"العمليات المشتركة" هل تعود من جديد.. وماذا لو اشتركت كتائب شهداء الأقصى؟

"العمليات المشتركة" هل تعود من جديد.. وماذا لو اشتركت كتائب شهداء الأقصى؟
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
شهدت الساحة الفلسطينية، في بدايات الألفية الجارية، العديد من محطات الكفاح الفلسطيني المُسلح، من خلال عمليات نوعية نفذتها فصائل المقاومة، بشكل منفرد، أو مشترك.

كانت أبرز العمليات المشتركة، في 14 آذار/ مارس 2002، حيث قُتل ثلاثة إسرائيليين، وأصيب اثنان، في انفجار عبوة لدى مرور قافلة قرب مستوطنة (نتساريم) جنوبي مدينة غزة. 

وكانت القافلة تضم سيارات عسكرية، تواكب سيارات لمستوطنين يهود، وقد أعلنت ألوية صلاح الدين التابعة للجان المقاومة، وكتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح المسؤولية المشتركة عن العملية.

وفي العام 2003، حيث أعلنت حركتا الجهاد الإسلامي وحماس مسؤوليتيهما عن العملية التي وقعت في حافلة ركاب في القدس، وأسفرت عن مقتل 20 إسرائيليًا وجرح نحو 120 آخرين، ونفذ العملية، رائد مسك.

ويوم 14 كانون الثاني/ يناير 2004: نفذت ريم الرياشي، عملية عند معبر بيت حانون/ إيرز، أدت لمقتل أربعة إسرائيليين، وجرح 10 على الأقل، وأعلنت كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، في بيان مشترك أنهما نفذتا بشكل مشترك العملية.

وفي 14 آذار/ مارس 2004، تبنت شهداء الأقصى والقسام، في بيان مشترك، عملية ميناء أسدود، حيث خرج نبيل مسعود، ومحمود سالم، من قطاع غزة، لتفجير ميناء أسدود، وأعلنت حركة فتح، آنذاك، أن العملية أوقعت 13 قتيلًا، ورد الجيش الإسرائيلي بعد أسبوع واحد، باغتيال الشيخ أحمد ياسين، من ثم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

وفي تلك الفترة، شهد قطاع غزة، أوسع حملة اغتيالات وقصف للمقرات والمواقع والمؤسسات التابعة لحركتي فتح وحماس.

هذه العمليات، ليست على سبيل الحصر، لأن الحديث عنها يطول، وبعضها غير مُعلن، إضافة لذلك فإن العديد من منفذي العمليات لم يكونوا مُؤطرين داخل فصائل مُقاوِمة.

بالأمس، شهدت الحدود الشرقية لقطاع غزة، عملية مُشتركة، بين ثلاثة شبان من شمال القطاع، وهم: محمد الترامسي من حركة فتح، ومحمد أبو ناموس من حركة حماس، ومحمود الولايدة من حركة الجهاد الإسلامي.

مصادر قيادية، أكدت لـ"دنيا الوطن"، أن الشهداء الثلاثة هم أصدقاء، وقرروا تنفيذ عملية مشتركة، بعيدًا عن أي تنظيم عسكري، رغم ميولهم لثلاثة فصائل فلسطينية.

وتبنّت بشكل رسمي، حركة فتح- إقليم شمال غزة، الشهيد محمد الترامسي، حيث أنه ينتمي للحركة التي نعته.

وقال بيان الحركة: "إن حركة فتح أمام هذا العمل الفدائي لتؤكد بأن الشهداء برهنوا على أن الطريق إلى فلسطين لن يمر إلا من خلال الوحدة والتماسك، وصلابة الموقف وسلامة الجبهة الوطنية، وأن ما يجمعه دم الشهداء لن تفرقه أي إغراءات أو منافع زائلة".

العملية المشتركة، طرح العديد من التساؤلات المُهمة في الوقت الحالي، وهي: هل خروج الشبان الثلاثة بشكل عفوي، يُمكنه أن يُعيد العمليات المشتركة، وتحديدًا عمليات الاقتحام، والتي كانت حركة فتح عمودها الفقري؟

إضافة لذلك، هل نشهد عودة كتائب شهداء الأقصى إلى الميدان العسكري، بعد قرار تجميدها في العام 2007، خصوصًا وأن الشهيد الترامسي ينتمي لحركة فتح، وتبنته الحركة بشكل رسمي؟

وطالب عضو المجلس الثوري لحركة فتح، حاتم عبد القادر، بعودة عمل كتائب شهداء الأقصى للعمل العسكري، بالشكل الذي نشطت فيه قبل 12 عامًا.

وقال عبد القادر لـ"دنيا الوطن": إن عودة عمل كتائب شهداء الأقصى مطلوب في هذه اللحظات، مشيرًا إلى أن الكتائب كانت تُمثل حالة عسكرية ونضالية في أوساط الشعب الفلسطيني، وآلمت الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، لذا فإن عودتها أمر مُلِح الآن.

