لماذا أنهى الرئيس عباس خدمات كافة مستشاريه؟

لماذا أنهى الرئيس عباس خدمات كافة مستشاريه؟
خاص دنيا الوطن - أحمد العشي
اتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء اليوم الأحد، قرارين مهمين، الأول: يتمثل في إنهاء خدمات كافة مستشاريه، "بصفتهم الاستشارية" بصرف النظر عن مسمياتهم أو درجاتهم، وإلغاء العمل بالقرارات والعقود المتعلقة بهم، وإيقاف الحقوق والامتيازات المترتبة على وصفهم كمستشارين.

أما القرار الثاني: فيتمثل في إلزام رئيس وأعضاء الحكومة الـ 17 برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، بإعادة المبالغ التي كانوا قد تقاضوها عن الفترة التي سبقت تأشيرته الخاصة برواتبهم ومكافآتهم، على أن يدفع المبلغ المستحق عليهم دفعة واحدة، واستعادة المبالغ كافة التي تقاضونها كبدل إيجار، ممن لم يثبت استئجاره خلال نفس الفترة.

"دنيا الوطن"، استطلعت أراء بعض المحللين السياسيين، للتعرف على مدى أهمية وتبعات هذا القرار، وخرجت بالقرير التالي:

محمد هواش، المحلل السياسي، أكد أن قرار الرئيس، ربما يأتي في إطار تحصيل السلطة الوطنية الفلسطينية، الأموال التي صرفت من قبل أعضاء الحكومة السابقة، لافتاً إلى أن هناك قراراً من الرئاسة الفلسطينية باستعادة هذه الاموال، لأن الشعب الفلسطيني يعاني من أزمة مالية بسبب رفض استلام أموال المقاصة.

وقال: "ربما يكون لدى الرئيس عباس توجهات لتوسيع نهج المحاسبة والدقة، وتقليص النفقات غير الضرورية، تبدأ من الرئاسة، وتذهب إلى أبعد من ذلك، حيث إنه بدأ بالرئاسة؛ لكي يعطي مصداقية للتحرك باتجاه تقليص النفقات الفلسطينية".

وأضاف هواش: "ربما يكون الرئيس مقبل على سلسلة إجراءات تقشفية، لمواجهة التحديات التي تفرضها (صفقة القرن)، والتداعيات الميدانية لهذه الصفقة، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات السياسية والمالية والشعبية والكفاحية".

وفي السياق، أوضح المحلل السياسي، أن عدد المستشارين الذي يعملون قلة، ولكن مؤسسات سيادية تعمل، وبالتالي فإن بإمكان أخذ المشورة من المؤسسات الرسمية مثل اللجنة التنفيذية، وبالتالي يستطيع الرئيس الحصول على الاستشارات من كل أعضاء المؤسسة الفلسطينية الحاكمة والقيادة، بدون مستحقات أو عقود مالية تثقل على الميزانية الفلسطينية في هذه الظروف الصعبة.

بدوره، أكد الدكتور عماد أبو رحمة، المحلل السياسي، أن تبرير قرار الرئيس سيكون مرتبطاً بالأزمة المالية التي تعيشها السلطة الفلسطينية، خاصة في ظل قرصنة الاحتلال الإسرائيلي على أموال المقاصة.

وبين أبو رحمة، أن قرار الرئيس بإنهاء خدمات كافة مستشاريه، اقترن بقرار إلزام جميع وزراء حكومة رامي الحمد الله بإعادة الأموال المستحقة عليهم، لافتاً إلى أن هذا الاعتبار أساسي.

وقال: "الامر قد يكون مرتبطاً بأداء المستشارين، وعدم إنتاجيتهم في ظل تضخم الموازنات التي تصرف عليهم، سواء رواتب أو النثريات أو السفريات، حيث إن واقع السلطة الفلسطينية، ينطوي على مصاريف متضخمة".

وأضاف: "لا أعتقد أن هناك رئيساً يعمل بدون مستشارين، ولكن أتمنى أن يكون هذا القرار هو مراجعة للتجربة السابقة، ومن ثم يتم إعادة النظر في آلية توظيف المستشارين، بحيث يتم ضبط عددهم، وطريقة اختيارهم بناءً على الكفاءة والمؤهلات وفق الضرورة والحاجة، وليس من باب الاسترضاء، حيث إن هناك الكثير من المستشارين، ولكن لا ينطبق عليهم هذا الوصف، وليس لديهم أي دور أو وظيفة، بالمقابل يستهلكون الكثير من المصاريف".

الكتاب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، رأى أن مثل هذه القرارات، تأتي في إطار رؤية لدى الرئيس عباس بإجراء بعض الإصلاحات؛ بهدف تعزيز سلطة رئيس الحكومة الفلسطينية الدكتور محمد اشتية، ومعالجة كل القضايا الإدارية والمالية، لإجراء بعض الإصلاحات.

واستبعد أن يكون هذا القرار صادر من توجه سياسي، وإنما لتعزيز سلطة رئيس الوزراء، والحد من بعض التدخلات في مهام بعض المستشارين التي تتعارض مع الوزراء في حكومة اشتية.

وفي السياق، قال الغريب: "الواضح أن هذا القرار يصب في إطار الحد من المصروفات، ومن الممكن أن يعكس حقيقة الأزمة المالية التي تمر بها السلطة، جراء وقف استلام عائدات الضرائب، وبالتالي هذه المعالجات ربما يكون لها أهداف في إطار ترشيد المصروفات، ومعالجة بعض قضايا الفساد التي ظهرت على السطح من قبل بعض الوزراء السابقين في حكومة الحمد الله".

وأضاف: "بعض الوزراء في حكومة الحمد الله، ثبت أنهم كانوا يتقاضون أموال بدل الإيجار ولم يكونوا مستأجرين، وبالتالي يأتي قرار الرئيس في إطار المعالجة المالية، وتصويب بعض السلوكيات والفساد، وبالتالي واقع الأزمة التي تعيشها السلطة يدفعها لفتح بعض الملفات القديمة؛ في إطار المعالجة اللاحقة".

ورأى الغريب، أن قرار الرئيس ربما يعزز أهمية دور المؤسسات تجاه فقدان السلطة التشريعية التي تمثل الرقابة على الحكومة، وهذا يعود بسبب تعطيل المجلس التشريعي.

وقال: "في حال كان هناك مجلس تشريعي يراقب الحكومة، لربما كان الوضع يختلف عن الوضع الحالي، كما أن الواضح أن كل القرارات التي تصدر عبر الرئيس عباس، تعكس مدى التحكم في كل شيء بالضفة الغربية، وبالتالي فإن الرئيس، عزز سلطة الرئاسة، وهمش باقي السلطات".

التعليقات