نحن "جزء" من المجتمع وأبنائه.. مؤسسة فلسطينية تُعنى بـ"المثليين" تكشف تفاصيل حادثة نابلس

نحن "جزء" من المجتمع وأبنائه.. مؤسسة فلسطينية تُعنى بـ"المثليين" تكشف تفاصيل حادثة نابلس
إحدى الفعاليات لمؤسسة القوس للتعددية الجندرية والجنسية
خاص دنيا الوطن-هيثم نبهان
حالة من الجدل الكبير، سادت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، على خلفية بيان للشرطة حول فعالية لإحدى التجمعات التي تعنى بـ "المثليين".

ويقول تجمع يطلق على نفسه "تعدد قوس" للتعددية الجنسية والجندرية، إنه بعدما أقام لقاءً بعنوان "هوامش" في مدينة نابلس، تعرّض لتهديدات بالقتل، فيما هاجم أحد المنتمين لهذا التجمع الشرطة الفلسطينية، متهماً إياها بالتحريض عليهم.

وكان الناطق باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات، أكد أن الشرطة، ستمنع أي نشاط لتجمع المثليين المسمى (قوس)، مؤكدة في نفس الوقت، بعدم علمها بإقامة أي مؤتمر لهذا التجمع في الأيام الماضية بمدينة نابلس تحت عنوان "هوامش".

وبيّن بأن مثل هذه النشاطات، تعتبر ضرباً ومساساً بالمثل والقيم العليا للمجتمع الفلسطيني، الذي حافظ عليها على مر التاريخ، وهي تصرفات لا تمت للأديان السماوية ولا للعادات والتقاليد الفلسطينية، وخاصة في مدينة نابلس التي تتميز بعاداتها وتقاليدها وتاريخها العريق وارتباطاتها العائلية، مؤكداً أن هناك جهات مشبوهة، تحاول خلق الفتنة والمساس بالسلم الأهلي للمجتمع الفلسطيني.

وأوضح، أن الشرطة لن تسمح بنزع الثقة بين المواطنين، وأنها ستعمل على ملاحقة القائمين على هذا التجمع، وتقدمهم إلى الجهات القضائية، حال إلقاء القبض عليهم، داعياً المواطنين للتواصل مع الشرطة، والإبلاغ عن أي شخص له علاقة بهذا التجمع مع ضمان سرية المعلومات التي سيقدمها للشرطة.

وفي حديث مع "دنيا الوطن"، أكد عمر الخطيب، من المركز الإعلامي لمؤسسة "القوس" للتعددية الجنسية والجندرية، "أننا نعمل في التعددية الجنسية والجندرية منذ فترة طويلة في مناطق كثيرة في فلسطين، ونحن في آخر ثلاث سنوات ننشر فعالياتنا التي حدثت والتي ستحدث".

وتابع: "نعمل في كثير من المناطق في فلسطين، في مناطق 48 و67 ورام الله ونابلس وحيفا ويافا، عقدنا لقاءً في الرابع من آب/أغسطس بعنوان "هوامش" في نابلس، ولم نعلن عن المكان بسبب ضمان سلامة المشاركين".

وقال: "حدث اللقاء كما عقدت لقاءات كثيرة، وتم الإعلان في موقعنا عن عقد اللقاء، كما تم الإعلان عن مخيم شبابي لمثليين ومثليات ومتحولين من المقرر أن يعقد آخر هذا الشهر، وليس له علاقة باللقاء الذي حدث في نابلس، ولم نعلن عن ذلك".

وتابع الخطيب: "ما حصل هو أن شخصين من نابلس، تمكنا من الحصول على صورة لإعلاني المخيم الشبابي واللقاء، وربطا بعضهما البعض، ثم "انفجرت الدنيا".

وأوضح العضو في المركز الإعلامي لمؤسسة "القوس": "تعرضنا لتهديدات بالقتل، والشرطة بدلاً من أن تقوم بتهدئة الأمور، أصدرت بياناً بأن هذه المجموعة تهدد السلم الأهلي، وأننا سنمنع نشاطاتهم، وساعدت في تأجيج العنف".

وفي سؤال حول الجرأة في طرح مثل هذه الفعاليات والإعلان عنها وسط مجتمع محافظ على العادات والتقاليد، قال الخطيب: "نحن من هذا المجتمع وأولاد هذا المجتمع، أنا من العيزرية من قرية بجانب القدس، ونحن لسنا خارج المجتمع، نعرف أن البيئة أحياناً تكون صعبة ومحافظة تقليدية، ولكن نحن نعمل منذ أكثر من 10 سنوات، ونعرف كيف نعمل".

وشدّد على أن الشيء الأهم أن يكون النقاش والحوار عن هذه القضايا، من دون عنف ومنع، وهذا المهم بالنسبة لنا وهدف وجود المؤسسة أن تفتح نقاشاً لهذه القضايا، نستطيع التفهم بشأن طبيعة هذه البيئة، وكل شيء نحصل عليه بالنقاش والحوار".

وحول عدد المثليين في المجتمع الفلسطيني، قال: "نحن لا نتخصص في تحديد أعداد نحن نعمل مع تجارب والتجارب الجنسية والجندرية مختلفة من شخص لآخر، ولا تقتصر على المثليين والمثليات والمجتمع أصلاً مركب جندرياً، وهدفنا أن نغير حالة العنف والإقصاء المجتمعي من ناحية المثليين.