وأكد أن طابع العمل في قطاع غزة، هو عسكري بامتياز، وهذا الأمر يتطلب عودة حركة فتح بشكل رسمي العودة إلى خيار الكفاح المسلح، وهذا ما ترجمه مؤخرًا الشهيد محمد الترامسي، الذي نعته فتح، بعد أن نفذ عملية مشتركة مع اثنين من الشهداء ينتمون لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.

 وأشار إلى وجود عناصر عسكرية لفتح في قطاع غزة، تحمل اسم كتائب شهداء الأقصى، ولكن تحتاج تلك الأذرع للعمل تحت لواء موحد، وليس لواءات مُتفرقة، لافتًا إلى أن العمل العسكري يجب أن يكون مُنظمًا ومُقننًا وفق الظروف؛ حتى لا يصبح عبثًا عسكريًا.

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي، خالد صادق، أن عودة العمليات المشتركة بين الفصائل الفلسطينية، بمثابة العودة إلى الطريق الصحيح، الذي يُمكن أن يُوحد الفلسطينيين.

وقال صادق لـ"دنيا الوطن": إنه ثبت بأن الدم والعمليات العسكرية كانت تُمثل جزءًا مُهمًا في توحيد الشعب الفلسطيني، عبر فصول الصراع، مشيرًا إلى أن توجه ثلاثة شبان من فصائل فلسطينية مُختلفة، هو رد طبيعي على كل محاولات إشعال الانقسام والفتنة في صفوف الشعب الفلسطيني.

وأوضح أن الرسالة الأهم في هذه العملية، هي أنه رغم استمرار الانقسام، وفشل السياسيين في التوصل لإنهاء هذه الحقبة السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني، الميدان استطاع أن يفعل ذلك، باختلاط دماء هؤلاء الشبان، متابعًا: "الفرصة ذهبية الآن كي تستغل الحركتان "فتح وحماس" الحالة الموحدة؛ إضافة  للمخططات الأمريكية والإسرائيلية، من أجل بتر الانقسام، وتجسيد المصالحة الفلسطينية على الأرض".

واستدرك صادق بالقول: "رغم كل تلك الأمنيات، فإن الأمور لا تزال صعبة في ظل وجود عقبات وفجوات بين الطرفين، لذا فإن هذا الوضع يضع على الفصائل الأخرى، ضغوطات أكبر كي تأخذ طرفي الانقسام نحو المصالحة الفعلية، وهذا ممكن".

ومن ناحية عسكرية، أكد الكاتب والمحلل السياسي، يونس الزريعي، أن العملية المشتركة لو كانت بموجب أمر تنظيمي؛ لكان رأينا أنها عملية ناجحة وكبيرة، وأوقعت في صفوف الإسرائيليين القتلى والجرحى، ولربما الأسرى.

وأضاف الزريعي لـ"دنيا الوطن"، أن نسبة الفشل في العمليات المُنظمة قد تكون صفراً، لأن الرصد والدراسة والتخطيط وتحديد الهدف والتنفيذ، تكون على أعلى مستوى، بينما على النقيض لو كانت العملية "ارتجالية" فإنها قد تكون عُرضة للفشل بشكل كبير، متابعًا: كل العمليات الأخيرة التي وقعت شرقي قطاع غزة، عمليات مُخطط لها على المستوى الفردي، وهذا كان واضحًا جليًا، بالتالي لم تُحقق هدفها الأهم، وهو قتل وإصابة الإسرائيليين.

وأشار إلى أنه اذا ما استمرت العمليات الفردية، فإنها ستجر الفصائل لعمليات عسكرية منظمة، لأن تلك الفصائل ستُذعن في النهاية لدعوات عناصرها اللذين لا يقبلون باستمرار الوضع الراهن، كما أن هذا الأمر يضع حركة حماس في وضع صعب؛ لأنها ستكون في واجهة المدفع أمام الشعب بغزة، بما أنها المتحكم الفعلي بالقطاع.

وفيما يخص كتائب شهداء الأقصى، أكد الزريعي، أن بعض عناصر حركة فتح، قد يُنفذ مثل هذه العمليات في الفترة المقبلة، لكن لن يكون هنالك أي تبنّي كما كان في السابق، وبالتالي قد تقول فتح إن هذا الشهيد ينتمي لها، كما لن يتم إعادة كتائب الأقصى الرسمية، للعمل العسكري.

ولفت إلى أنه في المقابل لن يتم إدانة أي عمل عسكري من قبل حركة فتح، أو الرئيس محمود عباس، على الرغم من الاعتبارات السياسية للسلطة الفلسطينية، ولهجتها التي تخاطب بها العالم، مع العلم أن المجتمع الدولي لا يُدين أي عمل عسكري ضد الاحتلال.

التعليقات