الأورومتوسطي: اعتقال الصحفية المغربية هاجر الريسوني يفتقر للأسس القانونية

رام الله - دنيا الوطن
يتابع المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بقلق بالغ قرار محكمة مغربية تمديد اعتقال الصحفية هاجر الريسوني وخطيبها حتى التاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري، على خلفية اتهامها بإجراء عملية إجهاض بإحدى العيادات الطبية الخاصة بالعاصمة الرباط.

وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيان اليوم إنّ المحاكمات التعسفية على خلفية تهم فضفاضة تشوّه الأفراد وتحد من حرية التعبير وتنتهك المعايير الأساسية لحقوق الإنسان، وأنه يأمل ألا يكون توقيف الصحفية الريسوني وخطيبها منذ يوم السبت الموافق 31 أغسطس/آب 2019 يأتي في هذ الإطار.  

وأضاف أنّ عملية توقيف الريسوني الصحفية في جريدة "أخبار اليوم" المغربية جرى من طرف ستة عناصر أمنية بزي مدني، في أحد شوارع حي أكدال في العاصمة الرباط دون إظهار مسوغ قانوني لعملية التوقيف وفق ما ذكر محامي الريسوني. وينص الدستور المغربي لعام 2011 الفصل 23 من الباب الثاني على أنه لا يجوز القبض على أحد إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون.

وذكر المرصد الحقوقي الدولي أن سبب اعتقال الريسوني بقي مجهولا في البداية، كما أن هيئة الدفاع مُنعت من الانفراد بموكلتها خلال الأيام الأولى من عملية التوقيف رغم مناشداتها المتكررة للسلطات المختصة بذلك.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ الريسوني وبعدما قضت مدة 48 ساعة في الحراسة النظرية (الحبس الاحتياطي)، مثلت برفقة خطيبها رفعت الآمين، وهو أستاذ جامعي، سوداني الجنسية، وطبيب متخصص في أمراض النساء والتوليد، ومساعد طبي، والطبيب، وكاتبته، أمام المحكمة، يوم الإثنين 2 سبتمبر/أيلول 2019، حيث وجه لهم القاضي لائحة التهم، وهي "الفساد، والإجهاض، والمشاركة في الإجهاض".

ويجرّم القانون الجنائي بالمغرب الإجهاض، ويقرّ عقوبات بحق مرتكبيه تصل إلى السجن، سواء في حق المرأة أو الطبيب الذي أجرى العملية، علماً بأن إحصاءات مغربية غير رسمية أشارت إلى أن حوالي 1400 عملية إجهاض سري في اليوم تتم في المغرب.
ووفق معلومات وثقها الأورومتوسطي فإنه لا أحد من المعتقلين الذين اقتيدوا إلى مقر ولاية الأمن في حي حسان بالرباط اعترف بالتهم المذكورة خلال عرضهم على النيابة (وكيل الملك) وأثناء مثولهم أمام قاضي المحكمة.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن الطبيب أبلغ قاضي المحكمة أنّ السيدة الريسوني حضرت لديه في حالة صحية خطيرة، إذ كانت تعاني نزيفًا حادًا، وتكبد في الدم، وكان لزامًا أن يجري لها تدخلًا جراحيًا عاجلًا لوقف النزيف.

وبيّن المرصد الحقوقي الدولي أن الرواية نفسها، أكدتها الريسوني عندما مثلت أمام وكيل الملك، وأيضاً أمام قاضي المحكمة، وأبلغتهم أنها امرأة متزوجة ورفعت الآمين هو زوجها، بحيث تمت قراءة الفاتحة ببيت أسرتها، وكانا يرتبان الإجراءات لتوثيق الزواج، إذ وضعا ملفهما لدى سفارة السودان، بحكم أن الأمر يتعلق بزواج مختلط.

وقال محامي الريسوني إنه أبلغ هيئة المحكمة أنّ موكلته لم يتم اعتقالها في عيادة الطبيب، وإنما في الشارع، إذ قام ستة عناصر بزي مدني كانوا يحملون كاميرات، بمحاصرتها أمام بناية في حي أكدال ومن ثم قاموا بإدخالها بالقوة إلى العمارة، ومنها إلى عيادة الطبيب حيث طلبوا من الكاتبة الاتصال بالطبيب، الذي كان خارج العيادة.

وقال دفاع الطبيب لقاضي المحكمة أيضاً إن تقريرا طبيا في الملف، أنجز للسيدة الريسوني، خلال فترة الحراسة النظرية (الحبس الاحتياطي)، في مستشفى السويسي في الرباط، أثبت أنها لم تتعرض لأي عملية إجهاض.

ويأتي اعتقال الصحفية الريسوني بعد عام ونصف من اعتقال ومحاكمة مدير نشر صحيفة "أخبار اليوم"، توفيق بوعشرين، إذ يحتجز في نظام عزلة تعسفي منذ أكثر من سنة وفق توثيق مؤسسات حقوقية مغربية محلية.

وإزاء ذلك، قال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "محمد عماد" إنه بغض النظر عن طبيعة الجريمة المزعومة، فإنّ لكل مُحتجز الحق في الدفاع عن نفسه، مشيرًا إلى أنّ لائحة التهم الموجهة للسيدة الريسوني فضفاضة وظروف محاكمتها على ما يبدو تفتقر إلى العدالة".
وأضاف الباحث القانوني أنّ الفرق شاسع بين النزيف الحاد وعملية الاجهاض خصوصاً وأن لا أحد من المعتقلين اعترف بالتهم المذكورة، لذلك فإن ملف القضية لا يتضمن أي دليل مادي ملموس على تهمة الإجهاض.

وأشار "عماد" إلى أن بعض القوانين في المغرب لا زالت تعمل على تأطير المجتمع وضبطه بأدوات تقليدية تجاوزها الواقع.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ الفصل 28 من الباب الثاني بالدستور المغربي أكد أن حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، لكنّ قضية اعتقال ومحاكمة الصحفية الريسوني يثبت عكس ذلك على ما يبدو.

وطالب الأورومتوسطي الملك محمد السادس بالعمل على حماية الدستور المغربي للعام 2011، والتصدي لكل المحاولات الرامية لتقييد حرية الرأي وتوقيف الصحفيين في البلاد من خلال اختلاق تهم فضفاضة وإقامة محاكمات تعسفية تنتهك المعايير الأساسية لحقوق الانسان.