وقال الخطيب: "مؤسسة "القوس" هي مؤسسة فلسطينية يوجد لديها 80 متطوعاً، بخلاف مئات الأشخاص الذي يعملون مع المؤسسة، من مؤسسات المجتمع المدني والمدارس والمراهقين"، كم قال.

وتابع: "نحن مستمرون في العمل الذي راكمناه، مؤسسة القوس كبيرة ولها قواعد شعبية كبيرة، وفي هذا الأسبوع رأينا الكثير من الإقصاء، لكن كان هناك تضامن من أشخاص مختلفين، وحتى لو لم يعلنوا دعمهم للتضامن، قالوا إن الإقصاء مرفوض، نوضح للناس نحن مستمرون في العمل، وسنكمل عملنا حتى يصبح المجتمع يقبل التعددية بكل أشكالها".

وتابع: "أي عنف أو إقصاء من جهات رسمية وشعبية غير مقبول ومرفوض ولا يساهم في أي حوار أو أي تقدم مجتمعي، وليس من المقبول من أي شخص أن يحرض أو يعبر عن أي تحريض يمكن أن يؤدي إلى العنف، وهؤلاء الأشخاص هم الذين يهددون السلم الأهلي، وأي شخص يتعرض للخطر خلال الأيام القادمة، يتحمل مسؤولية ذلك هؤلاء الأشخاص".

بدوره، يقول مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، شعوان جبارين في هذا الموضوع: إن الشيء الأساسي الذي يحكمنا في هذا الموضوع مبادئ حقوق الإنسان، أحدها الحفاظ على كرامة الناس وخصوصية الناس، ودور السلطة الرسمية هي حماية الناس من أي تعسف أو أي عنف أو تحريض أو تعنيف، هذا دور أي سلطة رسمية.

وأضاف: هذه الموضوعات موجودة في كل المجتمعات والمجتمع الفلسطيني، ليس خارج هذه الظاهرة، أو الممارسة، ولكن هذا الموضوع يحتاج الى نقاش مجتمعي علمي هادئ، لأن خلط الأوراق مشكلة كبيرة.

وتابع: في تقديري الشرطة ارتكبت خطأً بإصدار بيانها الذي فهم منه على أنه تحريض أو أنه ضوء أخضر للناس بأن تتصرف في هذا الأمر، وهذا خطير.

وأكد جبارين، يجب على الناس الإدراك بأن دولة فلسطين أخذت على عاتقها التزامات قانونية، بعد انضمامها للاتفاقيات الدولية، وهذه الالتزامات تنص على عدم التمييز والتحريض والكراهية والعنف.

وشدّد مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، على ضرورة أن يكون هناك عمل مؤسسي، في التعاطي مع هذه المسائل وهي بحاجة إلى الهدوء والنقاش من قبل الجميع، مشيراً إلى "أننا نعلم أن هذه الظاهرة موجودة والجميع يعلم ذلك، ولا يمكن أن نخبئ رؤوسنا في الرمل وهناك واجب على السلطة أن تحمي المجتمع من العنف والتحريض.

وفيما يتعلق بالانتقادات التي تواجهها مؤسسات حقوق الإنسان، بسبب دفاعها عن التجمعات والمؤسسات التي تعنى بالمثليين، قال جبارين: هذا الموضوع لا يحتاج إلى رد، لأن هذه المؤسسات موقفها معروف هناك مؤسسات محترمة وطنية عملها واضح هي من تحدد خطتها وليس الجهات الممولة.

وتابع: "حقوق الإنسان لا تتجزأ وليست اختيارية، وفي هذا الموضع حرية الإنسان ليس موضوعاً انتقائياً اختيارياً، نقبل المتحدثين بهذه اللغة، أن يتناقشوا بحوار لا تشارك به مؤسسات حقوق إنسان فقط بل تشمل السياسيين وأصحاب القرار والأكاديميين".

بدوره، يرى المحامي سمير دويكات، أن مصطلح "المثليين" مُجَمّل، ولكن الأصح هو مصطلحات "اللواط والسحاقيات"، مؤكداً أنه قبل أن يتم بحثه " قانونياً وإسلامياً ومرجعية دينية، هذه العلاقة بين المثليين لا توجد لها فائدة والأضرار التي تنتج عنها كبيرة.

وتابع في تصريحات خاصة لـ "دنيا الوطن": هذا الموضوع لا يتوافق مع القيم والمبادئ التي يتميز بها المجتمع الفلسطيني، ويهدف إلى تدمير الشباب.

وقال: هناك حالات فردية متخفية في فلسطين، ويجب معالجتها عن طريق تشكيل مركز متخصص من الشرطة والنيابة العامة والصحة والمرجعيات الدينية، ويجب متابعتها، ويجب أن تنتهي في مهدها، لأنه لا يوجد في هذه القضية وجهة نظر.

وشدّد دويكات على أن الشعب الفلسطيني ضد الظاهرة، لأن تربيته تتنافى مع هذا الموضوع، ولا يمكن السماح به بتاتاً، لافتاً إلى أن هناك ظروفاً اقتصادية وسياسية صعبة، سمحت لبعض الشباب أن تتوجه لهذه المواضيع، خاصة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا توجد لديها قيود.

وشدّد أيضاً على أن الشرطة يجب أن تكون قاسية لإنهاء أي ظاهرة "رغم أننا مع الحريات"، لكن هذه الظاهرة لا يمكن أن توصف بأنها "حرية".

التعليقات