مسرحية النمس.. تحولات مشهدية سريعة وإيقاع لعب يقطع الأنفاس

مسرحية النمس.. تحولات مشهدية سريعة وإيقاع لعب يقطع الأنفاس
رام الله - دنيا الوطن
في تجربته المسرحية  كمخرج، يذهب أمين ناسور إلى مغالقِ  التراث  المغربي   كفاتحٍ، وإلى أدغالهِ  كمستكشفٍ، يزيح عنه جُبَّتهُ  ويلبسهُ ما يليقُ به من لباس  العصر  ليصير مُكتملَ الأناقة والرشاقة. إنه يمتلك القدرة  على استقراء التراث  بعين الحاضر  دون أن  ُيفقده تاريخه وعمقه  .

في عرض النمس لفرقة المسرح المفتوح يؤكد أمين ناسور هذا المذهب  بتوظيفه  لفن الحلقة  في اشتغاله على نص  للكاتب  والسيناريست عبد الإله بنهدار  المأخوذ عن رواية هوت ماروك للإعلامي والكاتب ياسين عدنان. حيث  يأخذ فضاء  اللعب المسرحي شساعة  ساحة جامع الفنا   أفقيا  وعموديا،  ما دفع المتلقي إلى مراتع الأنبهار  والدهشة،  مترنحا  أمام سؤال:  كيف لهذا  الركح أن يستوعب  كل هذه  التحولات المشهدية السريعة وإيقاع اللعب  العالي ،  إلى درجة يكاد يتقطع معها نفسه .

إن أمين ناسور   المخرج يدرك جيدا أن  رؤيته  الإخراجية  لكي تكون بهذا التميز يجب أن تعتمد على أربع  عناصر أساسية:  أولا  نص مسرحي  متمنع وبقراءات  وتأويلات  متعددة .  (نص العوينة للمؤلف عبد الأله بنهدار الذي كرس مشروعه المسرحي الشجاع في اشتغاله على المتن الروائي المغربي بداية من رواية شجرة الخلاطة للميلودي شغموم  تلتها رواية  لعبة النسيان لمحمد برادة  وكلها قدمت على المسارح  المغربية. 

ثانيا الممثل  الذي يمتلك قدرات أدائية  عالية ورشاقة جسدية  وطاقة صوتية . ثالثأ العناصر  السينوغرافية.   فلابد هنا من سينوغراف  يتماهى  مع أمين ناسور  رؤيةً  وتكاملا  ومشتركَ الأحاسيس  والأفكار، رابعا الموسيقى، إذ لابد والحالة هذه، من موسيقيين وعازفين  بمهارات خاصة وأنامل من حرير. 

 في مسرحية النمس  تتكامل هذه العناصر بشكل ماتع  وتتوحد  توحُّدَ  المُريدِ  وتبتل  العاكف  في المحراب، فبدا العرض من أوله إلى آخره أشبه بقداس  روحاني، لان النص المتمنع  صار مبتهجا وهو يعري مساوئ  معضلة  العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي  .

 أما الممثلون  عبد الله ديدان، حسن مكيات، هاجر الشركي، عبد الله شيشة،  ومونية لمكيمل  فقد أمتعوا  وأبدعوا  على كل المستويات:  لعبا وأداء  ملفوظا  وحركة  وغناء  وتفاعلا  بين بعضهم من جهة  وبينهم وبين قطع السينوغرافيا   من جهة أخرى، في تكامل تام  .

وكانت السينوغرافيا  للمبدع طارق الربح في مسرحية النمس هي المحرك الأساس  لتواثر الحدث المسرحي، وساهمت في تشكلها المتنوع  وتحولها   السلس من  شكل إلى آخر، لقد كانت شخصية حية  بوظائف  جمالية متعددة .أما موسيقى   ياسر الترجماني   وشبوبة  التي متحت  من التراث الغنائي  المغربي في توزيع موسيقي فاتن، فقد    ذهبت بمباهج ومواجع العرض إلى حدودها القصوى، وكان لملابس  الفنانة سناء شدال  دور أساسي في التشكيل الجمالي للعرض.

 إن نجاح مسرحية  النمس بهذا الشكل  المبهر،  تحقق أيضا بتواجد فريق عمل  محترف ومتميز   من أعضائه  المخرج المساعد عزيز الخلوفي   الذي راكم تجربة مهمة كمخرج مساعد  مع مجموعة من المخرجين الكبار منهم عبد الصمد دينيا  ومسعود بوحسين. وعبد الرزاق  آيت باها  الذي أبدع في الإضاءة بتحولاتها وتعميقها  للحدث الدرامي.   ولمياء خربوش التي عملت على تهييء  كل الظروف المناسبة للعمل، إضافة  لمحمد المنور المكلف بالتوثيق   وخلية الصحافة والإعلام.

 يذكر أن مسرحية النمس  لفرقة المسرح المفتوح  أنتاج 2019  في إطار التوطين بالمركز الثقافي  القنيطرة بدعم من وزارة الثقافة والاتصال قطاع الثقافة  .