذه الحلقات، وحملت حلقات الفنان السوري العظمة انتقادات دائمة للمجتمع والدولة والحكومة، سواء السورية أو المجتمعات العربية، خاصة فيما يتعلق بالفساد، وركز انتقاده لأداء بعض المدراء العامين في سوريا، والوزراء وحتى مسؤولي الأمن.

وبيّن حالة المواطن السوري أو العربي، الذي يعيش تحت خط الفقر، ولعل أحد المشاهد في تمثيلية أو في حلقة من "مرايا" يتحدث فيها عن مواطن فقير معدم، يبحث عن وظيفة كي يعيش منها، فيذهب ويُقدم طلباً، ويخبره مكتب التوظيف في سوريا بأنه قد يحتاج للانتظار لسنوات، فيبحث عن واسطة توصله لأحد المسؤولين، فيجد نجاراً عمل في بيت مدير عام، فطلب منه توصية للمدير العام، وأخيراً استقبله المدير العام في حديقة منزله ليلاً، وهو يجلس مع بعض أصدقائه.

فأخذ المواطن يتحدث مع المدير العام عن مأساته والمدير العام يقهقه بشكل عال من الضحك باعتبار أنهم يرون أن ما يتحدث به المواطن نكت، حتى وقع المدير العام بكرسيه على الأرض، وهو يقهقه، وقال المدير العام للمواطن، ماذا تريد، فقال له إنني أبحث عن عمل فقال له ما رأيك أن تعمل لدينا هنا، تأتي لكي تحدثنا في سهرتنا بهذه النكت، فقال المواطن الغلبان: يا سيدي إنني لا أتحدث بنكت، وباستطاعتك أن تذهب لحارتنا وتجد أي مواطن يحدثك بأكثر مما تحدثت به من هموم، وتضحك كما تشاء بدون ما تدفع ليرة واحدة، أي بلا مقابل، وانصرف المواطن حزيناً، وهو يرى استهتار المدير العام ورفاقه، الذين اتخذوا من هموم هذا المواطن سخرية وضحكاً، ولم يشعروا بهمومه مطلقاً.

وعند متابعة مختلف حلقات "مرايا" نجد أنها تركزت بالحديث عن معظم المدراء العامين وفسادهم، واستهتارهم بالمواطنين، وتمتعهم بامتيازات عالية جداً مثل السيارات الفارهة والفلل والمزارع التي يمتلكونها في حين يعاني المواطن الأمرين.

إن الكم الهائل من المشاكل والهموم التي عرضتها حلقات "مرايا" منذ انطلاقها قبل نحو 20 عاماً، وحتى الآن، تحتاج لهيئات مكافحة الفساد، وقرارات جريئة من الدول لضبط الأمور، وعند ملاحظة الوضع القائم في الدول العربية أو في فلسطين، نجد أن الأمر لا يختلف كثيراً عما يتحدث به الفنان ياسر العظمة، فالفساد أصبح ظاهرة عامة في الدول العربية، وأصبح ما يُقال من الفساد، وما يُشهر قليل القليل، وتحول الفساد إلى امبراطورية لها مخالب.