السعودية والوطن البديل في الأردن

السعودية والوطن البديل في الأردن
بقلم عبد الله عيسى- رئيس التحرير

في سابقة تُعتبر الأولى من نوعها، نشر كاتب سعودي مقالاً في صحيفة إسرائيلية، يتحدث فيها عن دولة فلسطينية، وبأن مكان الدولة الفلسطينية الوحيد هو الأردن.

والحقيقة.. أنني أستغرب، أن يعود كاتب سعودي إلى هذه النغمة والأسطوانة المشروخة، ولا سيما أن إسرائيل نفسها قد توقفت منذ فترة طويلة عن الحديث عن هذا الموضوع، والشعب الفلسطيني، تصدى بقوة لـ (صفقة القرن)، والمشاريع المشبوهة لتصفية القضية، حتى إن الحديث عن الصفقة، أصبح خجولاً ولا تجرؤ دولة على الحديث عنها.

وهذا يعود لأسباب عديدة، أنه وخلال السنوات الماضية، جرت حروب كثيرة مع إسرائيل، وتسلحت الدول العربية بأحدث أنواع الأسلحة بالعالم، حتى إن إحصائية دولية، تتحدث على أن مصر أقوى دولة عسكرية في المنطقة، وتجاوزت قوتها تركيا وإسرائيل.

ويبلغ عدد الطائرات الحربية في سلاح الجو المصري أكثر من 1000 طائرة مثل (سوخوي 35)، و(ميغ 29) وغير ذلك، إضافة إلى الدفاعات الجوية مثل (اس 300) وغيرها، وبناء أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة.

وهذا ينطبق على دول المواجهة كلها، وغير دول المواجهة، حتى إن السعودية تمتلك ترسانة عسكرية مخيفة، لاسيما في عهد الأمير محمد بن سلمان، وتكرس حزب الله في لبنان كدولة مواجهة، وكذلك حماس في غزة، وأصبحت إسرائيل تخشى مواجهة حزب الله وحماس، كما تخشى مواجهة سوريا وإيران.

وتكونت في الأردن قوة عسكرية مُبهرة، حيث تميز الجيش الأردني بأنه أقل عدداً من جيوش أخرى، لكنه يتميز بالنوعية، وسبق له أن خاض معارك استبسل وانتصر فيها مثل معركة الكرامة 1968وحرب أكتوبر حيث شارك الجيش الأردني بلواء الأربعين، وتصدى بقوة للجيش الإسرائيلي ومنع تقدمه نحو دمشق. 

أي أن المقولات التي كان يرددها الإسرائيليون حول أن الجيش لا يقهر، وإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات أصبحت مقولات تافهة لا ينتبه لها أحد، ولم تبق إلا بعض الدول العربية هي من تعتقد أن الجيش الإسرائيلي هو من سيبقى.

ففي عام 2006 استطاع حزب الله، أن يضع معظم الشعب الإسرائيلي في الملاجئ لمدة شهر، وبعد الحرب قال زعيم عربي من دول المواجهة، لقد تبين أن إسرائيل أكذوبة، فإذا كان حزب الله، وهو مجرد حزب استطاع أن يفعل بإسرائيل كل هذا، فما بالك نحن كدول عربية لدينا أسلحة متميزة ومختلفة، ما الذي نستطيع أن نفعله أمام إسرائيل.

وإسرائيل تدرك هذا تماماً، ولم تعد تتبجح بذلك، حتى إن نتنياهو يقول: إن التفوق العددي العربي بالأسلحة، سيصبح تفوقاً نوعياً أمام إسرائيل.

والغريب أن بعض الدول العربية ما تزال تعتقد أن إسرائيل وجيشها لا يقهر، في حين أن الغالبية من الدول العربية، أصبحت تدرك أن إسرائيل أكذوبة، وعلى سبيل المثال، خاض الجيش المصري حرب أكتوبر المجيدة بـ 200 طائرة حربية فقط من أنواع قديمة من طائرات (سيخوي)، بينما يمتلك الآن 1000 طائرة، إضافة لقوة مصرية صاروخية هائلة، وهذا يعني أن القوة التي يُحتذى بها هي مصر بالمنطقة وليست إسرائيل، فكيف ستقوم عملياً بتوطين الفلسطينيين في الأردن، هذه أكذوبة أخرى لا تزال تُعشعش في بعض العقول العربية.

حتى إن الأردن لم يعد يلتفت لها، لا سيما بعد الاعتراف الدولي بالسلطة الوطنية في الأروقة الدولية، إضافة إلى الإمكانيات الأردنية التي ستتصدى لأي استهداف، وكما أن الشعب الفلسطيني، تصدى لـ (صفقة القرن)، سيخسر أمام إسرائيل لو فكر مجدداً بذات الأمر.

وكل ما أتمناه من السلطات السعودية، أن تغلق الباب أمام بعض الكتاب السعوديين والمدونين، ممن يسمون بالذباب الإلكتروني، كي لا يفسدوا معنويات الشعوب العربية بطروحات وكلام لا يليق بالسعودية وتاريخها الوطني أصلاً، وكلنا يعرف الدور الذي قامت به السعودية في حرب أكتوبر، عندما حظرت النفط على دول العالم التي تساند إسرائيل، واستشهد الملك فيصل -رحمه الله-، فداء للقدس، وهو الذي تمنى أن يصلي ركعتين بالمسجد الأقصى.

حتى إن كيسنجر وزير خارجية امريكا في عام 1973 قام بزيارة السعودية فاستقبله الملك فيصل، فقال كيسنجر، إن طائراتي تجسم في المطار بحاجة للوقود، هل يمكن أن تزودوها بالوقود وأدفع بالدولار، فقال الملك فيصل انظر إلي أنا كبرت بالسن، ولم أعد أريد من هذه الدنيا شيئاً سوى أمنية واحدة أن أصلى ركعتين بالأقصى، هل تستطيع أن تلبي لي هذه الأمنية فصمت كيسنجر، وسكت.

فهذه السعودية التي نعرفها بتاريخها الوطني المشرف على المستوى العربي والإسلامي والقضية الفلسطينية، وحتى إن بعض السعوديين الذين يتأملون من إسرائيل ذات يوم أن تتصدى لإيران فهذه أكذوبة أخرى لأن إسرائيل لم تجرؤ يوماً على أن تتصدى لإيران لأنها ُتدرك العواقب.

حتى إن أوباما قال بتصريح صحفي سابق عند مغادرته البيت الأبيض: إن نتنياهو يريد من أمريكا أن تضرب إيران، فلماذا لا يفعلها نتنياهو بنفسه، لأنه لا يجرؤ على ذلك، ونحن لا نريد أن نضرب إيران.

التعليقات