تَدَخّلٌ بينَ الإنسانِ ودِينِه

تَدَخّلٌ بينَ الإنسانِ ودِينِه
بقلم عبد الله عيسى- رئيس التحرير 

يُروى أن جحا، كان يدعو ربه فجر كل يوم في ساحة منزله بدعاء غريب، ويقول: "يارب ارزقني 100 دينار، وإذا كان المبلغ 99 ديناراً فلن أقبله"، وكان جاره يسمع هذا الدعاء الغريب، ففكر الجار وقال: "يا ترى هل سيقبل 99 ديناراً لو وجدها جحا أم لا؟"، فأمسك صرة من الدنانير بها 99 ديناراً، وقذف بها الجار عن السور إلى ساحة منزل جحا، وتناول جحا الصرة، وعد الدنانير فوجدها 99 دينارا، فأخذ الصرة وخبأها.

وفي اليوم التالي، جاء الجار إلى جحا، وقال له: "لقد رميت الليلة الماضية عن سور منزلك بصرة من الدنانير بها 99 ديناراً، وهي لي، فأعدها لي"، فقال جحا: "لم أر شيئاً ولم يصلني منك صرة من الدنانير إطلاقاً، فتجادل جحا مع جاره قليلاً، واتفق الاثنان على أن يذهبا إلى القاضي ليحكم بينهما، وجاء موعد الرحيل إلى البلدة، حيث يُوجد القاضي، فقال جحا لجاره، هل تريدني أن أذهب إلى القاضي بهذه الملابس الرثة، فأعرني من عندك بعض الملابس، حتى نذهب سوياً، فناوله الجار ملابس من عنده، ثم قال جحا، هل تريدني أن أذهب إلى القاضي بدون حمار، وأن تركب الحمار فكيف ذلك؟، فأعرني حماراً من عندك حتى نذهب، فأعاره الحمار، فتوجها إلى البلدة للقاضي، وهناك أنكر جحا تُهمة حصوله على 99 ديناراً من جاره، ثم قال للقاضي: إنه يدعي كل شيء أمتلكه، وبعد قليل سيزعم أني أرتدي ملابسه، فصاح الجار نعم إنه يرتدي ملابس من عندي، فقال جحا: يا سيدي سيدعي بعد قليل، أنه يمتلك الحمار الذي أربطه خارج المحكمة، فقال القاضي موجهاً حديثه إلى جار جحا: "كفاك كذباً".

وانصرف الرجلان وكان جار جحا غاضباً جداً لخسارته الدعوة، وعادا إلى القرية، وعندما وصل جحا أمام بيته خلع الملابس التي يرتديها، وأعطاها لجاره، وقال له: إن هذا الحمار حمارك فخذه، ودخل للمنزل، وجاء بـ 99 ديناراً وأعادها للرجل، وقال إن هذه أموالك التي رميتها لي، ولكن مرة أخرى لا تتدخل بيني وبين ربي، فيما أدعوه.

وهذه الحكاية الطريفة عن جحا، تنطبق على كثير من الناس، الذين يصرون على التدخل بين المرءِ ودِينه وعِلاقة الإنسانِ بربه. 

التعليقات